قال وزير العدل حافظ الأختام السيّد الطيب بلعيز أمس الجمعة بالجزائر العاصمة إن من أهمّ شروط مكافحة الفساد أن يكون القضاء مستقلاّ ونزيها وذا كفاءة وتخصّص واحترافية عالية، مشيرا إلى أنه تمّ في إطار إصلاح العدالة تعزيز استقلالية القضاء بإصدار القانون الأساسي للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء، وكذا بمضاعفة عدد القضاة وأعوانهم وتكوينهم في تخصّصات عديدة ومحذّرا من عواقب تفشي الفساد، ومنها الفوضى· وأشار الوزير خلال افتتاح الندوة الخاصّة بمكافحة الفساد إلى أنه تمّ تعزيز العدّة التشريعية بمبادئ حقوق الإنسان وتمّ الاعتماد على المعايير الدولية (انطلاقا من قناعة راسخة أن الأمن القضائي عامل أساسي في توفير الأمن الاجتماعي والاستقرار المستدام وحماية المجتمع من كلّ أنواع الاجرام والآفات الخطيرة ومنها آفة الفساد)، وقال إن الفساد من شأنه (إثارة الفوضى وعدم استقرار المعاملات والحدّ من فاعلية أداء الإدارة والاخلال بالمنافسة الشريفة والنزيهة واضعاف روح المبادرة والابتكار وانتشار الغش والتدليس قصد الربح السريع وزيادة كلفة المشاريع التنموية)، كما يؤدّي الفساد إلى (ضعف في الجودة والمردودية ويدمر التنمية الاقتصادية والاجتماعية للامم وسد آفاق التطور أمام الشعوب) كما أضاف· إن الفساد حسب السيّد بلعيز هو أيضا (انعكاس لما قد يكون من خلل في تنظيم وتسيير الإدارة العامة واختلال في آليات الرقابة وفي المناهج والإجراءات القانونية للكشف عن جرائم الفساد ومعاقبة المفسدين)· وعلى أساس ما جاء يرى الوزير أن كلّ استراتيجية تضعها الدولة في مواجهتها للفساد لابد أن تراعي مختلف هذه الجوانب وتشرك المجتمع المدني وكافّة أفراد المجتمع ضمانا لنجاعتها في الوقاية من الفساد ومكافحته، وأكّد من جهة أخرى أن الجزائر (تصدّت دوما) للفساد مذكرا أنها صادقت على اتفاقيتي الأممالمتحدة في هذا الشان وأدرجت محتواهما في نصوصها التشريعية منها قانون الإجراءات الجزائية، وأشار في هذا الصدد إلى أن هذا النص يتضمّن أساليب خاصّة للتحرّي وأسند فيه اختصاص النّظر في الجريمة المنظّمة ومنها الفساد إلى جهات قضائية متخصّصة وذات اختصاص إقليمي واسع، وأضاف أنه تمّ توسيع الاختصاص الإقليمي لضبّاط الشرطة القضائية في مجال مكافحة الجريمة المنظّمة والفساد، كما تمّ من خلال تعديل قانون العقوبات تحديد مفهوم الجماعة الإجرامية المنظمة وإقرار مبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتجريم تبييض الأموال، وذكّر أيضا بصدور قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وتنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد واستحداث الديوان المركزي لقمع الفساد الذي وقع أمس رئيس الجمهورية مرسوما بخصوصه، وذكر كذلك أنه تمّ تعديل عدّة قوانين كقانون الصفقات والقانون المتعلّق بالقرض وقانون القرض وقانون قمع جرائم الصرف وحركة رؤوس الأموال إلى الخارج والقانون المتعلق بمجلس المحاسبة وذلك كما قال (لتطعيمها بمبادئ وآليات ضمان الشفافية والوقاية من الفساد)· وسجّل السيّد بلعيز أن الجزائر صادقت أيضا على اتّفاقية الاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد وعلى الاتّفاقية العربية لمكافحة الفساد، كما أبرمت 37 اتفاقية ثنائية للتعاون القضائي في المجال الجزائي وتسليم المجرمين· من جانب آخر، أكّد الوزير أن الإرادة السياسية والمجهودات المبذولة في الوقاية من الفساد ومكافحته تبقى في حاجة إلى إرادة جماعية وتضافر جهود كلّ المواطنين وجميع الفاعلين في المجتمع حاصة الاعلام والمجتمع المدني· وقد جرت أشغال الندوة التي تنظّمها وزارة العدل بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد بمشاركة ما يفوق 1000 مشارك من هيئات رسمية وفاعلين في المجتمع المدني وناشطين في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص· كما شارك فيها خبراء اجانب وممثل عن هيئة الأمم المتّحدة وآخر عن الاتحاد الأوروبي· وتناول المتدخلون بالنقاش مواضيع ذات الصلة بالموضوع خاصّة الأثار الاجتماعية والاقتصادية للفساد والجهود المبذولة وطنيا ودوليا لمكافحة هذه الظاهرة·