عندما يلجأ مرضى التهاب الكبد الفيروسي إلى شرب" بول الجمل" و"حليب الناقة" واستهلاك الأفاعي والعديد من الأعشاب، في ظل عدم توفر الأدوية في أماكن سكناهم وعجزهم عن الوصول إليها، خصوصا في المناطق الأكثر تضررا عبر التراب الوطني، يُصبح الأمر أكثر من استعجالي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتلافي تدهور حالات البعض منهم للحيلولة دون إصابتهم بالتليّف الكبدي أو الانتهاء بالسرطان. تحقيق: سليمة لبال إنها وضعية أكثر من كارثية وقفت عليها"ٍالشروق اليومي" في جولتها عبر ولايتي باتنةوخنشلة منتصف الأسبوع الفارط، وحالة لا تنتظر تعليمة فقط من وزارة الصحة للتكفل بالمرضى وإنما تفتيشا وتحقيقا دقيقين لاكتشاف حقائق نوردها لاحقا. وإذا ما كان مرضى التهاب الكبد الفيروسي يشتكون عدم توفر العلاج المناسب وتأخر القطاعات الصحية التابعين إليها في التكفل بوضعياتهم وبملفاتهم الطبية، بعد أن أصبحت مستشفيات العاصمة وقسنطينة ترفض ذلك، فإن الغالبية العظمى من السكان تعاني من خطر العدوى الذي يتربص بهم في كل مكان في هاتين الولايتين. 164 مريض يحتاجون علاجا عاجلا بباتنة لم يكن اختيار الولايتين لإجراء التحقيق اعتباطيا، ولكن لأنهما المنطقتان اللتان سجلتا على مر السنوات الأخيرة أكبر عدد من الحالات وانطلقت منهما العديد من الصرخات لنجدة المرضى الذين تتدهور حالاتهم يوما بعد يوم لعدم متابعتهم للعلاج ونجدة المواطنين الذين يتعرضون لخطر الفيروس المنتشر في كل مكان. وبالرغم من أن الإحصائيات ليست رسمية، خصوصا وان نتائج التحقيق الجهوي الذي أجراه معهد باستور ماتزال حبيسة الأدراج، إلا أن معاينة الوضع تكشف العديد من الحقائق التي تجهلها الوصاية. وصلت باتنة، وبما أن المنطقة الأكثر تعرضا للمرض هي مدينة بريكة، فكان مقصدي الأول المكتب الفرعي للجمعية الوطنية لمرضى التهاب الكبد الفيروسي، كان كل همي هو أن أعرف لماذا ينتشر المرض بهذه المنطقة دون غيرها من مناطق الوطن ولمَ فَعَل الفيروس فعلته هنا؟. يقول السيد عبد الوهاب حميسي، رئيس مكتب الجمعية ببريكة، "لم يعد همّنا في بريكة الآن هو مداواة أنفسنا أو الحصول على العلاج، بقدر ما أصبح حماية أولادنا من التعرض للفيروس؛ فنساؤنا أصبحن عرضة للفيروس في قاعات الولادة، مثلما أن الجميع عرضة له سواء في الاستعجالات أو عند أطباء الأسنان أو لدى الحلاقين وذلك لنقص التوعية وعدم تعقيم الأدوات والوسائل وهو ما دفعنا منذ فترة إلى الانطلاق في حملات تحسيسية لفائدة أطباء الأسنان والسكان لحماية أنفسهم من العدوى التي اتضح أنها عدوى من المستشفيات". المرض، حسب المتحدث ذاته، يعود إلى 20 سنة خلت، بالنظر إلى الفئة العمرية المصابة به، خصوصا إذا ما عرفنا بأن المرض صامت ويمكن أن تظهر أعراضه بعد سنوات عديدة من الإصابة بالفيروس ولا يمكن اكتشافه إلا بإجراء تحاليل دقيقة. السيد حميسي اشتكى لنا سوء تكفل مديرية الصحة بباتنة بالمرضى، وظهور حالات جديدة مع تقدم الوقت، يؤكد حسبه أن الفيروس يستشري ويتمكن من قاعات المستشفيات التي يتردّد عليها السكان لتلقّي مختلف الإسعافات والعلاجات، مؤكدا