يسدل سهرة اليوم ستار المونديال التاسع عشر، بإجراء المباراة النهائية بين هولنداوإسبانيا، في نهائي واعد بين مدرستين يمكن وصف طريقة أدائهما بالمتاشبه »الكرة الشاملة« الأمر الذي يصعب التكهن باسم الفائز، فحتى وإن كان التقنيون والاختصاصيون يرشحون المنتخب الإسباني لبلوغ منصة التويج بالنزر لما قدمه إلى حد الآن، إلا أن زملاء شنايدر المرشح لانتزاع لقب أحسن لاعب في المونديال الإفريقي أن يقلبوا كل التكهنات ويتوجوا أبطالا للعالم، وبالتالي تدوين اسم هولندا لأول مرة في السجل العالمي، نفس الشيء بالنسبة لمنافس المنتخب الإسباني الذي سيحاول اللعب بقيادة فيا تدوين اسمهم في تاريخ المتوجين، وتأكيد الصحوة الكبيرة الي شهدتها الكرة الإسبانية في السنوات الأخيرة، وعلى أن حصولهم قبل سنتين على التاج الأوروبي لم يكن وليد صدفة. ستكون الأنظار موجهة اليوم إلى ملعب »سوكر سيتي« في جوهانسبورغ حيث »يتقارع« المنتخبان الإسباني والهولندي على مجد طال انتظاره وعلى الانضمام إلى نخبة المنتخبات المتوجة باللقب المرموق عندما يتواجهان في نهائي مونديال جنوب أفريقيا 2010. إسبانيا للمرة الأولى في النهائي بلغ المنتخب الإسباني النهائي للمرة الأولى في تاريخه بعدما وضع حداً لمغامرة نظيره الألماني الشاب بفوزه عليه في نصف النهائي بفضل هدف وحيد سجله مدافعه كارليس بويول، مجدداً فوزه على ال»مانشافت« بعد أن تغلب عليه في نهائي كأس أوروبا قبل عامين حيث توج »لا فوريا روخا« بلقبه الأول منذ 1964 حين أحرز حينها اللقب القاري أيضاً. هولندا للمرة الثالثة في النهائي أما المنتخب الهولندي فتخلص من نظيره الأوروغوياني بالفوز عليه (3-2)، ليبلغ النهائي للمرة الأولى منذ 32 عاماً وتحديداً منذ خسارته أمام الأرجنتين (1-3) بعد التمديد عام 1978، والثالثة في تاريخه بعد خسارته نهائي 1974 أمام ألمانياالغربية (1-2). تأهل مستحق لمنتخبين إلى النهائي استحق المنتخبان تواجدهما في مباراة »المجد« لأنهما كانا الأفضل إلى جانب المنتخب الألماني، وإن كانا بأسلوبين مختلفين حيث حافظ الإسبان على أدائهم الهجومي الرائع الذي ظهروا به خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، فيما قارب الهولنديون مشاركتهم التاسعة في النهائيات بأسلوب مغاير تماما للكرة الشاملة التي قدموها للعالم في السبعينات، إذ اتسم أداؤهم بالواقعية »الألمانية« التي اعتمدها مدربهم بيرت فان مارفييك. هولندا تخلصت من صفة الفريق الخارق نجح المنتخب »البرتقالي« في أن يتخلص من صفة الفريق الخارق في الأدوار الأولى والعادي في المباريات الإقصائية، لكنه يأمل أن لا يطارده شبح 1974 و1978 حين كان قريباً جداً من المجد قبل أن يسقط في المتر الأخير أمام البلدين المضيفين، لكنه لن يواجه هذه العقدة في جنوب أفريقيا لأن طرفي النهائي يلعبان بعيداً عن ديارهما. أوروبا هي المنتصرة بغض النظر عن هوية الفائز في هذه المواجهة التاريخية للبلدين، فإن الكأس ستبقى في القارة الأوروبية بعد أن توجت بها إيطاليا قبل أربعة أعوام بفوزها على ضيفتها فرنسا بركلات الترجيح. ضربة موجعة لمنتخبات أمريكا اللاتينية بخروج الأوروغواي من دور الأربعة فقدت أمريكا الجنوبية آخر ممثليها في العرس العالمي وفشلت بالتالي للمرة الثانية على التوالي في حجز مقعدها في النهائي، فيما تأكد حصول أوروبا على اللقب للمرة الأولى خارج القارة العجوز. وحرصت أمريكا الجنوبية على التواجد في المباراة النهائية للمونديال من 1986 إلى 2002 من خلال عملاقيها البرازيلي والأرجنتيني، قبل أن تغيب عن النسختين الأخيرتين في ألمانيا 2006 وجنوب أفريقيا 2010. النهائي الثامن في غاياب منتخبات أمريكا اللاتينية المرة الثامنة التي تغيب فيها منتخبات أمريكا الجنوبية عن المباراة النهائية للمونديال بعد أعوام 1934 و1938 و1954 و1966 و1974 و1982 و2006، فيما غابت عنها المنتخبات الأوروبية مرتين فقط عامي 1930 و1950. أوروبا 10 أمريكا اللاتينية 9 تتقاسم المنتخبات الأمريكيةالجنوبية والأوروبية ألقاب النسخ ال18 للمونديال برصيد تسعة ألقاب لكل منها. أمريكا الجنوبية: البرازيل (5 مرات) والأرجنتين (مرتان) والأوروغواي (مرتان). أوروبا: إيطاليا (4 مرات) وألمانيا (3 مرات) وإنجلترا (مرة واحدة) وفرنسا (مرة واحدة)، ما يعني أن أوروبا