سنتوقّف في حلقة اليوم بإسهاب في الدورة الثانية عشر التي جرت عام 1980 بنيجيريا باعتبار أنه في هذه الدورة وصل منتخبنا الوطني إلى المحطّة النّهائية لكن الحظّ خانه أمام نيجيريا، وقبل هذه الدورة غاب اسم الجزائر عن دورات عشرية السبعينيات، وبما أن اسم الجزائر لم يكن موجودا فضّلنا عدم التطرّق بتفاصيل أكثر إلى الدورات الثلاث الأخيرة التي سبقت دورة نيجيريا· إعداد: كريم مادي *** الدورة التاسعة (مصر 1974) اللّقب للزائير ومصر ثالثة احتضنت مصر الدورة التاسعة، لكن احتضانها لم يعد بالخير عليها بعد أن فشلت في انتزاع اللّقب القارّي· وكما هو الحال مع دورتي السودان عام 1970 والكاميرون 1972 لم يشارك منتخبنا الوطني إثر خروجه في التصفيات، وهذه المرّة أمام المنتخب المغربي الذي أقصى منتخبنا بالأداء والنتيجة· شارك في البطولة 8 منتخبات قسّمت الفرق إلى مجموعتين، يتأهّل الأوّل والثاني من كلّ مجموعة إلى الدور النّهائي الذي يلعب على شكل مجموعة، ويفوز في البطولة الفريق الذي يحتلّ المركز الأوّل فيها، وهو أهمّ تغيير تشهده البطولة بإلغاء مبارتي الدور نصف النّهائي· فازت الزائير باللّقب بقيادة المدرّب اليوغسلافي فيدينيتش، واحتلّت زامبيا المركز الثاني ومصر الثالث· الهدّاف: الزائيري نداي مولامبا (9 أهداف)· *** الدورة العاشرة (إثيوبيا 1976) أسود الأطلس بامتياز للمرّة الثالثة تنظّم دولة إثيوبيا نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، فبعد دورتي 1959 و1968 ها هي تنظّم دورة 1976، ويرجع الفضل في احتضان هذه البطولة إلى رئيس الاتحاد الإفريقي تيسيما كونه من جنسية إثيوبية، حيث عمد إلى أن تجرى الدورة في بلاده من أجل أن يكون اللّقب من نصيب منتخب إثيوبيا، لكن جرت الرّياح بما لا يشتهيه تيسيما والإثيوبيين بعد أن تمكّن المنتخب المغربي من قهر الجميع وانتزع لقب البطولة عن جدارة واستحقاق· *** أسود الأطلس فوق القارّة الإفريقية بعد بلوغ منتخبات نيجيريا والمغرب وغينيا ومصر، جرى الدور الثاني على شكل بطولة مصغّرة، والبطل سيتوّج بالكأس الذي عاد في نهاية المطاف للمنتخب المغربي· حقّق المنتخب المغربي نتيجتين رائعتين في المبارتين الأولى والثانية بفوزه على كلّ من مصر ونيجيريا، فتصدّر البطولة بأربع نقاط مقابل ثلاث لغينيا ونقطة واحدة لنيجيريا ولا شيء لمصر، الأمر الذي جعل اللّقاء الأخير بين المغرب وغينيا فاصلا لتحديد المنتخب الذي سيكون له شرف التتويج بالكأس· كان يكفي المنتخب المغربي التعادل للفوز بالكأس لأوّل مرّة أمام غينيا، فيما كان هذا الأخير مطالبا بالفوز إن أراد تدوين اسمه في سجِّل المتوّجين، فجاءت المباراة قوية انتهت في نهاية المطاف بالتعادل هدف لمثله، سجّل للمغرب اللاّعب شريف فيما سجّل لغينيا بابا كمارا، وهو التعادل الذي سمح لأسود الأطلس بانتزاع لقب البطولة بامتياز. أمّا اللهقاء الثاني بين مصر ونيجيريا فانتهى بهزيمة ثالثة لمصر بنتيجة (3/2)، سجّل لنيجيريا اللاّعبان ليركا هدفين ولاوال هدف واحد، وسجّل لمصر كلّ من محمود الخطيب وأسامة خليل· وبذلك يسدل الستار على الدورة العاشرة التي عاد لقبها للمغرب· *** الدورة الحادية عشرة (غانا 1978) غانا للمرّة الثالثة احتضنت غانا الدورة الحادية عشر ونالت لقبها بتفوّقها في اللّقاء