حيازته كرئيس لمكتب الجمعية على 400 ملف لمصابين من بينهم 164 مصابا يحتاجون للعلاج في الوقت الراهن، لكن ظروفهم المادية لا تسمح لهم بالتنقل للعاصمة للعلاج، هذا في ظل غياب إحصائيات رسمية تؤكد العدد الحقيقي للمرضى من حاملي الفيروس. أرقام متضاربة وتستر على المرض في مقر الجمعية التقينا العديد من المرضى المصابين بشتى أنواع الالتهاب الكبدي ومن مختلف الأعمار، نساء ورجالا، أكدوا جميعهم أن الدواء المستعمل حاليا والمسمى "انترفيرون ستاندار"، أعطى نتائج سلبية والمطلوب هو أن تُوفّر الوصاية الدواء المسمى "بيقاسيس" الذي أثبت استعماله توقف المرض وعدم تطوره لدى العديد من المصابين، في وقت اشتكى الكثير عدم قدرتهم ماليا على التنقل للعاصمة سواء لإجراء التحاليل التي تكلف سنويا أزيد من 9 ملايين، بالإضافة إلى تكاليف النقل وغيرها من المصاريف الإضافية، إذا ما تمكن المريض من الحصول على العلاج لأنه لا يتوفر إلا في المؤسسات الاستشفائية العمومية وتقدر تكلفته ب144 مليون سنتيم سنويا بالنسبة لمريض واحد. السيد أحمد أكد لنا انه انتظر طويلا، لكن خوفه من تطور حالته دفعه إلى بيع كل ما يملك نظير تسديد العلاج الذي جلبه من فرنسا بقيمة 200 مليون سنتيم جزائري، وهو الأمر الذي أنقذه من تطور حالته التي تبدو أكثر استقرارا عما كانت عليه حسب معارفه. يقول السيد حميسي، رئيس مكتب الجمعية الوطنية لمرضى التهاب الكبد الفيروسي ببريكة، إن المسئولين في المنطقة يتستّرون عن المرض، والمرضى مستعدون لفعل المستحيل حتى ينكشف الأمر ويعاقب المتهاونون الذين يستخفون بخطورة المرض الذي أصبح يتهدّد الصحة العمومية، ليؤكد بأن بعض المخابر الخاصة عُوقبت لأنها كشفت انتشار المرضى وصرّحت بالعدد الكبير للمصابين بالفيروس. والأكثر من ذلك، يضيف، أن السكان استفادوا بعد جهد جهيد من خدمات طبيب مختص في الأمراض الداخلية وهو بصدد تكوين ملفات للمرضى في انتظار القيام بكشف يضبط العدد الحقيقي للمصابين والمرشحين للعلاج، وهو ما تقوم به الجمعية منذ فترة لمساعدة المرضى المعوزين الذين لا يستطيعون تحمل مصاريف التنقل لمستشفى القطار أو مصطفى باشا الجامعي وتخلوا نهائيا عن العلاج، بعدما اتضح لهم أن تكلفة التحاليل التي يطلبها الأطباء تتجاوز الواحدة منها 12 ألف دينار على سبيل المثال، ناهيك عن أخرى ترسل إلى معهد باستور بفرنسا وتكلف 22 ألف دينار جزائري. ومن جهته قال أحد المرضى، وهو يتحسّر على حالته، إنه لم يتلق العلاج منذ سنة 2000 ، تاريخ اكتشافه للمرض بعد أن حُلّلت عيّنة من كبده في مستشفى باشا الجامعي، ليضيف "لم أعد أستطيع تحمل نفقات التحاليل والتنقل للعاصمة، أصيب جسدي بالوهن بسبب المرض وتأثري نفسيا ولم أجد مخرجا غير تناول الأعشاب علها تنسيني ألمي ومعاناتي". علي، هو الآخر باع كل ما يملك بعد أن اكتشف بأنه مصابا بالتليّف الكبدي وتمكن من شراء حقن البيقاسيس الكافية لخمسة أشهر بمبلغ 60 مليون سنتيم، لكنه اكتشف بعد اتصاله بوزارة العمل والضمان الاجتماعي بأنه دواء غير قابل للتعويض، لهذا يفضل حاليا جلبه من فرنسا على اعتبار أن الفرق بين ثمنه في