من قال إن قضية فلسطين، هي قضية الجزائريين الأولى، فهو بالتأكيد لم يكشف سرا، ولم يبالغ في ذلك دون شك، ومن اعتقد أن هم غزةوالقدس والأقصى المبارك والشهداء والجرحى والأسرى وغيرهم من أبناء فلسطين الجريحة، هو هم النخبة المثقفة والمميزة بين الجزائريين فحسب فهو مخطئ، فالقضية الفلسطينية تجري في عروق الجزائريين كبيرا وصغيرا، متعلما ومثقفا وأميا، ولعل التفاعل الكبير والملفت للانتباه الذي أبداه زوار المعرض الذي أقامته جبهة التغيير الوطني بالمركز الثقافي دبيح شريف بالمدنية، لدليل واضح على ذلك، بدرجة تعجز معها الألسنة والكلمات عن وصف تلك المشاهد المؤثرة التي رسمها شيوخ وعجزة وسيدات ماكثات بالبيت وشبان وكهول، توافدوا بكثافة على المعرض المقام بمناسبة الذكرى 51 لأحداث 11 ديسمبر 1960 والذكرى 64 لتقسيم القدس الشريف· صور أبناء فلسطين من أطفال وشبان ونساء شيوخ، ضحايا الآلة الإجرامية الصهيونية البشعة، صور المجازر الرهيبة والشنيعة، التي راح ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين، وعلقت على الجدران الخارجية للمركز الثقافي، صور الرضع المقتولين برصاصات الغدر، وغيرها كثير، من الصور التي صورت بشاعة الإرهاب الصهيوني الأعمى، ونقلتها للعالم بأسره، لتكون شاهدة على همجية الكيان الصهيوني الغاصب، وموت الضمير الإنساني والعربي، اتجاه شعب أعزل يقتل كل يوم، وينكل به كل يوم، ويستباح دمه وعرضه كل يوم، جعلت مواطني المدنية، البلدية الثورية الخالدة التي احتضنت ذات يوم من أيام جويلية وبالضبط يوم 22 من سنة 1954 بمنزل الياس دريش، اجتماع مجموعة ال22 التاريخية التي حضرت لتفجير ثورة التحرير الكبرى، يقبلون على ذات المعرض، ويقفون أمام تلك الصور يتبادلون عبارات الغضب حينا، والمواساة حينا آخر، والإصرار على عودة القدس الشريف وتحرير فلسطين في الفرصة الأولى التي قد تتاح أمامهم· وقد وقفت (أخبار اليوم) على التجاوب والتفاعل الكبير الذي أبداه المواطنون خاصة من فئة العجزة والشيوخ و الكهول، وبصفة خاصة الشباب من الجنسين، كما اقتربت من إحدى المشرفات على تنظيم المعرض وعضو اللجنة الوطنية للقدس، التي أكدت أن المعرض سبقته أيام تضامنية خلال 24 من شهر نوفمبر الفارط، مع تنظيم قافلة تضامنية أيضا مع شعب فلسطين، جابت مختلف مناطق الوطن، وقد أرادوا من خلال هذا المعرض بالذات، تحسيس المواطنين الجزائريين، انطلاقا من بلدية المدنية، بأن فلسطين ليست غزة وحدها، إضافة إلى توعية وإعلام الجزائريين بمحاولات الصهاينة في الفترة الأخيرة هدم باب المغاربة الذي يعتبر وقفا جزائريا في فلسطين، والضغط على الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، لأجل وقف الانتهاكات اليومية التي يقوم بها، على مرأى ومسمع من العالم بأسره، خاصة وأن الفترة تشهد ثورات عربية وانتفاضات ضد الأنظمة الدكتاتورية والعميلة، وهو ما يمكن اعتباره فاتحة خير على القضية الفلسطينية، ومصدر دعم ومساندة لها، من طرف الشعوب العربية قاطبة، التي تنتظر منذ عقود طويلة الفرصة المناسبة لرفع صرختها المطالبة بتحرير أرض فلسطين الطاهرة· وأضافت السيدة (بوكعباش) أن المعرض الذي لاقى قبولا كبيرا، وإقبالا ملفتا للغاية، تضمن أيضا بيع منتجات يدوية لأسيرات فلسطينيات، قمن بصنعها خلف قضبان السجون الإسرائيلية التي أسرن بها فترات طويلة ومتفاوتة، تتمثل في لوحات جدارية جلدية، وأخرى مطرزة، بآيات قرآنية وعلم فلسطين، والمسجد الأقصى، وميداليات صغيرة بالون العلم الفلسطيني، وغيرها من الأشياء التي تدور كلها حول فلسطين ورجال المقاومة والقدس والمسجد الأقصى، تم جلبها من فلسطين، إضافة إلى مساهمة بعض السيدات الجزائريات المبدعات في مجال صنع الحلويات التقليدية بمعرض في هذا الإطار، وكذا عرض مجموعة من الكتب والأقراص المضغوطة تحمل أناشيد فلسطينية وأشرطة وثائقية، والتي يعود ريعها وأرباحها جميعا إلى الشعب الفلسطيني· وعن أبرز ردود فعل الزوار والمواطنين الذين جابوا مختلف أروقة المعرض، قالت ذات المتحدثة، أن صور المجازر الرهيبة التي ارتكبها ويرتكبها يوميا الصهاينة في حق الفلسطينيين، أججت مشاعر الغضب في نفوس عدد كبير من الزوار، وتباينت ردود الفعل بين مختلف فئاتهم، ففي حين أبدى عدد من الشبان استعدادهم للجهاد في فلسطين إلى غاية تحريرها أو نيل الشهادة، ومساندتها وبذل الغالي والنفيس لأجلها، فإن كثيرا من السيدات والعجائز، لم يتمكن من السيطرة على دموعهن، وقد بكين طويلا أمام تلك الصور المروعة، داعيات وراجيات المولى عز وجل أن يعجل بتحرير فلسطين·