ستتقدم على أمريكا الجنوبية بفارق لقب بعد يوم الأحد. منشطا النهائي لا يكترثان بمسألة المنافسة من المؤكد أن المنتخبين الإسباني والهولندي اللذان لم يتواجها سابقا في النهائيات، لا يكترثان بتاتاً بمسألة المنافسة الأوروبية-الأمريكيةالجنوبية لأن كل منهما يبحث عن المجد لنفسه. مواجهات فردية من نوع خاص ستكون معركة »سوكر سيتي« نارية تماما نظراً إلى أن صفوف المنتخبين تعج بالنجوم الكبار الذين تركوا بصماتهم بشكل رائع في المونديال الأول على الأراضي الأفريقية، وعلى رأسهم مهاجم »لا فوريا روخا« دافيد فيا وصانع ألعاب »البرتقالي« ويسلي سنايدر اللذان يخوضان مواجهة خاصة بينهما لأنهما مرشحان للحصول على الحذاء الذهبي لأفضل هداف في النهائيات وكل منهما يملك خمسة أهداف حتى الآن. دل بوسكي يطرق أبواب التاريخ في حال نجح دل بوسكي في قيادة الإسبان إلى اللقب الغالي، فسيصبح »لا فوريا روخا« ثاني منتخب فقط يتوج بلقب كأس أوروبا ثم بكأس العالم بعد عامين، وسبقه إلى ذلك منتخب ألمانياالغربية الذي فاز باللقب القاري عام 1972 ثم العالمي عام 1974، في حين أن المنتخب الفرنسي حقق هذا الأمر بصورة معاكسة حيث فاز بكأس العالم عام 1998 ثم بكأس أوروبا عام 2000، علماً بأنه لم ينجح أي منتخب برفع كأس العالم بعد خسارته مباراته الأولى وكانت إسبانيا سقطت في مستهل مشوارها أمام سويسرا (صفر-1). هولندا قد تعادل رقمين قياسيين سينجح المنتخب الهولندي في معادلة رقمين قياسيين في حال خرج فائزاً من مواجهته التاريخية مع إسبانيا والظفر بلقبه العالمي الأول، لأنه لم يذق طعم الهزيمة في 25 مباراة على التوالي، بل إنه فاز في المباريات الثماني التي خاضها في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى جنوب أفريقيا 2010، كما أنه فاز في مبارياته الست في النهائيات حتى الآن، وفي حال خروجه فائزا من مواجهة اللقب سيعادل الرقم القياسي الذي حققه المنتخب البرازيلي في طريقه إلى لقب بطل مونديال المكسيك 1970. كما سيعادل المنتخب الهولندي في حال فوزه باللقب للمرة الأولى الرقم القياسي من حيث الفوز بجميع المباريات في النهائيات (7) والمسجل أيضاً باسم البرازيل خلال مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002. لم تتمكن سوى ستة منتخبات من تحقيق خمسة انتصارات متتالية أو أكثر في نسخة واحدة من كأس العالم، وهي البرازيل (1970 و2002) وإنجلترا (1966) وبولندا (1974) والأرجنتين (1986) وإيطاليا (1990) وهولندا في النسخة الحالية، علماً بأن المنتخب البرتقالي حقق فوزه العاشر على التوالي بتغلبه على الأوروغواي (3-2) في نصف النهائي. وكان المنتخب الهولندي حطم رقمه القياسي المحلي بفوزه على سلوفاكيا (2-1) في الدور الثاني، لأنه لم يسبق له أن حقق أكثر من سبعة انتصارات على التوالي، وبفوزه على البرازيل حطم رقمه الشخصي في النهائيات والمسجل عام 1974 لأنه لم يسبق له أن حقق أكثر من أربعة انتصارات متتالية في العرس الكروي. ولم يذق رجال المدرب بيرت فان مارفييك طعم الهزيمة منذ سقوطهم في أيندهوفن أمام المنتخب الأسترالي (1-2) ودياً في السادس من سبتمبر 2008، علماً بأنه لم يسبق للمنتخب البرتقالي أن حافظ على سجله الخالي من الهزائم ل25 مباراة على التوالي. هولندا والطريقة البراغماتية يقدم المنتخب الهولندي بقيادة فان مارفييك أداء مختلفاً تماماً عن أسلوب الكرة الشاملة لأن الفريق أصبح أكثر براغماتية بعد أن دفع ثمن ذلك في بطولات كبيرة مؤخراً وأبرز دليل على ذلك كأس أوروبا 2008 بقيادة مدربه ونجمه السابق ماركو فان باستن حيث تعملق على حساب فرنسا (4-1) وإيطاليا (3-صفر) ورومانيا (2-صفر) قبل أن يسقط أمام روسيا (بقيادة هولندي آخر هو غوس هيدينك) في ربع النهائي 1-3 بعد التمديد. أما في المونديال الحالي، فإن المنتخب الهولندي يبرع بنظامه وانضباطه داخل الملعب أكثر من اعتماده على الكرة الجميلة والاستعراضية، وقد أعطت هذه الخطة ثمارها ونجح منتخب »الطواحين« في الوصول إلى النهائي بعد غياب 32 عاماً. هولندا وذكريات الزمن الجميل كانت هولندا دائماً بين المرشحين حتى بعد أيام النجوم الكبار يوهان كرويف ويوهان نيسيكنز وجوني ريب في سبعينيات القرن الماضي، لكنها كانت تسقط في منتصف الطريق، إلا أن الوضع تغير بقيادة فان مارفييك.