عالجت أمس محكمة جنايات العاصمة ملف المتّهم (م· رشيد) مختلّ عقليا، توبع بجناية محاولة القتل العمدي التي كادت تودي بحياة فلذة كبده الذي لم يتجاوز سنّ ال 14 بعد أن استغلّ نومه ليوجّه له طعنة بواسطة خنجر من الحجم الكبير، ولحسن حظّ الضحّية أنه تمكّن من مواجهة والده الجاني وتجنّب الضربة، غير أنه أصيب بجروح متفاوتة الخطورة في أنحاء متفرّقة من جسده· هي وقائع الجريمة البشعة التي كادت تشهدها بلدية القبّة في 25 أوت من سنة 1999، والتي حقّقت فيها مصالح أمن حسين داي بعدما تلقّت نداء من شخص للإبلاغ عن محاولة قتل راح ضحّيتها مراهق في الرّابعة عشر من عمره يدعى (م· العيد)، حيث تعرّض لعدّة طعنات بواسطة خنجر على يد والده الذي حاول ذبحه من الوريد إلى الوريد، إلاّ أن يقظة الابن الذي تجنّب الضربة حالت دون وفاته، غير أنه أصيب بعدّة جروح. وعليه تنقّلت مصالح الشرطة القضائية إلى موقع الجريمة أين تمّ نقل الضحّية إلى مستشفى القبّة لتلقّي الإسعافات، في حين تمّ استجواب الأب الذي اعترف منذ الوهلة الأولى بالجريمة التي أراد ارتكابها في حقّ ابنه، معلّلا ذلك بأنه حاول التخلّص منه حتى لا يعاني الجوع والفقر، وأنه لحسن حظّه أن ابنته تدخّلت وسارعت لطلب النّجدة من الجيران الذين حالوا دون استكمال مخطّطه المتعلّق بإقدامه على الانتحار· المتّهم خلال مثوله أمام هيئة المحكمة بدت عليه علامات التوتّر والإرهاق، كما كانت تصرّفاته غريبة توحي بأنه يعاني من اضطرابات عقلية، وهو الأمر الذي أكّدته الخبرة الطبّية المنجزة، كما صرّح بأنه لم تكن لديه نيّة قتل ابنه، بل حاول الانتحار. وهي التصريحات التي أكّدها كلّ من الضحّية وشقيقته اللذين أعادا سرد الوقائع، مشيرين إلى أن المتّهم متعوّد على تناول الأقراص المهدّئة نتيجة إصابته بمرض الأعصاب ويعالج لدى إحدى المصحّات العقلية منذ سنة 1997 وقد أصيب بانهيار عصبي نتيجة الظروف المعيشية والفقر المدقع وعدم قدرته على إعانة أفراد عائلته التي تتكوّن من 10 أشخاص، ما اضطرّ والدتهما إلى العمل في البيوت كمنظّفة، ويوم الواقعة نفدت الحبوب التي يتعاطاها، ما أفقده أعصابه فحاول الانتحار، نافيين محاولة قتله للضحّية، وأن الجروح التي أصيب بها كانت جرّاء محاولته نزع السكّين من يد المتّهم· من جهته، ممثّل النيابة العامّة خلال مداخلته اعتمد على تقارير الخبرة الطبّية التي تؤكّد مرض المتّهم، ملتمسا إحالته على مصحّة للأمراض العقلية لتلقّي العلاج، خاصّة وأن الطبيب الشرعي أكّد في تقريره أن المتّهم لم يكن في كامل قواه العقلية أثناء ارتكاب الجريمة، لتقرّ هيئة المحكمة بعد المداولات القانونية ببراءة المتّهم·