عادة ما يصدر عن الطبيب أمر يطبقه المريض دون أدنى مناقشة بما أنه يخشى على صحة المريض وتهمه سلامته، فالغرض الذي يصبو إليه الطبيب شريف وفي فائدة المجتمع، إلاّ أن تصرفات بعض الأطباء الذين يعملون في القطاع الخاص لا تمتّ بصلة لأخلاق المهنة التي يمارسونها. فمخالفة بعضهم للقرار الوزاري الذي نصت عليه الدولة الوارد في الفقرة السابعة المادة 84 11 من قانون الأسرة الصادر في 9 جوان 1984 والذي أمرت بتطبيقه منذ سنة 2008، وهو ضرورة إجراء تحاليل طبية معينة وهي فصيلة الدم groupage، إلتهابات الكبد HBS السيدا HIV و BM) قبل عقد الزواج بما أنه أصبح شرطا في ملف العقد (شهادة طبية) تؤكد عدم الإصابة بأحد الأمراض التي ستكشف عنها التحاليل، فما يفعله بعض الأطباء جريمة حقا بمنحهم شهادات طبية مزيفة للمقبلين على الزواج ففرضا كان أحد الأزواج مصابا بأحد الأمراض الخطيرة التي تكشفها لنا التحاليل ألنْ يكون هذا جرما مرتكبًا في حق المرأة التي سيتزوجها، عصابته الزوج والطبيب!؟ أو سيكون بالعكس إن كانت المرأة هي المصابة وقدمت لها هذه الشهادة دون إجراء للتحاليل، فرغم كل الجهود التي تضعها الدولة للتقليل من الأمراض والوقاية منها، يأتي بعض منعدمي الضمير كهؤلاء الأطباء ليدوسوا عليها وهم من علمونا شعار الوقاية خير من العلاج). من جهتهم المواطنون لا يبالون بأهمية هذه التحاليل وهم لا يريدون الخروج من بوتقة (الميزيرية) والتخلف، وعلى الرغم من أن مبلغ إجراء هذه التحاليل لا يتجاوز 2000 دج التي لا تظهر أمام مصاريف العلاج، فيما نجد بعض المواطنين يمتنعون عن إجرائها بحجة العجز المالي الذي يعانون منه رجالا ونساء، حتى أن بعض النسوة تفكر بأن تضيف هذا المبلغ في (جهازها) ولا تقوم بإجراء التحاليل وهو ما أجابتنا به المواطنة (رانية) عندما سألناها عن الموضوع، قالت ساخرة ما أهمية هذه التحاليل: (ماذا قد يكون بي؟ أنا بصحة جيدة وتفكيري الآن منحصر فيما ينقصني من لوازم قبل الزفاف)، وعندما سألناها عن الشهادة الطبية التي تحتاجها في ملف العقد، أجابتنا بأنها ليست مشكلة، فهي تعرف طبيبا ذهب إليه أقرباؤها وهو من سيمنحها هذه الشهادة دون نتيجة للتحاليل كذلك. هو حال (سليم) أحد المقبلين على الزواج، بحيث كان دافع امتناعه عن إجراء التحاليل هو تغطية بعض المصاريف التي تنقصه للزفاف، فهل يعقل أن يكون مبلغ 2000 دج سببا في عدم الإقبال على إجراء هذه التحاليل؟ وهل يمكن للصحة أن تقدر بثمن؟· السيد (ع) والسيدة (ك) زوجان منذ حوالي 20سنة وهما من عائلة واحدة حتى أن والديّ الزوجة من عائلة واحدة مما أدى إلى انعدام المناعة عند أبنائهم بمجرد ما ينقطعون عن الرضاعة مما ولد لديهم أمراضا خطيرة أدّت إلى وفاة الابن البكر الذي أصيب بسرطان على مستوى الرأس، أما الفتاة الثانية فقد عاشت لكنها تعاني من مشاكل صحية مستمرة، أما الولد الثالث فقد توّفي بعد سنة من ولادته مما جعل الطبيب المشرف على حالة السيدة (ك) ينصحها بعدم الإنجاب بعد ذلك الولد. هي حقيقة يجب على كل المواطنين أن يتخذوها عبرة ولكي يتجنبوا الوقوع في مثل هذه الحالات. قمنا بالتنقل إلى العيادة متعددة الخدمات ببراقي لنتعرف على أهمية هذه التحاليل أكثر وإذا ما كان هناك أطباء يقدمون شهادات طبية دون الإطلاع على التحاليل، فاستقبلنا كل من الطبيب (ب. ع) والطبيب (ك.م) طبيبان عامان، وأشادا بأهمية إجراء هذه التحاليل قبل الزواج لكونها تكشف عن أمراض خطيرة تتناقل جنسيًا، أما عن أهمية معرفة فصيلة الدم لكل من الزوج والزوجة فاختلاف فصيلة دمها ما بين السلبي والإيجابي قد تتسبب في أمراض للجنين، ويجرى هذا النوع من التحليل خاصة للزوجين المتقاربين لأنهما أكثر تعرضا لإنجاب أطفال يحملون مرض إلتهاب الكبدي الفيروسي المعروف عندنا باللهجة العاميّة (بالصفايّر). أما عن تعليقهما حول تحليل السيدا وهو مرض خطير يؤدي بصاحبه إلى الموت المبكر في حال عدم علاجه، كذلك هو الحال بالنسبة لHBS الذي يكشف عن الالتهاب الكبدي الذي ينتقل أيضا جنسيا، أما عن BM فهو تحليل يكشف عن أمراض فيروسية تنتقل بمجرد علاقات حميمية سطحية بين الزوجين ولا تحتاج إلى علاقة جنسية لكي تنتقل مما يزيد حجم الخطورة، ففي النهاية هي أمراض خطيرة تؤدي إلى الموت إن لم يكشف عنها أصحابها قبل تفاقم الوضع ونقل العدوى. وبخصوص إمكانية قطاعهم الصحي أو هما على وجه الخصوص بأن يقوما بمنح شهادة طبية لأحد المقبلين على الزواج دون مشاهدة التحاليل سلبية كانت نتائجها أم إيجابية فهما ينكران هذا العمل ويأسفان على بعض الأطباء الذين يقومون به، ووصفاه بالجريمة واللامبالاة وبأنه يشوه سمعة الطبّ بصفة عامة. هي إذًا تحاليل لا تكلف الكثير مع أهميتها ومقارنة لما سينفق فيما بعد عند اكتشاف المرض وتناقله مما يدفع إلى زيادة كبيرة في الأشخاص المصابين بالأمراض الخطيرة مما يجعل الدولة لا تفكر في أيّة مخططات تنمية جديدة تسخر كل مداخيلها لعلاج الأمراض ومتابعتها مادام هناك أشخاص سواء المواطنين أو الأطباء يساهمون في تحطيم كل نشاط تنموي يعود عليهم بالفائدة هم بالدرجة الأولى، فعلى المجتمع الجزائري أن يعي أهمية إجراء هذه التحاليل قبل عقد قران أيّ زوجين لكي نعيش وسط مجتمع سليم وقويّ.