النّهائي على أوغندا بهدفين لصفر، وكما هو الحال في دورة السودان عام 1970 والكاميرون 1972 ومصر 1974 وإثيوبيا 1976 لم يشارك منتخبنا الوطني إثر خروجه في التصفيات، وهذه المرّة أمام المنتخب المصري الذي أقصى منتخبنا بالأداء والنتيجة· شارك في البطولة 8 منتخبات قسّمت الفرق إلى مجموعتين، يتأهّل الأوّل والثاني من كلّ مجموعة إلى الدور النّهائي الذي يلعب على شكل مجموعة ويفوز في البطولة الفريق الذي يحتلّ المركز الأوّل فيها، وهو أهمّ تغيير تشهده البطولة بإلغاء مبارتي الدور نصف النّهائي· فازت غانا باللّقب بقيادة المدرّب فريد أوسام ديودو، و احتلّت أوغندا المركز الثاني ونيجيريا الثالث· الهدّاف: الأوغندي فيليب أمومودي برصيد 4 أهداف· *** الدورة الثانية عشر (نيجيريا 1980) نيجيريا لأوّل مرّة على حساب الجزائر بعد غياب الجزائر عن دورات عشرية السبعينيات، تمكّن منتخبنا الوطني من انتزاع تأشيرة التأهّل إلى الأدوار النّهائية على حساب المنتخب الزّامبي بقيادة المدرّب خالف محي الدين· اختير تاريخ عيد المرأة 8 مارس يوما لإعطاء إشارة انطلاقة البطولة الثانية عشر، وجمعت المباراة الافتتاحية بين المنتخبين النيجيري والتنزاني وانتهت كما كان منتظرا لأصحاب الأرض بنتيجة (3/1)، سجّل للمنتخب النيجيري الثلاثي لاوال وزونيديكا وأوديغبامي، فيما سجّل لتنزانيا اللاّعب مكامبي. وفور انتهاء هذا اللّقاء انطلقت المباراة الثانية عن نفس المجموعة بين المنتخبين المصري والإيفواري، ونظرا لتقارب المستوى بين المنتخبين انتظر المصريون الدقائق الأخيرة لينتزعا نقاط الفوز بفضل اللاّعب مختار، وقبل ذلك كان زميله همام قد فتح باب التسجيل قبل أن يردّ عليه اللاّعب الإيفواري فوي بهدف التعادل. وعلى إثر هاتين النتيجتين تصدّر المنتخب النيجيري الرّيادة بفارق الأهداف مع مصر بنقطتين مقابل لا شيء لكلّ من كوت ديفوار وتنزانيا· في المجموعة الثانية التي لُعبت مبارياتها كما سبق الذكر في مدينة إيبادان، في اللّقاء الأوّل تمكّن منتخبنا الوطني من فرض التعادل على حامل الكأس المنتخب الغاني بدون أهداف، وهي النتيجة التي وصفت بالإيجابية بالنّظر إلى قوّة المنتحب الغاني بقيادة نجمه جورج الحسن· وبنتيجة هدف لمثله انتهت مبارة المغرب وغينيا، سجّل للمغاربة اللاّعب طاهر مصطفة فيما سجّل لغينيا مصطفى كمارا، وبذلك تحلّ جميع المنتخبات الأربعة في صفّ واحد بنقطة وحيدة· *** الجزائر تقهر المغرب اِلتقى منتخبنا الوطني في الجولة الثانية مع نظيره المغربي بعد تنافس كبير، حيث حاول المغاربة بقيادة أحمد فراس الثأر لهزيمتهم الثقيلة بأرضهم قبل أشهر من انطلاقة البطولة (5/1) في الدارالبيضاء و(3/0) في ملعب 5 جويلية في آخر دور تصفوي لأولمبياد موسكو 1980· انتظر أشبال المدرّب خالف محي الدين الدقيقة الأخيرة لينتزعوا نقاط الفوز بفضل لخضر بلّومي، وهو الفوز الذي وضع المنتخب الجزائر قاب قوسين أو أدنى من بلوغ الدور نصف النّهائي، خاصّة بعد فوز غانا على غينيا بهدف دون ردّ وقّعه اللاّعب كلوس، وهو الفوز الذي جعل المنتخبين الغاني والجزائري في الرّيادة بثلاث نقاط مقابل نقطة واحدة للمغرب ولا شيء لغينيا التي ودّعت البطولة قبل مواجهتها الأخيرة أمام الجزائر· *** مصر ونيجيريا والمغرب والجزائر في المربّع