تزامنا مع الاحتفالات بالذكرى ال 48 المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب، انطلقت فعاليات الطبعة الثالثة من المهرجان الوطني لمسرح الطفل تحت الرّعاية السامية لوزيرة الثقافة السيّدة خليدة تومي وإشراف السيّد مبروك بليوز والي ولاية خنشلة، والذي أعطى الإشارة الرّسمية لبداية العروض بحضور السلطات المدنية والعسكرية للولاية وكذا نواب مجلسي الأمّة والبرلمان وممثّل عن وزيرة الثقافة، بالإضافة إلى الجماهير الغفيرة التي غصّت بها قاعة السينماتيك بمدينة خنشلة، والتي تفتح لأوّل مرّة بالمناسبة. الافتتاح شهد عرضا مميّزا للفرق ال 14المشاركة في المهرجان منتقاة من أصل 54 فرقة قدّمت كلّها عروضا للمشاركة في المسابقة، فضلا عن فرقتين مسرحيتين قادمتين من دولتين شقيقتين هما فلسطين وسوريا. تتنافس هذه الفرق على المراتب الثلاث الأولى، والتي خصّصت لها جوائز قيّمة هي جائزة القناع الذهبي بقيمة 35 مليون سنتيم للفرقة الفائزة بالمرتبة الأولى، تليها جائزة القناع الفضّي للفرقة الحائزة على المرتبة الثانية وجائزة القناع البرونزي للفرقة الحائزة على الرتبة الثالثة. تشرف على هذه المنافسة لجنة تحكيم متكوّنة من مختصّين في المسرح وممثّلين لتقييم العروض متمثّلين في كلّ من السيّدة فطيمة حليلو رئيسة اللّجنة، السيّدة سميرة صحراوي ممثّلة قديرة والسادة رزاق أحمد مختصّ في السينوغرافيا وقوري حميد ممثّل أحمد خودي مخرج مسرحي. وضيوف شرف المهرجان هم السادة صالح أوڤروت، حكيم دكّار، أحمد قادري، محمد عجايمي والسيّدة عايدة قشود، إلى جانب الممثّلة القديرة بهية راشدي، والتي حيت بتكريم خاصّ من طرف محافظة المهرجان عرفانا لها بالمجهودات الجبّارة التي قدّمتها على الساحة الفنّية الجزائرية، بالإضافة إلى عدّة أساتذة محاضرين منهم الدكتور ملياني الحاج، بوزيان بن عاشور ونور الدين عمرون. وقد سطّرت المحافظة عدّة ورشات تكوينية يؤطّرها كلّ من السيّد كارلو فيرونت ممثّل وكاتب مسرحي عالمي محترف من بلجيكا، قابوش عبد العزيز مختصّ في البسيكو بيداغوجيا وموفّق جيلالي مخرج وسينوغراف ومهندس ديكور. وقد تميّز حفل الافتتاح بكلمة ألقاها السيّد والي الولاية بالمناسبة رحّب فيها بالوفود المشاركة وعلى رأسها وفد فلسطين، كما شكر كلّ من الممثّلين والأساتذة الذين لبّوا الدّعوة وشرّفوا الولاية بحضورهم للمساهمة في فعاليات هذا المهرجان الذي يتزامن والذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب، داعيا إلى تظافر الجهود من أجل ترقية هذا المهرجان ليشمل دولا أخرى مغاربية ومتوسّطية، شاكرا كلّ الحضور ومتمنّيا لهم إقامة طيّبة في هذه الولاية. وقد شدّ انتباه الحضور صعود طفلة صغيرة في عقدها الخامس متوشّحة الكوفية وعلم فلسطين الأبية يرفرف في يد زميل لها معانقا العلم الجزائري تعبيرا عن وحدة الدم قبل اللّسان، وتعانقت المشاعر والأحاسيس لترسم وحدة العزيمة والإصرار إيمانا بالهدف والمصير المشترك بين الدولتين وهو تحرير فلسطين الأبية من قبضة الغزاة أحفاد القردة والخنازير. الكلّ في القاعة لم يقو على كفكفة دموعه وهو يستمع إلى هذا الصوت الملائكي الطاهر الذي أبى إلاّ أن يتلو رسالة أطفال فلسطين الذين حمّلوها إيّاها لتقرأها على مسامع أطفال الجزائر وهم يهنّئونهم بذكراهم ال 48 لعيدي الاستقلال والشباب. اللّه أكبر ما أعظم هذه الرسالة التي تفوح بأريج عطر القدس والمسجد الأقصى، رائحته الزكية تفوح لتعبّق أنفاس كلّ من في القاعة، حروفها تحمل أنّات هؤلاء الأطفال المكبّلين وراء أسوار القدس ويافا وحيفا وعكّا والخليل والنّاصرة وغزّة ونابلس وبيت لحم وكلّ شبر من أرض فلسطين الطاهرة تتلوها شفاه الملايين من أمثالها في هذه الأرض محرومة من النّطق والكلام والتعبير عمّا يختلج صدورها الصغيرة الدافئة، تقرأها عينان سوداوان جميلتان تلمعان براءة وذكاء، الملايين من أمثالها حرموا من الخروج من البيوت وحجبت عنهم كلّ الصور الجميلة والمناظر الخلاّبة، عوّدوهم على رؤية المشاهد المروّعة لجثث القتلى المشوهة بجميع أساليب التنكيل والتعذيب على مرأى ومسمع كلّ دول العالم، تتنفّس حروفها مناخر وخياشيم الملايين من أمثالها لا يتنفّسون غير رائحة دخان القنابل والغازات المسيلة للدموع، تسمعها آذان الملايين من أمثالها لا يسمعون غير دوي المدافع وصدى القنابل المتناثرة شظايها هنا وهناك. كيف لا يبكي كلّ من في القاعة وهم يسمعون رسالة هؤلاء إليهم مهنّئة لهم في عيدهم هذا ومشاركة لهم أفراحهم رغم فقدانهم لمثل هذه الأفراح؟ إن هذه الرسالة جاءت لتذكّر أبناء الجزائر وأطفالها بأن لهم إخوة هناك في غزّة وغيرها من مدن فلسطين منعوا من الأكل والشرب ومن الفراش والمأوى، بل منعوا حتى من الكلام وإسماع صوتهم لكلّ أترابهم على وجه هذه البسيطة. رسالة أطفال فلسطين جاءت لتقول لنا ولجميع أطفال العالم: أليس من حقّنا أن نفرح نحن أيضا ونلعب ونزاول دراستنا ونأكل ونشرب ونتمتّع بجميع حقوقنا ككلّ أترابنا في جميع أنحاء العالم؟ ليردّ أطفال خنشلةوالجزائر بأسرها على هذه الرسالة بدموع منهمرة من قلوب واجفة إلى ربّها راجفة تدعوه أن يرفع هذالظلم والغبن عن هؤلاء الحيارى واليتامى والثكالى في هذه الأرض العزيزة على قلب كلّ جزائري وعربي حرّ وأبيّ يودّ أن يفديها بالنّفس والنّفيس، وكيف لا وهم يردّدون بصوت واحد: نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، صبرا صبرا نحن قادمون اليوم أو غدا يا بني صهيون؟