رغم الإجراءات الصارمة التي تم اتخاذها من طرف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، لمواجهة أزمة ندرة الأدوية خلال سنة 2012، بعد أزمة الندرة الملفتة التي ميزت سوق الأدوية بالجزائر سنة 2011، إلا أن بعض مرضى الربو وهو من الأمراض المزمنة، مثلما هو معلوم، استقبلوا السنة الجديدة على وقع ندرة أهم دواء لديهم، وهو البخاخ المعروف طبيا باسم (الفانتولين)، الذي يستخدم في تخفيف أعراض الأزمة الصدرية، وهو من موسعات الشعب الهوائية المخففة لنوبة الربو، حيث يشعر المريض بعد استخدامه أن ضيق النفس قد قل وأصبح بإمكانه التنفس بطريقة أسهل، ويكون استخدام العلاج _حسب المختصين- عن طريق الرذاذ أو البخار، وفق جرعة محددة من الفانتولين ممزوجة بمحلول الملح الذي يساعد على إصدار الرذاذ لكي يستطيع المريض استنشاقه ويتم وصوله إلى أقصى الشعيبات الهوائية ويعمل على توسعها· ويعدّ الفانتولين من الأدوية الهامة والحيوية التي لا يمكن أن يستغني عنها أي مصاب بالربو، صغيرا أو كبيرا، ويحملها معه في كل مكان طول الوقت، لكي تعينه على تجاوز أزمة الربو في حال حدوثها، وتخفيف حدتها، ما جعل الأخبار المتداولة بشأن ندرته كابوسا حقيقيا، أجبر عددا من المرضى على الانطلاق في جولات ماراطونية عبر بعض صيدليات العاصمة، لعلهم يظفرون بعلبة إضافية، تجنبهم نوبات الربو الحادة والفجائية، وأبدى بعض المرضى سخطهم الكبير من نقص دواء هام وحيوي، من شأنه أن يهدد حياة الكثير من المصابين، في حال ما استمرت أزمة الندرة على ما هي عليه، وفي هذا الإطار قال السيد(رابح) من جسر قسنطينة، أنه تفاجأ كثيرا عندما اتجه إلى معظم الصيدليات المتواجدة بجسر قسنطينة وبعين النعجة، بحثا عن علبة فانتلوين واحدة، دون أن يتمكن من إيجادها، واعتقد في البداية أن الأمر يتعلق بنقص الكمية في بعض الصيدليات، لكن الأمر شمل حوالي 5 صيدليات كاملة من جسر قسنطينة وعين النعجة، إلى أن أخبره صيدلي أن دواء الفانتولين على شكل بخاخ غير متوفر بكمية كافية منذ نحو أسبوع تقريبا، وهو الخبر الذي سقط عليه كالصاعقة لأن العلبة المتوفرة لديه لم تعد كافية للاستعمال إلا لمرتين على الأكثر، ما دفعه لتجنيد كل أبنائه وبعض من أصدقائه للبحث عن الفانتولين عبر صيدليات العاصمة المختلفة، ليظفر بالأخير بعلبة منه في صيدلية بنواحي الحراش· وبغية الوقوف على حقيقة الأخبار المتداولة حول نقص الفانتلوين عبر الصيدليات، قصدنا إحدى الصيدليات بحي 720 مسكن بعين النعجة، وقد أكدت الصيدلية العاملة بها أن الفانتولين غير متوفر فعلا على مستوى عدد من الصيدليات ومنها الصيدلية التي تعمل بها منذ حوالي 10 أيام، مرجعة السبب إلى احتكار الأدوية على مستوى باعة الجملة، الذين يقومون بتخزين الأدوية والانتظار إلى غاية نفادها بالسوق، ثم إخراجها مجددا، بحثا عن الربح السريع ولو كان ذلك على حساب صحة المواطن الجزائري البسيط، مؤكدة أنه لو لم يوجد أناس يتحكمون بسوق الأدوية من أهل الاختصاص وأصحاب المهنة الحقيقيين لتغيرت الكثير من المعطيات، وما كانت أزمة ندرة الأدوية لتطرح بهذا الشكل الحاد في الجزائر· من جهته قال السيد فيصل عابد نائب رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، في اتصال به، إن الأمر لا يتعلق بندرة في الفانتولين، أو فقدها تماما في الصيدليات، ولكن الكمية الموجودة حاليا قليلة مقارنة بحجم الطلب عليها، لسبب رئيسي أرجعه ذات المتحدث في تصريحه ل(أخبار اليوم)، إلى الذبذبة في التوزيع التي تصادفت مع رأس السنة الجديدة، فيما أن الدواء متواجد على مستوى تجار الجملة، وسيكون متوفرا بصفة عادية خلال الأيام القليلة المقبلة، كما تم طرح دواء جنيس في السوق المحلية تحت اسم (استالين)، مؤكدا أن النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، قد نددت مرارا بهذا الوضع، و شددت اللهجة بشأن ضرورة توفير كافة الأدوية التي يحتاج إليها المرضى في الجزائر، مضيفا أنه من شأن التدابير الأخيرة التي قامت وزارة الصحة باتخاذها أن تضع نهاية لمشكل ندرة الأدوية، وعلى رأسها الإجراءات المعلن عنها فيما يتعلق بتنصيب لجنة وطنية استشارية للدواء والمنتوجات الصيدلانية تعمل على مراقبة السوق الوطنية ومواجهة أية ندرة أو نقص في الدواء ومحاربة المضاربة من خلال تقييم منتظم لكمية الأدوية الموجودة· وتجدر الإشارة أنه وبالنسبة لدواء الفانتلوين، فإنه يمكن للمريض متى ما شعر بأعراض النوبة وتوفر لديه الجهاز والبخاخ، أن يبدأ بالعلاج، دون الحاجة إلى التردد على المستشفيات خصوصا في الحالات البسيطة، ويمكن إعطاء بخاخ الفانتولين أيضا لتخفيف الكحة التي تحدث قبل وأثناء النوم، وهو عادة ما يُستخدم مرتين يوميا في الحالات المتوسطة والشديدة من الربو، وتستخدم البخاخات لغرض الحماية حيث تقوم بتقليل عدد مرات حدوث نوبات الربو وتقليل شدتها·