الذهبي وإقصاء حامل الكأس اتجهت الأنظار إلى مباراة غانا والمغرب، فرغم أن الغانيين كان يكفيهم التعادل لبلوغ المربّع الذهبي إلاّ أن أسود الأطلس بقيادة أحمد فراس تمكّنوا من قلب موازين القوّة وانتزعوا الفوز بفضل لبيض، وهو الفوز الذي أهّل المغاربة وأقصى حامل اللّقب· اللّقاء الثاني كان شكليا بين منتخبنا الوطني ونظيره الغيني، وقد انتهى بفوز زملاء بلّومي بنتيجة ثلاثة أهداف لهدفين سجّلهما للمنتخب الوطني الثنائي بن سحاولة هدفين والرّاحل حسين بن ميلودي هدف واحد، فيما سجّل للمنهزم غينيا اللاّعبان دياوارا وبانغورا· وبقدر ما أهّل هذا الفوز المنتخب الوطني إلى المربّع الذهبي بقدر ما ضيّع المدافع الفذّ محمود فندوز إثر تلقّيه إصابة خطيرة على مستوى القدم، ممّا حتّم تعويضه بالمدافع عبد القادر حرّ الذي كان يلعب آنذاك لفريق ديناميكية البناء، ونقل على جناح السرعة إلى نيجيريا لخوض مباراة مصر في الدور نصف النّهائي على متن طائرة خاصّة· فوز المنتخب الوطني على غينيا (3/2) وفوز المغرب على غانا (1/0) جعل المرتبة الأولى لمصلحة الجزائر بخمس نقاط مقابل ثلاث نقاط للمغرب، وبنفس الرّصيد حلّ المنتخب الغاني لكن فارق الأهداف كان لمصلحة المغرب، أمّا المنتخب الغيني فحلّ في الصفّ الأخير بدون رصيد· وبذلك تحدّدت ملامح الدور نصف النّهائي، حيث التقى منتخبنا الوطني بمدينة إيبادان نظيره المصري، فيما جمع اللّقاء الثاني بملعب العاصمة لاغوس المنتخب النيجيري بنظيره المغربي· *** الجزائر تهزم مصر وتبلغ النّهائي رفقة نيجيريا التقى في اللّقاء الأوّل منتخب نيجيريا مع المنتخب المغربي، فيما التقى في اللّقاء الثاني المنتخب الجزائري مع نظيره المصري. في اللّقاء الأوّل استطاع أصحاب الأرض بلوغ المباراة النّهائية لأوّل مرّة إثر فوزهم بهدف لصفر من توقيع أولابي، وكان بإمكان المغاربة العودة بالنتيجة في أكثر من مناسبة لولا الانحياز الفاضح لحكم اللّقاء الذي حرم أسود الأطلس من ضربة جزاء شرعية بعد عرقلة الهدّاف أحمد فراس داخل منطقة العمليات، لتنتهي المباراة بفوز نيجيريا كما أرادها الحكم الرئيسي بهدف دون ردّ، ويكتفي المغاربة باللّعب على المركز الثالث· قوّة المنتخب المصري جسّدها كلّ من محمود الخطيب بهدف جميل في مرمى مهدي سرباح وذلك في الدقيقة ال 32، ونفس اللاّعب أهدر في آخر ثواني المباراة هدفا ثانيا بعد خطأ من أحد المدافعين الجزائريين لكن يقظة سرباح أنقذت الموقف وأبقت النتيجة على حالها هدف لصفر لمصر، وهي نفس النتيجة التي انتهت بها المرحلة الأولى· الشوط الثاني، وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه أن يأتي الهدف من الفريق الوطني بعد دخول زملاء بلّومي هذا الشوط بقوّة، ضيّع فرفاني هدف التعادل بطريقة غريبة أثارت نرفزة المدرّب خالف محي الدين الذي لم يتمالك أعصابه وراح يقذف قارورة الماء التي كان يضعها بين رجليه· وفور تضييع فرصة التعديل شنّ المنتخب المصري هجمة سريعة فانتهت الكرة عند المهاجم محمد رمضان الذي ضاعف النتيجة، هدف ظنّ به المصريون أنهم كسبوا ورقة العبور إلى المباراة النّهائية. لكن وكما يقال إن كرة القدم ليست حسابا وليست علوما دقيقة ولا تقول قد كسبت إلاّ بعد انتهاء اللّقاء، راح المدرّب خالف محي الدين يشحن بطّارياته وأمر