الجزائر وفرنسا هو 20 ألف دينار جزائري، حيث تقدر تكلفة حقن كافية لشهر واحد ب935 أورو. 90 بالمائة من الأمراض المعدية تسجل ببريكة تشير مراسلة وجهها مدير الصحة لولاية باتنة بتاريخ 4 ماي 2002 إلى مدير القطاع الصحي لبريكة بأن دائرة بريكة مرتبة من قبل مصالح الصحة كدائرة معرضة لخطر الأمراض المعدية وعلى الخصوص التهاب الكبد الفيروسي من نوع "س"، حيث أن 90 بالمئة من الأمراض المعدية تسجل بهذه الدائرة لوحدها. وبموجب هذه المراسلة، دعا مدير الصحة القطاع الصحي لبريكة إلى منع كل نشاط طبي أو شبه طبي غير مرخص له، على اعتبار أن طرق انتقال الفيروس تتم أساسا أثناء اقتلاع الأسنان أو عن طريق الحقن حسب الوثيقة دائما، مشددا على ضرورة أن لا يُعوّض أصحاب العيادات الطبية أو قاعات العلاج بممارسين غير مؤهلين وغير مرخص لهم، لكن ما ينغص حياة سكان بريكة مع هذا الاعتراف الموثق هو وجود عدة طرق لانتقال الفيروس من المصابين إلى غيرهم، خصوصا لدى بعض أطباء الأسنان الذين لا يحترمون حسب بعض المرضى بروتوكولات التعقيم فتراهم ينقلون الفيروس من المريض إلى السليم، خصوصا إذا لم يصرح المريض بمرضه. والأكثر خطورة حسب المرضى فإن تصريحهم بمرضهم يدفع الكثير من أطباء الأسنان إلى رفض علاجهم ، لكن مقابل ذلك فإن غالبية المرضى تعتبر المرض عارا ولا تكشف عنه حتى لأقرب المقربين وهو ما يرهن حياة آخرين ويُعرّضهم للعدوى هم كذلك في ظل عدم إدراك بعض أطباء الأسنان لخطورة الوضع. ليس هذا فقط، فإن الغريب الذي رأته عيني في بريكة لا يمكن أن يصدق لكنه موجود فعلا، قاعات علاج خاصة منتشرة كالفطريات في كل مكان وفي أماكن هي أقرب للمستودعات عنها قاعات للعلاج ويقوم عليها أناس غير مؤهلين وفي كثير من الأحيان لا تزيد مستوياتهم عن مستوى النهائي، لكنهم يمتهنون حقن المرضى وخياطة الجراح وغيرها من الأمور الاستعجالية التي تتطلب وسائل غاية في التعقيم. والأخطر من كل هذا، هو أن نفايات هذه القاعات الخاصة وعلى الخصوص الحقن ترمى دون إيلائها الاهتمام اللازم، فهي في كثير من الأحيان غير بعيدة عن أيدي الأطفال مما يعرضهم هم الآخرون لخطر العدوى. ليس هذا فقط فحتى نفايات القطاع الصحي لبريكة لا تحرق لعدم وجود محرقة وهو ما يفسر نوعا ما أسباب تمكن الفيروس الذي وجد له في المستشفى مرتعا. ميزانية أدوية مستشفى بريكة ضعيفة لمعرفة الموقف الرسمي والاطلاع عن كثب على رأي من لهم علاقة مباشرة في الموضوع، اتصلت بمدير القطاع الصحي لبريكة السيد صالح لكحل، الذي أكد افتقار القطاع لطبيب مختص في الامراض الداخلية، ما دفعه للتعاقد مع طبيب مختص يعمل بمستشفى باتنة، مؤكدا أن الإحصائيات الرسمية الموجودة بحوزته تشير إلى تسجيل 28 حالة التهاب كبدي فيروسي طيلة سنة 2005 على مستوى القطاع، لكنه وفي حضور "الشروق اليومي" تسلم قائمة ب164 حالة أنهت تحاليلها ومرشحة للعلاج، قال إنه سيراسل وزير الصحة بخصوصها لضمان العلاج، وفقا للتعليمة الوزارية المؤرخة في 30 ماي والقاضية بإلزامية تكفل كل قطاع صحي بمرضاه المصابين بالالتهاب الكبدي الفيروسي. مدير القطاع الصحي رفض الإفصاح عن عدد المرضى