أكد العالم المصري أحمد زويل، الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، أن السياسة الأمريكية ركزت لمدة نصف قرن على تأمين تدفق النفط وضمان تفوق إسرائيل عسكرياً، بل ودعمت الأنظمة غير الديمقراطية في الوقت الذي كانت تطالب فيه علناً بالتغيير الديمقراطي، داعياً إلى ضرورة تغيير هذه السياسة ذات الوجهين إلى أخرى واحدة تدعم حقوق الإنسان والحكم الرشيد. وشدد زويل على حاجة أمريكا إلى عصر جديد من القوة الناعمة، واعتبر أن تركيز الولاياتالمتحدة على العلم والتعليم يساعدها على إعادة بناء علاقتها مع العالم العربي. وفى المقال الذي كتبه زويل بصحيفة الجارديان البريطانية اليوم، قال إنه خلال تواجده فى الإسكندرية في مطلع هذا العام للحديث عن الإصلاح التعليميى بصفته مبعوثاً خاصاً للرئيس الأمريكى باراك أوباما للعلوم، التقى بمجموعة من الشباب الذي يملك طموحاته لنفسه ولبلده، ويمثلون المجتمع المصري وهم الذين تطرق إليهم أوباما في حديثه بجامعة القاهرة وجدهم »يسعون إلى بداية جديدة بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي حول العالم تقوم على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل«. وتحدث زويل عن فترة شبابه في مصر، التي تذكرها عقب لقائه بهؤلاء الشباب، وقال إنه على الرغم من أن ثورة جمال عبد الناصر كانت علمانية إلا أن الثقافة في مصر ظلت دينية بدرجة كبيرة، وإن كان هناك اعتدال وتسامح، وكانت النساء يمثلن نصف عدد الطلاب في الجامعة، كما كانت المشرفة الأكاديمية عليه امرأة. ويرى زويل أن أمريكا بالنسبة لجيله لم تكن تنظر إليه كصديق، فقد كانت في صراع مع عبد الناصر، إلا أنه ورغم المشاعر العدائية تجاه أمريكا، كان الشباب منجذبين نحو قوتها الناعمة والتى كانت تتمثل فى إنجازاتها العلمية وقيمها الدستورية. فحتى بعد حرب جوان 1967 عندما تضررت العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر، كان أساتذة الجامعة الذين حصلوا على درجة الدكتوراة من أمريكا يمنحون الشباب نظرة أكثر حيادية عنها وهو ما لعب دوراً حاسماً فى ذهاب زويل إلى أمريكا، على حد قوله. ويشير العالم المصري إلى أن القوى الناعمة كان لها تأثير كبير فى بناء الجسور بين الثقافات والأديان ولها القوة لفعل ذلك أيضا مع العالم الإسلامي، وعلى العكس منها، فإن القوى الصلبة مكلفة للغاية، فالحرب الأخيرة على العراق سببت الألم والمعاناة للملايين. فبغض النظر عن »النوايا الحسنة« للرئيس بوش والمحافظين الجدد، سواء كانت نشر الديمقراطية أو تأمين إمدادات النفط، فإن الحرب ولدت مزيداً من الصراعات في الشرق الأوسط، وتحويل الانتباه عن التنمية الاقتصادية فى المنطقة وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويدافع زويل عن الإسلام قائلاً: »إنه لا يوجد شيء في الحمض النووي الثقافي في الإسلام يجلعه مقاوماً لاستيعاب الأفكار الجديدة، فالغالبية العظمى من المسلمين معتدلون لا يريدون أكثر من أن يعيشوا حياة كريمة ويعلمون أطفالهم«. ويؤكد أنه أينما ذهب فى الإسكندرية، كان الناس يعربون عن تطلعهم إلى إقامة علاقات علمية وتعليمية أوثق مع الولاياتالمتحدة مهما كانت الخلافات حول القضايا السياسية. ويقول زويل إن الحاجة أكبر إلى القوة الناعمة للعلم الحديث والتعليم والتنمية الاقتصادية. فهناك ما يقرب من 300 مليون عربي الآن نصفهم تحت سن 15 عاما، وتتجاوز معدلات البطالة 15٪. وهذا الوضع يمثل قنبلة موقوتة يمكن أن يفجرها الشباب المحبط بتعبيره عن يأسه من خلال العنف المحلي والدولي. فالتقدم في الشرق الأوسط هام للغرب ليس فقط للحصول على الموارد الطبيعية ولكن أيضا للحفاظ على نفوذه في المنطقة التي تحاول قوى أخرى استقطابها مثل الصين وروسيا. واختتم زويل مقاله بالقول إننا فى حاجة إلى شراكة طويلة الأمد ومتماسكة لبناء وتحديث العلوم وزيادة الدعم المقدم للطلاب والباحثين. والعرب المؤهلون بدرجة كبيرة والموجودون فى أمريكا بإمكانهم المشاركة فى ذلك.