اللاّعبين بعدم التأثّر بالنتيجة التي كانت للمصرين بهدفين لصفر، ولم تمض إلاّ ستّ دقائق عن هدف محمد رمضان حتى قلّص صالح عصّاد النتيجة بهدف جميل خادع به الحارس إكرامي· هدف صالح عصّاد كان له الأثر المعنوي على اللاّعبين الجزائريين، ففور دخول اللاّعب الرّاحل حسين بن ميلودي خلفا لعلي فرفاني تمكنّ من هزّ شباك الحارس إكرامي، هدف كان بمثابة ضربة قاضية لمعنويات المصريين، وكان بإمكان لخضر بلّومي أن يفتكّ ورقة التأهّل إلى المباراة النّهائية قبل ثلاث دقائق من النّهاية بعد ارتطام كرته بالعارضة الأفقية للحارس إكرامي· وبهدفين لمثلهما انتهى الوقت القانوني ليحتكم المنتخبان إلى الوقت الإضافي الذي لم يحمل أيّ جديد في النتيجة، ومنه إلى ركلات الجزاء. فبعد انتهاء السلسلة الأولى بالتعادل (4/4)، تمكّن لخضر بلّومي من حسم الموقف لمصلحة منتخبنا الوطني بتسجيله الضربة الأخيرة في شباك إكرامي فجّر بها حناجر اللاّعبين الجزائريين ولم يصدّق المصريون أنفسهم وهم يرون فرحة أشبال خالف محي الدين بتأهّلهم إلى النّهائي· لقاء 19 مارس في نظر المصريين و(فراعينهم) سيبقى من بين التواريخ (السوداء) الجدّ حزينة في تاريخ الكرة المصرية، كيف لا وفي هذا التاريخ بكى فيه كلّ المصريون تأثّرا بخروج منتخب بلادهم من المربّع الذهبي لكأس أمم إفريقيا الذي راهن زملاء محمود الخطيب على الحصول على لقبه· *** الكأس لنيجيريا والتقدير للجزائر قبل إقامة المباراة النّهائية يوم 22 مارس بالعاصمة النيجيرية لاغوس لعبت مباراة تحديد المركزين الثالث والرّابع بين المنتخبين الجريحين المغرب ومصر، وكان الفوز حليف أسود الأطلس بهدفين لصفر وقّعهما اللاّعب لبيض، ليكتفي المصريون بالمركز الرّابع· أمام أكثر 80 ألف متفرّج وتحت أنظار الرئيس النيجيري لأوال والعديد من الشخصيات الرياضية العالمية جرت المباراة النّهائية بين منتخبنا الوطني ونظيره النيجيري، تحت قيادة الحكم الإثيوبي تيسفاي· لعب المنتخب الوطني بالتشكيلة التالية: سرباح، مرزقان، حرّ، المرحوم محمد خديس، كويسي، محيوز، فرفاني، بلّومي، المرحوم بن ميلودي عوّضه قمري رضوان، بن سحاولة عوّضه رابح ماجر وصالح عصّاد.. المدرّبان هما محي الدين خالف وروغوف· لم تمض دقيقتان من المباراة حتى تمكّن النيجيري أوديغبامي من فتح باب التسجيل إثر خطأ فادح من الدفاع الجزائري، ورغم هذا الهدف المبكّر إلاّ أنه لم ينل من عزيمة اللاّعبين الجزائريين الذين واصلوا التحدّي أمام أصحاب الأرض وأمام الحكم تيسفاي، وكان بإمكان عصّاد وبلّومي وبن ميلودي الوصول أكثر من مرّة إلى شباك الحارس النيجيري أوغيدجوب، وقبل ثلاث دقائق تمكّن نفس مسجّل الهدف الأوّل أوديغبامي من مضاعفة النتيجة، لينتهي الشوط الأوّل بفوز نيجيريا بهدفين لصفر· الشوط الثاني كان نسخة طبق الأصل تقريبا للأوّل، ففي أولى دقائقه تمكّن المتألّق لاوال من إضافة الهدف الثالث، وهو الهدف الذي قتل به المباراة، ليتواصل اللّعب الاستعراضي للنيجيريين إلى أن أعلن الحكم الإثيوبي تيسفاي صافرة النّهاية بفوز مستحقّ لنيجيريا أمام الجزائر (3/0)، وبقدر ما خسر منتخبنا التاج القارّي بقدر ما ربح تقدير جميع الأفارقة نظرا لما قدّمه زملاء بلّومي في هذه الدورة التي شكّلت منعرجا حاسما في تاريخ كرة القدم الجزائرية·