الذين يضمن لهم قطاعه الصحي العلاج، لكنه أكد أن ميزانية القطاع المخصصة لشراء الأدوية تقدر ب38 مليون دينار سنويا وهي لا تكفي، خصوصا إذا علمنا وبعملية حسابية بسيطة أن تكلفة علاج ال164 مريض المسجلين في القائمة تزيد عن 13 مليار سنتيم سنويا. وحسب أطباء القطاع الصحي لبريكة، فإن الوضع يتطلب تحقيقا بشأن الأمراض المعدية من قبل مختصين يقومون بتصنيف المرض وبتحديد دور كل الأطراف حتى تضبط قائمة المصابين ليتم التكفل بهم. حاولت البحث عن الطبيب المختص في الامراض الداخلية والمُعيّن حديثا في القطاع الصحي لبريكة لمعرفة حقيقة الوضع فقيل لي بأنه غائب ويتواجد حاليا بفرنسا لمتابعة تكوين في المجال. المرضى يطالبون بفتح تحقيق أحد العارفين بما يحصل صحيا ببريكة، تحفظ عن ذكر اسمه، لكنه أكد أن مصدر العدوى هو قاعة الاستعجالات ومصلحة الولادة بالمستشفى، بالإضافة إلى قاعات العلاج الخاصة والبالغ عددها 16 قاعة في بريكة لوحدها ولا تستجيب لأدنى معايير العمل المعمول بها في أي مكان، بالإضافة إلى رمي الحقن في الأماكن العمومية وهو ما يؤكده محضر المكتب البلدي لحفظ الصحة، مشيرا إلى أن الرقم المذكور من قبل إدارة القطاع الصحي غير أكيد؛ ذلك أنها لم تأخذ بعين الاعتبار الحالات الايجابية التي يسجلها أسبوعيا الأطباء الخواص في بريكة ويصرحون بها، ذلك أن التهاب الكبد الفيروسي من الأمراض التي يجبر الأطباء على التصريح بها، شأنها شأن السل وباقي الأمراض المعدية، ليطالب رفقة العديد من المرضى بفتح تحقيق للكشف عن الأسباب الكامنة وراء انتشار المرض بالمنطقة وتوفير الإمكانات لإجراء التحاليل بالمدينة دون الانتقال إلى العاصمة بالإضافة إلى توفير العلاج المسمى بيقاسيس بعد أن أثبت فعاليته في توقيف المرض وشفاء حالات أخرى. مستشفى خنشلة عاجز هو الآخر تصادف وصولي إلى العيادة متعددة الخدمات حمود بوشوارب بخنشلة يوم إجراء الفحص المتخصص للمصابين بالتهاب الكبد الفيروسي من قبل الاختصاصية في الأمراض الداخلية الدكتورة صونيا حمام، كان المكان مكتظا جدا بالمرضى ومن كل الفئات العمرية، لكن الغالبية كنّ نسوة افترشن الأرض ورحن يتبادلن الحديث عن آلامهن ومعاناتهن، مرّة من الظروف المعيشية السيئة وذلك ظاهر على ملامحهن ومرّة أخرى على وضعهن الصحي وما ينجر عنه من تعقيدات تؤثر على حياتهن. إحداهن أكدت لي أنها تعاني من صعوبات صحية لإصابتها بالفيروس، لكن إمكاناتها المادية لا تسمح لها بإجراء كامل التحاليل التي تطلبها الطبيبة، هذه الأخيرة التي اعترف الكثير من المرضى الذين التقيتهم بالجهود الكبيرة التي تبذلها لمتابعة حالاتهم الصحية، لكن جهودها حسبهم لا تكفي مادام العلاج غائبا وغير متوفر. وبينما كانت إحدى المريضات تسرد عليّ حالتها وكيف فقدت ثلاثة من أولادها بسبب المرض، أكد مصاب آخر أن المطلوب هو توفير العلاج الفعال الذي أثبت استعماله نجاحا، ليضيف، وهو يحمل رسالة من مستشفى مصطفى باشا الجامعي، بأن هذا الأخير رفض منحه الدواء وحوّله على القطاع الصحي لخنشلة، وفقا لتعليمة وزير الصحة عمار تو، لكن مستشفى المدينة لحد الساعة لا يملك الإمكانات