من بين ما يميز صيف الجزائريين السهرات التي تستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، والتي يقضيها بعض الشباب العاطل أو ذلك الذي يعمل لكنه في عطلة، أو حتى الطلبة وتلاميذ المدارس والذين نالوا عطلهم الصيفية واستطاعوا بذلك التمتع بقسط من الراحة، فيستغلون ساعات النهار في البحر والرحلات الكثيرة، أمّا الليل فيخصصونه عادة للسهرات، والتي وإن كانت متعة لهم، فإنها عادة ما تكون مزعجة للبعض. الكثير من الأشخاص يشتكون من جيرانهم الذين يسهرون حتى الصباح، ويبقون طيلة الليل إما في الشارع أو حتى في ديارهم، بين موسيقى وصراخ وعبث لا ينتهي، والضحية الأولى الجار الذي يخلد إلى النوم، أو الذي يحاول أن يخلد إلى النوم، لكنه لا يستطيع لأن الأصوات الكثيرة التي يصدرها جيرانه تصله حتى وسادته وتجعله وفوق ذلك الإزعاج يغضب من قلة احترام جيرانه، رغم أنهم متأكدون من أنهم يسببون إزعاجا مستمرا للجيران المساكين، وقد تحدث عدة اشتباكات بين الجيران بسبب تلك الأصوات، يحكي لنا نادر يقول إنه ومن كثرة ما يحدث جيرانه إزعاجا في الليل، وبعد أن يئس من إقناعهم صار يزعجهم في النهار، حيث أنه يعلم أنّ جاره قد استبدل ليله بنهاره، ولهذا فضل أن يزعجه في النهار كما يفعل معه في الليل، وتدريجيا، يقول لنا نادر، فهم جاره نفسه، وأصبح يخفض من صوت الموسيقى الصاخبة التي اعتاد أن يقضي عليها سهراته. أمّا نبيل فقال لنا من جهته إن أمر جارته صار لا يطاق خاصة بعد أن أصبحت تستدعي صديقاتها للمبيت معها في الشقة التي تسكنها لوحدها بعد وفاة زوجها، ومع قدوم كل صيف تصبح شقة المرأة ملهى، وقاعة موسيقى ورقص، حيث يسمع نبيل خاصة وأنه يسكن أسفل شقتها الأغاني التي لا تنقطع لحظة واحدة من بيتها، وقد تحدث إليها في مرات عديدة، لكنها، يقول لنا، لا تستمع إليه، ومع ذلك فلم يشأ نادر أن يشتكيها إلى الشرطة، وفضل أن ينتظر اللحظة التي تقدم فيها أمها لزيارتها لكي يحادثها علها تستطيع إقناعها، وبالفعل فقد صارت الفتاة أكثر تعقلا من ذي قبل. وإن كانت بعض تلك الحوادث تنتهي على خير، وباتفاق الجميع، فإن أخرى قد تنتهي بمشاحنات وشجارات لا بداية ولا نهاية لها، وهو ما حصل في حي من أحياء باب الواد، حيث كان بعض الشبان يلعبون »الدومينو« في ساعة متأخرة من الليل، وكانوا يصرخون ويسببون إزعاجا لجميع السكان، ما جعل أحد المواطنين يخرج لنهرهم لكن هؤلاء الشباب لم ينتهروا، بل بالعكس من ذلك شددوا من لهجتهم، ما جعل أصحاب الدومينو والشاب وسكان عمارته يدخلون في مشاجرات عنيفة انتهت بأن أخرج بعضهم السكاكين، وبقت الأحقاد رغم انتهاء كلّ المشكلة.