طمأن خبراء وعارفون ومختصون عموم الجزائريين بخصوص التأثيرات المحتملة لما يسمى بأزمة الأورو على الجزائر، وأشاروا إلى أن الوضعية المالية للجزائر تقيها من أي هزات ارتدادية ناتجة عن زلزال الأزمة المالية العالمية والأوروبية، مؤكدين من جانب آخر أن ضرورة تنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني، تفاديا لآثار على المستويين المتوسط والبعيد· وبرأي بعض خبراء الاقتصاد، فإن المخاوف التي أطلقتها بعض الجهات، بخصوص احتمال تأثر الجزائر على المدى القريب بأزمة الأورو هي مخاوف مبالغ فيها، ذلك أن الراحلة المالية التي تعيشها الخزينة العمومية للجزائر تجعلها في مأمن، لسنوات عديدة، من أي تداعيات لأزمة الأورو وغيرها· وفي هذا السياق، أكد وزير المالية الأسبق والنائب في المجلس الشعبي الوطني السيد عبد الكريم حرشاوي أمس السبت بالعاصمة أن الجزائر قادرة على الحفاظ على استقرارها المالي خلال السنوات الخمس القادمة بسبب احتياطي الصرف البالغ 180 مليار دولار· وأوضح السيد حرشاوي خلال الدورة العادية لمجلس ولاية الجزائر للتجمع الوطني الديمقراطي أن الجزائر (قادرة على الحفاظ على استقرارها المالي في حالة تمكنها من الحفاظ على احتياطاتها وإمكانياتها المالية)· وأشار المسؤول السابق خلال مداخلته أن هناك نظرتين لتحليل الأزمة المالية العالمية ومدى تأثر الجزائر بها، حيث ترى الأولى أنها (تشكل خطورة كبيرة على الجزائر في حين تنفي النظرة الثانية ذلك)· وبرأي السيد حرشاوي فإن الجزائر (لم تتأثر كثيرا بأزمة المديونية بما أن الأقتصاد الجزائري لم يندمج في الأسواق المالية العالمية)· وفي المقابل أشار إلى أنه في حالة هبوط أسعار النفط، فإن ذلك سيؤدي (حتما) الى خلق مشاكل باعتبار أن ميزانية الدولة تعتمد أساسا على المحروقات بأزيد من 70 بالمائة من مداخيلها· وفي هذا الصدد، شدد على أنه (لولا توفر شروط الاستقرار المالي والحفاظ على التوازنات الكبرى للجزائر فلا يمكن استمرار النمو وضمان الحماية الإجتماعية لفائدة كل المواطنين)· وذكر السيد حرشاوي أن التجربة العالمية أثبثت أن الأزمات التي عاشها العالم منذ القدم (سببها القرارات والبرامج السياسية وعلاقات الأحزاب فيما بينها أو في علاقاتها مع المجتمع المدني والمجتمع الدولي)· ورجح أن تكون أسباب أزمة المديونية الحالية التي تشهدها العديد من الدول الأوربية (اعتماد الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال 20 سنة الماضية على مدخرات باقي بلدان العالم سواء البلدان الناشئة أو البلدان المتقدمة)· وقال الوزير الأسبق أن الأمريكيين (لم يقوموا بخلق الثروة بقدر ما نظموا نمط عيش (لمواطنيهم) أعلى من القدرات المتوفرة لديهم معتمدين في ذلك على المديونية)· فرنسا في خطر! بدأت فرنسا تأخذ احتياطاتها لاحتمالات سقوطها في الهاوية، في ظل ما تواجهه من تحديات أساسية سياسيًا واقتصاديًا، مع استمرار أزمة منطقة الأورو، والخسارة الكارثية لثقة السوق في ديون البلدان الأوروبية التي أثارت شكوكًا بشأن الإنجاز الكبير الوحيد للاتحاد الأوروبي الخاص بالعملة الأوروبية الموحدة أورو· ومنذ تدشين الأورو، والمشروع الأوروبي قائم على شراكة بين فرنساوألمانيا، رغم أجواء العداء، التي كانت تسود بينهما من قبل· غير أن تلك الشراكة لم يسبق مطلقاً أن كانت شراكة بين طرفين متكافئين: فثقل ألمانيا الاقتصادي دائماً ما كان يتفوق على الثقل الاقتصادي لفرنسا، التي كانت تعوّض ذلك بمواقف دبلوماسية أكثر حزماً· وهي الصيغة، التي ظلت لعقود، إلى أن جاءت الأزمة الأخيرة، لتقضي على وهم التكافؤ، بعدما أصبحت ألمانيا هي الكيان الاقتصادي الأوروبي الوحيد، الذي يحظى بالقوة التي تؤهّلها لإنقاذ دول الجنوب المتعثرة· وهي الحقيقة الاقتصادية التي حظيت بتداعيات سياسية· بدا من خلال الأحاديث المشتركة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن هناك تجاهلاً لحقيقة أن ميركل تحظى باليد الطولي، وأن فرنسا لم يعد بمقدورها، كما كانت من قبل، أن تمضي في طريقها· ورغم تفاخر ساركوزي بالعكس، لم تتحدث ميركل دائماً عن طريقة التفكير الفرنسية بشأن الأورو· وسواء كان ذلك أمراً جيداً أو سيئاً، فإن المستشارة الألمانية وناخبيها هم من حددوا مسار استجابة القارة العجوز للأزمة· لكن إن كان فقدان الهيمنة السياسية أمر مثير للمشكلات بالنسبة إلى فرنسا، فإنها مازالت تتضاءل بالمقارنة مع المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد· وفي أزمة الأورو الحاصلة الآن، أشار تقرير نشرته اليوم صحيفة (الدايلي تلغراف البريطانية) إلى أن فرنسا تحب أن تفكر في نفسها مثل ألمانيا، باعتبارها جزءًا من الحل· لكن البعض في الأسواق المالية بدأ يتساءل عمّا إن كانت لا تشكل في حقيقة الأمر جزءًا من المشكلة· في مقابل ذلك، تعهد رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا فيون، بأن يقضي على عجز الموازنة الحكومية بحلول عام 2016، وهو الأمر الذي سيتطلب ما يقرب من 100 مليار أورو (83 مليار إسترليني) من التشديد المالي· وهو ما يشبه تقريباً برنامج التقشف البريطاني، رغم حديث الفرنسيين عن (الصرامة)· وفي وقت يبدو فيه أن بريطانيا وفرنسا يمتلكان زعيمين محسوبين على تيار يمين الوسط يقومان بتخفيضات، فإن هناك اختلافاً سياسياً كبيراً بينهما· فبمقدور ائتلاف دافيد كاميرون أن يأمل البقاء في السلطة حتى عام 2015، بينما يتعيّن على ساركوزي أن يضمن إعادة انتخابه في شهر ماي المقبل، خاصة وأن التقشف لم ينصفه· أزمة الأورو التهديد الرئيسي لأمن بريطانيا! حذر قائد الجيش البريطاني من أن الأزمة في منطقة الأورو تشكل التهديد الرئيسي للأمن القومي لبريطانيا· واعتبر الجنرال سير ديفيد ريتشاردز أيضا خلال كلمة ألقاها في معهد (رويال يونايتد سرفيسز انستيتيوت) وهو معهد أبحاث حول الدفاع، أن انتفاضات الربيع العربي قد تدفع بعض الإسلاميين في بريطانيا إلى القيام بإضطرابات· وقال إن (الخطر الأكبر الذي تواجه بريطانيا حاليا هو اقتصادي أكثر منه عسكري)· وأضاف (لهذا السبب فإن الأزمة في منطقة اليور هي مهمة جدا) مضيفا أن (أي بلد لا يمكنه أن يدافع عن نفسه لوحده في حال تعرض للإفلاس)· وحسب الجنرال البريطاني، فإن الفوضى في الشرق الأوسط تشكل أيضا خطرا حقيقيا ولكن أقل· أوضح (هناك خطر بأن تتسبب اليقظة العربية بتصدعات ونزاع داخلي يمكن تصديره من خلال الإسلام المجاهد) متحدثا عن عمليات الشتات القائمة حاليا في بريطانيا خصوصا تلك القادمة من باكستان الذي يشهد عدم استقرار· وقال الجنرال ريتشاردز أيضا إن تخفيض ميزانيات الدفاع أرغمت بريطانيا على البحث عن تحالفات عسكرية مع بلدان عدة وهو أمر قد يستمر· وأضاف (أصلا تعاوننا مع دول الخليج ودول إفريقيا أثمر نتائج في هذه المناطق بكلفة زهيدة)· وأوضح (ربما توجب علينا توثيق العلاقات الدفاعية مع هذه المناطق أكثر منه السعي لتوسيع نفوذنا في دول أخرى عديدة مثل الصين والهند)· أزمة الأورو تذيب الخلافات بين روسيا و الاتحاد الأوروبي اقترح الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف صرف 20 مليار دولار لمساعدة منطقة الأورو على تجاوز أزمة الديون خلال القمة مع الاتحاد الأوروبي، الذي ينوي من جهته طرح مسألة الانتخابات المتنازع عليها في البلاد· وقد تلقى الملفات المالية العاجلة التي ترزح أوروبا تحت أعبائها، بظلالها على نقاط الخلاف بين موسكو وبروكسل أكانت الانتخابات الروسية أم ملف إيران النووي أم الثورة السورية· ويعتمد الأوروبيون على روسيا ودول ناشئة أخرى للمساهمة في الجهود الدولية الرامية خصوصا عبر صندوق النقد الدولي، الى مساعدة دول منطقة الأورو الأكثر تضررا· وخلال اللقاء الذي بدأ ظهرا مع رئيسي مجلس أوروبا هرمان فان رومبوي والمفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، ينوي مدفيديف أن يعد بمساهمة روسية تصل إلى 20 مليار دولار حسبما قال أركادي دفوركوفيتش المستشار الخاص للرئيس الروسي للقضايا الاقتصادية· وأكد من جهة أخرى عزم بلاده على صرف مبلغ قيمته 10 مليارات دولار يتم التحدث عنه منذ أسابيع· وقال دفوركوفيتش إن هذا المبلغ (مساهمة صغيرة)· وأضاف: (أننا مستعدون لمنح 10 مليارات دولار إضافية) شرط تمكن منطقة الأورو من تحقيق هدفها الأصلي وهو جمع حتى ألف مليار أورو في صندوق الإنقاذ الأوروبي· وحتى الآن اضطرت منطقة الأورو الى خفض توقعاتها في هذا الخصوص· وقال دفوركوفيتش أن قرار موسكو النهائي (رهن بما يفعله صندوق النقد الدولي) لصالح منطقة الأورو و(حجم الفارق) بين هدف الألف مليار أورو والمبلغ الذي يمكن تأمينه· ولروسيا مصلحة ذاتية فورية في نهوض منطقة الأورو· وتؤدي أزمة الديون الى خفض سعر صرف الأورو في حين أن 40 بالمائة من الاحتياطي الروسي من العملات الأجنبية بالأورو·