اللازمة للتكفل بالمرضى الذين ما عادت مستشفيات العاصمة تقبل متابعة حالاتهم منذ بداية الشهر الجاري، وعليه فالمصابون يعانون في هذه الفترة بالذات من انقطاع في العلاج يؤثر سلبا، لا محالة، على تطور حالتهم. وأنا انتظر الطبيبة المختصة، التي أبدت استعدادها للحديث إليّ متى سنحت الفرصة، فاجأني الطبيب المسؤول وأنا رفقة أعضاء مكتب خنشلة التابع للجمعية الوطنية لمرضى التهاب الكبد الفيروسي بضرورة مغادرة العيادة لعدم حيازتي على ترخيص من قبل القطاع الصحي لخنشلة، الطبيب المسؤول لم يكتف بطردنا ولكنه وأمام مرأى ومسمع المرضى اتهمنا بدخول بيته بطريقة غير شرعية وبكلمات استغربنا استعمالها في غير محلها. تصرف الطبيب المسؤول دفع المرضى إلى التأكيد بأنها المرة الأولى التي يرونه فيها بالعيادة ويعرفونه مسؤولا عليها. ما كان منّي غير الامتثال لرغبة الطبيب المسؤول، على الأقل للحصول على معلومات رسمية من الطبيبة المختصة التي قيل لي إنها تحتكم بصفة جيدة على ملف المرضى بولاية خنشلة فتوجهت نحو القطاع الصحي... المدير في مهمة بالعاصمة رفقة مدير الصحة، لكن نائبه استقبلني بصدر رحب ومكنني من رخصة، تجاوزت بها الطبيب المسؤول الذي غادر العيادة بمجرد طردي، لأني لم أجد له أثرا عند عودتي. 1600 حالة مصرح بها على مستوى خنشلة تقول اختصاصية الأمراض الداخلية الدكتورة حمام، بأنها تكتفي بإجراء فحص أسبوعي ل30 مريضا على مستوى العيادة متعددة الخدمات حتى تتابع حالتهم بصفة جيدة، كما صرحت بأنها تكتشف من 10 إلى 15 حالة جديدة شهريا، موضحة بأن الفحص يتم مرة كل 15 يوما ومرة كل شهر، حسب الحالة وتطورها. وعن المرض فقالت إنه قديم وغالبية المصابين به من النسوة اللّواتي تتراوح أعمارهن بين 22 سنة و77 سنة، مشيرة إلى أنها تكتشف بين الفينة والأخرى إصابات لدى الأطفال، لتؤكد بأن المرض هو عبارة عن عدوى مستشفيات وأن النسوة أُصبن به بعد دخولهن لمصالح الولادة، والمشكل الكبير الذي تواجهه حاليا يتمثل في عدم توفر الدواء، خصوصا بعد التعليمة الوزارية الأخيرة حيث أصبحت مستشفيات العاصمة، قسنطينة وباتنة ترفض تزويد مرضى المنطقة بحصصهم من الأدوية. عدد المرضى المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي، حسب الدكتورة حمام، يصل إلى 1600 حالة، في انتظار نتائج التحقيق الجهوي الذي قام به معهد باستور لتحديد الرقم الحقيقي، لكنها أكدت أنها تعد على مستوى مناطق ششار وقايس وخنشلة 100 حالة تحتاج إلى العلاج والأدوية، لكن لا شيء يصلها، بالنظر إلى محدودية الميزانية المخصصة لشراء الأدوية من قبل القطاعات الصحية التي تجد نفسها عاجزة عن تلبية احتياجات مرضاها. الدكتورة حمام أكدت لنا أن العدوى موجودة وولاية خنشلة تسجل حالات جديدة، خصوصا لدى النساء، وهو ما يجعل من موضوع الوقاية أكثر من هامّ للحيلولة دون تسجيل إصابات أخرى. وعليه، ينبغي أن تستهدف التوعية الأطباء لحثّهم على احترام طرق التعقيم، بالإضافة إلى ذلك أصرت الدكتورة على ضرورة توفير الأدوية من نوع بقيليسيس بعد أن أثبت نجاعته بدل الانترفرون ستاندار. ومن جهته أشار الدكتور