نظّمت المحافظة السامية الأمازيغية أوّل أمس السبت في قاعات الاجتماعات بالمسرح الجهوي بجاية يوما دراسيا حول ترقية اللّغة الأمازيغية وترقيتها في مختلف وسائل الاتّصال السمعية والبصرية، أشرف على افتتاحه الأمين العام للمحافظة مراحي يوسف إلى جانب أسعد الهاشمي بمشاركة نخبة من الاختصاصيين والأكاديميين، وكذا الباحثين المهتمّين باللّغة والتراث الوطني الأمازيغي، كما حضر في القاعة ممثّلين عن الصحافة المكتوبة وعن التلفزيون الجزائري· وقد انصبّ تركيز المحاضرين على البعد الثقافي والتراثي للأمازيغية ومدى تمسّك الشعب الجزائري وحفاظه على هذا الموروث الثقافي الذي يشكّل إحدى مقوّمات الأمّة الجزائرية. وقد استعرض الأستاذ الباحث طالب نوردين من جامعة وهران الجانب العلمي المتعلّق بالبعد الأمازيغي، موضّحا الامتداد التاريخي الضارب أعماقه في التاريخ مستذكرا مرجعيته من خلال مقدّمة ابن خلدون وبعض المراجع الأخرى· كما استند المتحدّث على الجانب الأنثروبولوجي الذي أضاف الكثير إلى توسيع نطاق استعمال مختلف اللّهجات التي أصبحت اليوم تشكّل كنزا ثمينا للتراث الوطني، وفي سياق محاضرته تحدث بإسهاب عن التطوّر الحاصل بعد عملية ترسيم الأمازيغية وإدخالها في المنظومة التربوية، مؤكّدا أن ترقيتها تتطلّب جهودا معتبرة وكذا فترة زمنية طويلة قصد إقحامها في مختلف وسائل الاتّصال بالشكل الذي يعود بالفائدة. أمّا الأستاذ صادو كمال أستاذ محاضر بجامعة الجزائر هو بدوره تطرق إلى مختلف التقنيات اللغوية والأكاديمية التي يجب مراعاتها أثناء القيام بأيّ خطوة نحو ترقية الأمازيغية باعتبار أن الجزائر تزخر بالعديد من اللّهجات، وفي نظره فإن موضوع الأكاديمية الأمازيغية مطلب علمي لتطوير هذه اللّغة وإخراجها من براثن الرداءة والاختلاف، داعيا القائمين على المحافظة السامية إلى التفكير في وضع آليات حديثة تهتمّ بالجانب التقني والذهاب إلى إنشاء أكاديمية تكون المرجع الأساسي والسند البيداغوجي السليم لهذه اللّغة، وفي سياق الحديث تطرّق إلى الاستراتيجية المستقبلية التي يجب أن تكون محلّ دراسة عميقة وتفكير الرّامية إلى خلق الأطر الأكاديمية واللّغوية التي تسمح بترقية هذه اللّغة وإدخالها في مختلف وسائل الاتّصال الحديثة· وتحدّثت الأستاذة بلقاسم دليلة من جامعة وهران عن كيفية الاهتمام باللّغة الأمازيغية في الوسط الاجتماعي والعمل على ترسيخها في الثقافة الشعبية، وترى في نظرها أن عنصر الترقية يتضمّن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى، حيث يتمّ التركيز على تمكين الأجيال المستقبلية استعمال هذه اللّغة من خلال توظيفها في وسائل الإعلام والاتّصال وكذا في المنظومة التربوية، ولا يجب أن يقتصر هذا العمل على منطقة محدودة أو معيّنة من التراب الجزائري، وتضيف أن عنصر اللّغة يمكن أن يكون له بعد استراتيجي في خلق أواصر متينة بين مختلف فئات وأطياف المجتمع الذي ينتمي إلى حضارة إنسانية واحدة، والتي تعاقبت على التاريخ وفق معطيات معيّنة وإن اختلفت في الشكل فإن مضمونها واحد· وفي الختام اتّفق الجميع على ضرورة التفكير في وضع استراتيجية مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار الاختلاف في اللّهجات والعادات والتقاليد وكلّ ما يتعلّق بالموروث الثقافي والحضاري للشعب الجزائري، مع التركيز على كيفية تسخير وسائل الإعلام والاتّصال الحديثة في خدمة وترقية اللّغة الأمازيغية·