يرى العديد من خبراء سوق السيّارات في الجزائر أن أسعار هذه الأخيرة التي شهدت في الشهور الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق، مرشّحة لتشهد زيادات جديدة تشمل مختلف الماركات خلال سنة 2012، وذلك تبعا لمعطيات داخلية وخارجية تحالفت لتجعل من الحصول على سيّارة أمرا بالغ الصعوبة، بل مستحيلا للعائلات ذات الدّخل المتوسّط والضعيف· وحسب المعطيات الرّاهنة فإن أسعار السيّارات بالجزائر مرشّحة لمزيد من الارتفاع بالنّظر إلى الطلب الكبير عليها مقابل تراجع العرض، حيث استغلّ آلاف الموظّفين الزّيادات الأخيرة في أجورهم لتحسين ظروف حياتهم واقتناء سيّارات تسهّل تحرّكاتهم، وهو ما جعل أسواق السيّارات تعرف حركية كبيرة انعكست على أسعار السيّارات حتى باتت السيّارات القديمة تحلّق بأسعار بعيدة عن متناول إمكانيات (الزّوالي)، خصوصا وأن الحصول على سيّارة جديدة لم يسبق وأن تمّ استعمالها ليس بالأمر الهيّن في ظلّ الإجراءات الإدارية المعقّدة لدى عدد من وكلاء الشركات العالمية، إذ يتطلّب الأمر انتظار بضعة شهور لاقتناء سيّارة جديدة· ويضاف إلى هذه العوامل الداخلية عامل الأزمة المالية العالمية وأزمة الأورو، لتصبح الصورة أكثر تعقيدا، حيث أن أسواق السيّارات في الجزائر ليست في منأى عن تأثيرات ما يجري في الأسواق العالمية التي تشهد ركودا دفع ببعض منتجي السيّارات ومصدّريها إلى رفع أسعارها أملا في تعويض جزء من خسائرهم نتيجة الأزمات المالية المتلاحقة· وبعد أن صرّح مسؤول كبير بوزارة المالية بأن الجزائر لن تكون في منأى عن تداعيات وتأثيرات ما يعرف بأزمة الأورو التي زلزلت الاقتصاد الأوروبي، مشيرا إلى أن التأثير أكيد لكن مداه وتوقيته غير معلوم، يشير متتبّعون إلى أن أولى تأثيرات الأزمة المذكورة ستمسّ سوق السيّارات بالجزائر، حيث يُرتقب أن تشهد أسعارها زيادة كبيرة خلال الشهور القادمة· ويرى متتبّعون أنه بالنّظر إلى تراجع مبيعات السيّارات في الأسواق الأوروبية نتيجة الأزمة، فإن صانعي السيّارات في أوروبا سيلجأون خلال سنة 2012 إلى تقليص الإنتاج، وهو ما سيؤثّر بشكل مباشر على أسعار السيّارات في الأسواق الجزائرية، ناهيك عن اضطرار المنتجين الأوروبيين للسيّارات إلى رفع أسعار منتجاتهم الموجّهة للأسواق غير الأوروبية، ومنها السوق الجزائرية بهدف تعويض خسائرهم في أوروبا، وهو ما ينذر بارتفاع كبير في أسعار المركبات الأوروبية المسوّقة بالجزائر، علما أن هذه الأسعار ملتهبة أصلا· للإشارة، فقد كشفت بيانات اتحاد منتجي السيّارات الأوروبي أن مبيعات السيّارات الأوروبية تراجعت بنسبة 3.5 في المائة في نوفمبر من العام الماضي نتيجة اشتداد أزمة ديون منطقة الأورو· وقال الاتحاد - ومقرّه بروكسل - إن الهبوط سببه تراجع حادّ في أسواق السيّارات الرئيسية في دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء ألمانيا التي خالفت الاتجاه لتسجّل زيادة نسبتها 2.6 في المائة في عدد التراخيص الممنوحة للسيّارات في الشهر المذكور· وقال الاتحاد إن المبيعات الألمانية في الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي ارتفعت بنسبة 9.1 في المائة· ويتّضح أن ما جعل إجمالي مبيعات السيّارات الأمريكية يتراجع هو أسواق السيّارات في الدول التي تقع في قلب أزمة ديون منطقة الأورو المؤلّفة من 17 دولة، ،التي سجّلت أكبر تراجع الشهر الماضي، ومنها هبوط بنسبة 6.4 في المائة في إسبانيا و9.2 في المائة في إيطاليا· وقد كان التراجع أكثر من حادّ في إيرلندا والبرتغال اللتين سجّلتا نسبة كبيرة بلغت 48.8 في المائة، وكان اللاّفت انتعاش السوق اليونانية بنسبة 16.5 في المائة· وتجري كلّ الدول جولة صارمة من إجراءات التقشّف بهدف ضبط مالياتها العامّة، وسجّلت فرنسا التي تعدّ أهم مورّد للسيّارات باتجاه الجزائر تراجعا بنسبة 7.7 في المائة، وانعكس ذلك في بيانات المبيعات الأوروبية لشركات السيّارات الوطنية مع تسجيل شركة (بيجو - ستروين) الفرنسية تراجعا في عدد التراخيص بنسبة 13.7 في المائة وإيطاليا بنسبة 12.2 في المائة·