قادري، رئيس المركز الولائي لحقن الدم على مستوى ولاية خنشلة، في حديثه للشروق اليومي، إلى أن مصلحته سجلت 1.5 إلى 2 بالمئة حالات إيجابية من بين 1250 متبرع بالدم وهي نسبة معقولة حسبه لكنه أكد أن كل الحالات الإيجابية المسجلة تأتي بمحض الصدفة. وعليه فإن تحقيقا ايبدميولوجيا بإمكانه أن يوضح العديد من الحقائق، ليبقى العمل التوعوي حسبه الطريق الوحيد الكفيل بخفض نسبة الإصابات بهذا المرض الذي يشكل خطرا على الصحة العمومية. تحاليل خاطئة وانتشار رهيب للحجامة ولمعرفة التحاليل التي يطلبها مختلف أطباء المنطقة، توجهت نحو مخبر الشفاء المتخصص لصاحبته الدكتورة البيولوجية طويجيني فضيلة، فقالت "أصبح أطباء المنطقة يطلبون آليا اختبار الكشف عن فيروس التهاب الكبدي بعد أن ألفنا أعراض هذا المرض، لذا بمجرد أن يلاحظ الطبيب الوهن على المريض حتى ينصحه بالكشف عن المرض وغالبا ما يكون إيجابيا خصوصا عند النساء اللواتي ترددن على قاعات الولادة". المشكلة التي تحدثت عنها الدكتورة طويجيني تقنية جدا لكنها كارثية؛ ذلك أن العديد من صيادلة المنطقة أصبحوا حسبها يقومون بالكشف عن المرض عن طريق استعمال الصفائح بدل التعيير وبأسعار رخيصة، لكن النتيجة في كثير من الأحيان تكون خاطئة وغير مؤكدة، مما ينعكس سلبا على تشخيص المرض ومن ثمة الدواء، في غياب الرقابة الطبية وجهل المواطنين الذين يتجهون نحو الأرخص دائما في ظل عدم توفر مخبر المستشفى على الكواشف الضرورية، خصوصا ما تعلق منها بتحديد نوعية الفيروس التي تتم فقط على مستوى معهد باستور ساربا بفرنسا والذي تجمعها به اتفاقية. وفي هذه النقطة أشارت المتحدثة أن أحد المرضى اتهمها، برفع دعوى قضائية، بعد أن أكدت نتائجها إصابته، بينما أكدت نتائج صيدلي آخر سلبية التحاليل وهو ما دفعه إلى الثوران، لكنها اضطرت إلى تهدئته بإعادة الاختبار الذي ظهر إيجابيا مرة ثانية، لتؤكد بأن مثل هذه الأمور تُشكّك في العديد من النتائج لدى المرضى الذين يُعانون من أعراض تُشبه تلك الأعراض التي يعاني منها المصابون بالتهاب الكبد الفيروسي. الدكتورة طويجيني أكدت من جهة أخرى على ضرورة انطلاق حملات توعية حتى يتخلى المريض عن فكرة أن المرض عيب ويستطيع التصريح به متى توجه نحو طبيب الأسنان أو الحلاق، لتتطرق إلى نقطة أخرى أصبحت منتشرة جدا في انعدام الرقابة وتتعلق بالحجامة التي صار المواطنون وخصوصا من المرضى ينزعون إليها طلبا للشفاء. المهنيون معرضون للخطر أيضا... تصادف أثناء عودتي إلى الجزائر العاصمة جوّا من مطار قسنطينة أن التقيت بالسيدة كرميش وردة وهي مختصة في التخدير والإنعاش بمصلحة طب الأطفال بمستشفى قسنطينة ومع السيدة الطبيبة اكتشفت حقائق أخرى. ما أن علمت المختصة بأني كنت بصدد إنجاز تحقيق حول أسباب انتشار التهاب الكبد الفيروسي في ولايتي باتنةوخنشلة حتى أكدت لي إصابتها قبل فترة على مستوى مصلحة الجراحة التي تعمل بها بالتهاب الكبد من نوع »ب«، مؤكدة أن العمليات الجراحية تُجرى دون إجراء اختبارات سيرولوجية للدم وهو ما يُعرّض الأطباء ومختلف المستخدمين للعدوى في قاعة العمليات. الطبيبة أكدت أيضا