دفعت درجات الحرارة المرتفعة التي اجتاحت العاصمة مؤخرا العائلات الجزائرية إلى الخروج لشواطئ البحر خاصة ليلا، حيث تجد النسوة خلوتهن للسباحة في حرية، في حين يفضل الأطفال الاستمتاع باللعب على الشاطئ وتناول المثلجات، أما الشباب فقد اختاروا التنقل إلى مختلف قاعات المسرح والمساحات الثقافية التي تحتضن فعاليات نشاطات المهرجان الثقافي الإفريقي للاستمتاع بما يعرض، واكتشاف التقاليد الإفريقية العريقة التي تختلف من منطقة إلى أخرى لكنها تلتقي في بعض الطبوع الغنائية وفنون الرقص. ساهمت التظاهرات الثقافية التي تتزامن مع المهرجان الإفريقي الذي تحتضنه مختلف قاعات المسرح ومساحات الهواء الطلق بالعاصمة في خروج العاصميين بالآلاف في الفترات الليلية هروبا من ارتفاع درجات الحرارة التي تميز يوميات العاصميين، فلا تخلو الشوارع والشواطئ من المارة مباشرة بعد صلاة العشاء، حيث تعودت النسوة الخروج إلى شواطئ البحر ليلا للاستمتاع والسباحة على ضوء القمر بعيدا عن ضجيج النهار، في حين يفضل الأطفال مرافقة أمهاتهم للعب وتناول المثلجات، وهو ما يدخل في يوميات العطل الصيفية للعديد من العاصميين ممن لم يحالفهم الحظ هذه السنة في تأجير شاليهات على شاطئ البحر. وقد تحولت الشواطئ إلى متنفس للعائلات ممن تهوى السهر والسمر، خاصة وأن درجات الحرارة مرتفعة في الفترة الأخيرة، وهو ما دفع بالعاصميات للخروج في" قوافل " بحثا عن الانتعاش خارج البيت لكسرالروتين اليومي، وتجتمع النساء في حلقات قرب الشواطئ وقاعات الشاي المطلة على البحر للاستمتاع بنسيم الليل والبحر، وهناك من تفضلن السباحة مستغلات في ذلك الليل بعيدا عن الأنظار، في حين تفضل عدد من النسوة الجلوس عند الشاطئ لسويعات قبل أن تعدن أدراجهن، فاسحات المجال للشباب الذين وجدوا هم الآخرون متنفسا لهم بهذه الشواطئ، إذ يجلسون على طاولات "الدومينو" ويلعبون الورق لساعات قد تصل إلى الفجر. النساء والأطفال يهربون من الحر إلى الشواطئ الزيارة الأولى التي قادتنا لهذه الشواطئ انطلقت من شاطئ "الكيتاني" الذي تعود على احتضان نساء بلدية باب الوادي منذ قرابة سنتين، حيث سمحت أشغال التهيئة الأخيرة وعودة الأمن بخروج العائلات ليلا إلى الشاطئ، وبعين المكان كانت لنا فرصة الحديث مع بعضهن، وهن جارات بإحدى العمارات المقابلة للشاطئ، حيث تعودن في العطل الصيفية الاتفاق مسبقا للخروج إلى الشاطئ، وتقول إحدى السيدات إن زوجها يكون مطمئنا عليها عندما تخرج مع جاراتها، حيث تحضر كل واحدة منهن بعض المأكولات والحلويات، ثم تجلسن في حلقات لتبادل أطراف الحديث، ولم تخف محدثتنا أن هناك حتى من تستغل هذه الفرصة لدعوة الجارات لحضور الأفراح والولائم التي تميز شهر الصيف. تركنا الشاطئ وتوجهنا إلى بلدية زرالدة المشهورة بشواطئها العائلية، حيث كانت الطريق مكتظة عن آخرها بطوابير السيارات، وهناك كانت العائلات تفضل السير على مقربة من الشاطئ وتتناول المثلجات، حيث تنتعش سنويا في الصيف تجارة العديد من الأكشاك القريبة من الشاطئ، وبعين المكان صرح لنا صاحب إحدى هذه المحلات بأن انتعاش النشاط يكون في أوجه خلال فصل الصيف، وبالنسبة لهذه السنة خاصة مع تزامن المهرجان الإفريقي، وهو ما زاد من نسبة الإقبال عليهم سواء من العائلات الجزائرية أو الوفود الأجنبية التي تكتشف جمال الجزائر وسحرها خلال فصل الصيف. ويبقى المركب السياحي لسيدي فرج القبلة