تشرع (أخبار اليوم) بداية من هذا العدد إلى غاية انطلاقة نهائيات كأس أمم إفريقيا المقررة بعد أقل من أسبوعين من الآن في كل من غينيا الاستوائية والغابون، بنشر القصة الكاملة لأغلى كأس قارية لكرة القدم، والتي باتت تضاهي كأس أمم أوروبا و(كوبا أمريكا)· في الواحد والعشرين من هذا الشهر، ستتجه أنظار الملايين من عشاق كرة القدم في جميع أنحاء العالم صوب القارة الإفريقية وبالضبط إلى غينيا الاستوائية والغابون لمتابعة فعاليات واحدة من أهم بطولات كرة القدم وأكثرها جذباً للأنظار، حيث يستضيف هذين البلدين بطولة كأس الأمم الإفريقية الثامنة والعشرين· تغييرات وتحولات على مدار أكثر من نصف قرن منذ انطلاق البطولة الأولى في السودان عام 1957 شهدت البطولة العديد من التغيرات والتحولات المهمة التي جعلتها بين بطولات الفئة الثانية مباشرة في عالم الساحرة المستديرة بعد بطولة كأس العالم، حيث تقترب في قوتها من بطولتي كأس أمم أوروبا وكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا). وتستحوذ البطولة في نسختها الثامنة والعشرين على اهتمام كبير لأنها تأتي قبل عامين فقط من استضافة القارة الأفريقية بطولة كأس العالم للرجال للمرة الأولى في تاريخها· كما يسعى أصحاب الأرض إلى انتهاز فرصة إقامة البطولة وسط جماهيره لانتزاع أول لقب قاري، من جهته يسعى المنتخب الغاني للاقتراب من صاحب الرقم القياسي المنتخب المصري لعدد مرات الفوز بلقب البطولة (ستة مرات) والذي ينفرد به بفارق لقبين أمام كل من نظيريه الغاني والكاميروني· كيف جاءت فكرة تأسيس كأس أمم إفريقيا وتعد البطولة الإفريقية أحد أهم أسباب تأسيس الاتحاد الإفريقي للعبة، حيث اجتمع عدد من كبار الشخصيات البارزة في عالم كرة القدم الأفريقية في العاصمة البرتغالية لشبونة يومي السابع والثامن من جانفي 1956 لتأسيس الاتحاد وتنظيم المسابقة بداية من 1957 . وجرى الاتفاق على أن تكون السودان التي حصلت على استقلالها في جانفي 1956 مقراً لاستضافة البطولة الأولى· وبني إستاد جديد بالخرطوم خصيصاً لهذا السبب وافتتح في 30 سبتمبر 1956· وفي نفس الوقت صيغت قوانين المسابقة وكانت المشاركة متاحة أمام منتخبات جميع الدول الأعضاء بالاتحاد كما جرى الاتفاق على أن تقام البطولة كل عامين تحت إشراف لجنة التنظيم والدولة المضيفة· وربما جاءت البداية هزيلة حيث انطلقت فعاليات البطولة بمشاركة ثلاثة منتخبات فقط واستمر ذلك في البطولة الثانية كما شهدت البطولات الأولى بعض الارتباك في الأعوام التي أقيمت فيها البطولة· ولكن الموقف تغير سريعاً لتقام البطولة بشكل منتظم كل عامين كما تضاعفت قوة البطولة بمرور الوقت وازدادت المنافسة على الوصول إلى النهائيات التي ارتفع عدد المنتخبات المشاركة فيها إلى 16 منتخباً في الوقت الحالي· ويشتعل الصراع كل عامين على الوصول لنهائيات البطولة، حيث يشارك في التصفيات التي تقام على مدار نحو 18 شهراً 52 منتخباً تتنافس على بطاقات التأهل الستة عشر للنهائيات· وتساعد هذه البطولة عشاق الساحرة المستديرة في كل أنحاء أفريقيا على مشاهدة أبرز نجوم القارة وهم يلعبون ضمن منتخبات بلادهم بالإضافة إلى الاستمتاع بمهاراتهم الرائعة التي صقلوها من خلال احتراف معظمهم في الأندية الأوروبية· ونجحت هذه البطولة في التغلب على عوائق اللغة والدين والمسافة للتقارب بين الشعوب الإفريقية، كما نجحت في الكشف عن العديد من المواهب والمهارات من كل أنحاء القارة السمراء· وبالنظر إلى تاريخ وإحصائيات البطولة عبر تاريخها الممتد لأكثر من نصف قرن نستنتج أنها لم تتوقف عن حد وإنما كانت ولا تزال نموذجاً رائعاً للتطور في عالم كرة القدم كما تمثل معرضاً لأبرز النجوم والمنتخبات الذين تركوا أثراً واضحاً في تاريخ البطولة· هذه هي كأس أمم إفريقيا قبل الإجابة عن العشرات من الأسئلة بل مئات من الأسئلة عبر سلسلتنا هذه، لنبدأ بالسؤال الذي قد يتبادر لذهن الكثير منا، ماذا تمثل كأس أمم إفريقيا؟ كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم هي بطولة ينظمها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم كل عامين بين الدول الإفريقية المتأهلة من التصفيات لتحديد بطل القارة الإفريقية وهي مصنفة البطولة الثالثة على العالم بعد كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية لشدة منافساتها حيث تضم المنتخبات التي تتأهل إلى نهائيات البطولة نخبة من اللاعبين الأفارقة المحترفون في أفضل الأندية الأوروبية بالإضافة إلى أفضل اللاعبين داخل القارة الأفريقية· تعتبر كأس أمم إفريقيا بالنسبة لسماسرة اللاعبين، فرصة ذهبية لاقتناص العصافير النادرة، التي تبحث عن مكانا في الأراضي الباردة ونعني بها القارة الأوروبية، فكم لاعب إفريقي شق طريقة إلى عالم النجومية من الكأس الإفريقية، وقد يطول بنا الحديث عن أسماء هؤلاء اللاعبين، لكن هناك أسماء يستحقون الذكر، ففي الماضي البعيد، تألق المالي ساليف كايتا، وبعدها الغاني عبد الرزاق وابيدي بيلي، ولا ننسى ماجر والكاميرونيين أبيغا وروجي ميلا والحارس نكونو وأنطوان بال، إضافة إلى النيجري رشيدي أكيني والزامبي بواليا كالوتشا· في البرتغال ولدت كأس أمم إفريقيا لعل الكثير يتفاجأ أن ميلاد الكأس الإفريقية كانت خارج القارة الإفريقية، وبالضبط في القارة الأوروبية في البرتغال، البلد الذي كان يسطير على الكثير من البلدان الإفريقية وفي مقدمة هذه البلدان البلد الذي سيكون له شرف استضافة العرض الإفريقي المقبل بغينيا الاستوائية والغابون· بعد كأس العالم، وقبل ذلك كأس أمريكا اللاتينية التي تعرف باسم (كوبا أمريكا) وبعد تأسيس الكأس الأممية الأوروبية، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان لزاما على تأسيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، فرغم أن جلّ البلدان الإفريقية تحت رحمة كبار المستعمرين الأوروبيين، إلا أن هذا لم يمنع من ميلاد الكأس الإفريقية· استغل عدد من كبار الشخصيات البارزة في عالم كرة القدم الإفريقية في العاصمة البرتغالية لشبونة يومي السابع والثامن من جوان خلال الاجتماع العادي للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، في العاصمة البرتغالية لشبونة فعلى هامش هذا الاجتماع، الذي تم بفندق (افينيدا) في البرتغال، راح كل من المصريين عبد العزيز سالم ومحمد لطيف والسودانيون عبد الحليم شداد وبدوي محمد وعبد الحليم محمد والجنوب إفريقي فرد ويل ليناقشوا فكرة تأسيس الاتحاد الإفريقي وإطلاق مسابقة بين منتخبات القارة الإفريقية. وجرى الاتفاق على أن تكون السودان التي حصلت على استقلالها في مطلع شهر جانفي 1956 مقراً لاستضافة البطولة الأولى· وبُني ملعبٌ جديدٌ بالخرطوم خصيصاً لهذا السبب وافتتح في 30 سبتمبر 1956 . وانعقدت الجمعية التأسيسية بعد ثمانية أشهر في فندق (غران اوتيل) في الخرطوم قبل يومين من المباراة الافتتاحية للدورة الأولى، وفي نفس الوقت صيغت قوانين المسابقة وكانت المشاركة متاحة أمام منتخبات جميع الدول الأعضاء بالاتحاد كما جرى الاتفاق على أن تقام البطولة كل عامين تحت إشراف لجنة التنظيم والدولة المضيفة· وربما جاءت البداية هزيلة، حيث انطلقت فعاليات البطولة بمشاركة ثلاثة منتخبات فقط واستمر ذلك في البطولة الثانية كما شهدت البطولات الأولى بعض الارتباك في الأعوام التي أقيمت فيها البطولة· ولكن الموقف تغير سريعاً لتقام البطولة بشكل منتظم كل عامين كما تضاعفت قوة البطولة بمرور الوقت وازدادت المنافسة على الوصول إلى النهائيات التي ارتفع عدد المنتخبات المشاركة فيها إلى 16 منتخباً في الوقت الحالي· ويشتعل الصراع كل عامين على الوصول لنهائيات البطولة، حيث يشارك في التصفيات التي تقام على مدار نحو 18 شهراً 52 منتخباً تتنافس على بطاقات التأهل الستة عشر للنهائيات· الدورة الأولى (السودان 1957): مصر تنزع أول لقب إفريقي في العاشر من فيفري 1957 كانت ضربة البداية، حيث افتتح رئيس وزراء السودان سيد إسماعيل الأزهري أول بطولة أفريقية للمنتخبات في حضور أكثر من 30 ألف متفرج بالملعب الأولمبي بمدينة أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم· أدار المباراة الافتتاحية بين مصر والسودان الحكم الإثيوبي جيبيهو دوبي في البطولة التي شاركت فيها منتخبات مصر وأثيويبا والسودان وفازت فيها مصر على السودان 2-1 وسجل هدفي المنتخب المصري رأفت عطية ومحمد دياب العطار، في حين سجل صديق منزول هدف السودان الوحيد· أقيمت المباراة النهائية في 15 من نفس الشهر وأدارها الحكم السوداني يوسف محمد وفازت فيها مصر على أثيوبيا بأربعة أهداف سجلها الديبة وسلم المصري عبد العزيز عبد الله سالم الكأس التي حملت اسمه إلى قائد المنتخب المصري رأفت عطية ليتوج المنتخب المصري بلقب البطولة الأولى· شارك في الدورة الأولى ثلاثة منتخبات، وهي منتخب مصر ومنتخب السودان ومنتخب أثيوبيا، فيما منع في آخر لحظة منتخب جنوب إفريقيا من المشاركة في البطولة بسبب التمييز العنصري الذي كان ينتهجه نظام هذا البلد ضد السود· انتزع لقب هداف البطولة المصري الديبة بخمسة أهداف، وقد شهدت البطولة تسجيل عشرة أهداف، سجل منها المنتخب المصري سبعة أهداف كاملة· الدورة الثانية (مصر 1959): مصر تحتفظ بلقبها القاري أقيمت بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم في الفترة الممتدة مابين 22 إلى 29 ماي 1959 بملعب النادي الأهلي في القاهرة مصر ، وقد أقيمت البطولة بنظام المجموعة الواحدة، وقد شارك في هذه البطولة كل من منتخب مصر لكرة القدم ومنتخب السودان لكرة القدم ومنتخب أثيوبيا لكرة القدم، وهي نفس المنتخبات التي شاركت في الدورة الأولى في السودان، وكان تنظيم البطولة الثانية من نصيب مصر مقر الاتحاد الأفريقي· افتتح المنتخب المصري رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ساحق على أثيوبيا بأربعة أهداف على المنتخب الإثيوبي، سجل منها محمود الجوهري ثلاثة أهداف ثم ميمي الشربيني الهدف الرابع، في حين فازت مصر في النهائي على السودان بهدفين سجلهما عصام بهيج مقابل هدف لصديق منزول أيضاً ليتوج المنتخب المصري باللقب الثاني له· انتزع لقب هداف البطولة المصري محمود الجوهري بثلاثة أهداف، فيما سجل عصام بهيج هدفين، وبهدف واحد سجل كل من ميمى الشربيني وأدريسا مانزول· الدورة الثالثة (إثيوبيا 1962) إثيوبيا لأول مرة ومصر تخسر تاجها نظرا للاتفاق الذي تم إبرامه في أول اجتماع لأعضاء الاتحاد الإفريقي المؤسسين لكأس أمم إفريقيا، على أن تقام الدورات الثلاثة الأولى بالتناوب بين البلدان الثلاثة المؤسسة لكأس أمم إفريقيا، فبعد أن احتضنت السودان الدورة الأولى عام 1957 ومصر الدورة الموالية عام 1986، جاء الدور لأثيوبيا التي نظمت البطولة الثالثة· كان لنجاح أول نسختين من كأس الأمم الفضل في جذب انتباه الدول الإفريقية المنضمة حديثا إلى الاتحاد الإفريقي، فتم إجراء مرحلة تصفيات للمرة الأولى للبطولة قبل إقامة النهائيات في إثيوبيا التي جاء الدور عليها لاستضافة البطولة الثالثة بمشاركة أربعة منتخبات للمرة الأولى أيضا، وذلك بانضمام تونس إلى الدول الثلاث المؤسسة للمسابقة· وشاركت دول عديدة في التصفيات التي أقيمت بنظام خروج المغلوب وهي الطريقة الوحيدة المعروفة في ذلك الوقت، فخرجت نيجيريا وغانا والمغرب وكينيا والسودان من التصفيات ووصلت تونس وأوغندا إلى النهائيات بالإضافة إلى إثيوبيا البلد المنظم ومصر حامل اللقب· تم إقامة البطولة بنظام خروج المغلوب فلعبت إثيوبيا مع تونس في الدور قبل النهائي وتغلبت عليها بنتيجة 4-2 ، أما مصر فقد فازت على أوغندا بنتيجة 2-1، وسجل الهدفين صالح سليم وبدوي عبد الفتاح· فشلت مصر في الحفاظ على لقبها، بعد التعادل مع إثيوبيا 2-2 خلال الوقت الأصلي للمباراة، بهدفين لبدوي عبد الفتاح أيضا، ولكن في الوقت الإضافي استطاع أصحاب الأرض تسجيل هدفين ليفوزوا باللقاء بنتيجة 4-2 ، وتغادر الكأس الإفريقية الأراضي المصرية للمرة الأولى لتستقر جنوبا في بلاد الحبشة واكتفت مصر بلقب هداف البطولة الذي ناله بدوي عبد الفتاح بالاشتراك مع الإثيوبي مانغستو· يتبع ··· إعداد: كريم مادي