مُعاناتها قبيل شفائها، خصوصا وأن المرض غير مُرتب ضمن قائمة الأمراض المهنية، بالرغم من أن غالبية عمال القطاعات الاستشفائية وخصوصا الأطباء وعمال المخابر معرضون للعدوى بفعل ارتباط عملهم بالدم الذي يشكل الناقل الأول للفيروس. ليس ذلك فقط، فالعديد من عاملات النظافة اللواتي يشتغلن في المخابر أو المستشفيات يعملن دون وقاية أو وعي، فتراهن يُلامسن ويتعاملن دون أدنى معرفة مع مختلف النفايات الاستشفائية في غياب القفازات ووسائل النظافة. أحد الأطباء في خنشلة أشار إلى أن كشفا عن التهاب الكبد الفيروسي على مستوى مستخدمي مصالح الولادة بولايتي خنشلةوباتنة أو ولايات أخرى وخصوصا القابلات، بإمكانه أن يُظهر الكثير من الحقائق وهو ما يستدعي تدخلا طارئا من قبل الوزارة الوصية لتوفير الوسائل الخاصة بالنظافة وإمداد المستشفيات بمحرقات للتخلص من النفايات الاستشفائية، بالإضافة إلى أجهزة تعقيم وبروتوكولات مصادق عليها ومعتمدة دوليا لتلافي انتقال العدوى التي تهدد آلاف المواطنين بإصابة تثقل كاهل الدولة التي لم تستطع لحد الساعة التكفل بالعدد المسجل من المرضى. هذا هو الوباء الصامت يعد التهاب الكبد الفيروسي "س"من أسباب التهاب الكبد المزمن المهمة، وليس له أعراض في المراحل الأولى للإصابة التي تمر عادة دون أن يعرف المصاب بحدوثها (أي أنه لا يسبب التهابا حادا في الكبد)، ولم يكتشف الفيروس "س"قبل سنة 1992م، ولذلك انتقل عن طريق التبرع بالدم من الأشخاص الحاملين له، لأن الفحوصات التي كانت تعمل قبل التبرع بالدم للتأكد من سلامة الدم المنقول لم تشمل هذا الفيروس الذي لم يكن قد اكتشف بعد، وبذلك فإن التهاب الكبد الفيروسي يشكل حوالي 90٪ من حالات التهاب الكبد الناتجة بسبب تلوث الدم المنقول. كيف تنتقل العدوى... تنتقل العدوى من الشخص المصاب إلى السليم عن طريق الدم الملوث بالفيروس المعدي، ويكون ذلك بالطرق التالية: - أخذ دم منقول قبل عام 1992 أي قبل اكتشاف فيروس التهاب الكبد الفيروسي "س". - المشاركة في الإبر المستعملة لحقن الأدوية المخدرة. - الوخز أو الجرح اللاّإرادي بإبرة أو مشرط ملوث بالفيروس أثناء العمل في المختبرات أو في غرف العمليات أو للعاملين في غسيل الكلى. - الوشم أو الحجامة بإبر غير معقمة، أو الحلاقة بموس ملوث بدم شخص مصاب بالفيروس. - الجماع الجنسي، وهذه الطريقة ليست مهمة جدا، لأن الفيروس لا يوجد بكثرة في سوائل الجسم، ولذلك فإن انتقاله لا يحصل بصورة مؤكدة. الأعراض... لا يشتكي المصاب بفيروس التهاب الكبد من النوع »س« عادة من أية أعراض وقت حدوث العدوى، وتظهر الأعراض فيما بعد، أي عند تحول الإصابة إلى التهاب مزمن. ومن الأعراض التي يشكي منها المصاب: الإحساس بالتعب العام والإرهاق، الغثيان والقيء، ضعف الشهية وآلام في البطن. الوقاية... - تجنب استخدام فرشاة الأسنان وشفرات الحلاقة الخاصة بالآخرين. - تجنب المخدرات وخاصة التي تستعمل عن طريق الحقن. - تجنب استعمال الحقن وأدوات التحليل للسكري التي سبق أن استعملها شخص آخر. - استعمال الواقي أثناء الجماع إذا كان الطرف الآخر مصابا بالتهاب الكبد الفيروسي »ج«.