المفضلة للعائلات العاصمية التي تجد كل ظروف الراحة والأمن، بالإضافة إلى عدة خدمات ترفيهية من زيارات بحرية على متن القوارب والمطاعم وقاعات الشاي، الميناء من جهته أصبح مقصدا لكل زوار المركب الذين يفضلون الجلوس على إحدى الصخور والاستمتاع بنسيم البحر، في حين يجد تجار المنتوجات الحرفية فرصة لبيع منتوجاتهم للسواح من مختلف الجنسيات، لتبقى الحركة دؤوبة بالمركب لساعات متأخرة من الليل، وهناك من تسمح له الظروف باقتناء تذاكر والسهر بمسرح الهواء الطلق الذي يستقبل عدة عروض فنية في كل ليلة، والبقية يفضلون الجلوس بالمساحات الخضراء المقابلة للمسرح للاستمتاع بالأغاني المنبعثة منه. وإذا ابتعدنا عن سيدي فرج نجد طوابير أخرى من السيارات عند مدخل بلدية دواودة البحرية التي أصبحت تشتهر بالمثلجات و"الشواء"، فهناك من العائلات التي تفضل تناول العشاء خلال فصل الصيف خارج مساكنها، لتكون دواودة قبلتها المفضلة بالنظر إلى نوعية الخدمات والمعروضات، وبعين المكان تقربنا من إحدى العائلات التي أكدت لنا أنها متعودة على المكان، حيث لا تجد صعوبة في ركن السيارة، وصاحب المحل أصبح أحد أصدقاء العائلة التي تعودت عليه منذ عدة سنوات، من جهته أكد صاحب المحل أن نشاطه يعود لأكثر من أربع سنوات ربط خلالها علاقات طيبة مع زبائنه الذين يحاول دوما إرضاءهم من خلال الخدمات الموفرة، سواء من حيث الإطعام أو المثلجات. الشباب يستمتعون بسهرات المهرجان الثقافي الإفريقي الشباب من جهتهم استحسنوا الفضاءات التي فتحت عبر مختلف الحدائق العمومية وبعض الشواطئ التي تحتضن منذ مدة فعاليات المهرجان الثقافي الإفريقي، حيث يتم يوميا تسطير برنامج ثقافي ثري يحمل مجموعة من العروض الفلكلورية المميزة لكل دول إفريقيا، وهي السهرات التي تستمر لساعات متقدمة من الليل قبل أن يعود الشباب أدراجهم إلى الشواطئ وقاعات الشاي لإنهاء سهراتهم في تجمعات شبانية تنتهي مع بزوغ فجر يوم جديد. تقربنا من بعض الشباب الذين أكدوا لنا أنهم من السكان المجاورين، ويعتبرون البحر الأنيس الوحيد لهم طوال أيام السنة، يزورونه كلما سمحت لهم الفرصة والظروف الجوية، سواء للسباحة أو الصيد أو حتى الجلوس قرب الشاطئ لتبادل أطراف الحديث، والمشاركة في ألعاب ترفيهية من ابتكارهم، أما بخصوص العروض الفنية التي تحتضنها عدة مساحات بالعاصمة والبلديات المجاورة، فتعتبر متنفسا جديدا لهؤلاء الشباب ممن تعذر عليهم قضاء عطلهم الصيفية بالمنتجعات السياحية، وفي نفس الشأن يقول طارق إن طبيعة عمله لم تساعده على الاستمتاع بالعطلة الصيفية، لكن التظاهرات الفنية المميزة للعاصمة في الفترة الأخيرة سمحت له بكسر الروتين، حيث يختار كل ليلة مع أصدقائه مكانا لقضاء سهراتهم من خلال الاطلاع على البرامج الفنية، وهو ما سمح لهم باكتشاف عدة طبوع غنائية إفريقية. من جهته أكد رب عائلة كان رفقة أبنائه بساحة البريد المركزي أنه في السابق كان يجد صعوبة في اختيار المكان الذي يفضله أبناؤه للتنزه خاصة في الليل، لكنه بعد اكتشاف ما يقدمه المسرح الذي نصب بالهواء الطلق تزامنا مع المهرجان الإفريقي، أصبح يقترح يوميا على أطفاله مرافقته للخروج في نزهات ليلية، يتم الجمع فيها بين الاستماع والراحة واكتشاف ثقافات دول أخرى، خاصة بعد أن أبدى الأطفال اهتماما كبيرا بالأمر، حيث يتابعون يوميا البرنامح المقترح وينتظرون بشغف كبير الحضور في كل ليلة للمسرح.