بدأت الأحد الماضي بمركز التسلية العلمية بالجزائر أولى الجلسات العلاجية للمدمنين على التدخين تحت شعار (نتكيف نهار باش نولي رويجل ونحبس نهار باش نولي راجل)· وذلك ابتداء من الساعة السادسة مساءً واستمرت قرابة الساعة· الجلسة العلاجية نشطها الدكتور عبد الكريم عبيدات وهو مختص في علم النفس والعلاج الجماعي للمدمنين على المخدرات، وحضرها عددٌ كبير من المدخنين من مختلف الأعمار والمستويات· بدأت الجلسة العلاجية بتقديم شراب علاجي يحتوي على 13 عشبة علاجية أهمها عشبة الناردين التي تولد لدى المدخن كراهية ونفورا من استعمال السجائر، ويعمل هذا الشراب على تخفيض نسبة النيكوتين في الدم كما يساعد المدمن على الحفاظ على تركيزه وهدوئه· وقد تخللت الجلسة بعضُ النصائح والإرشادات التي تعلّي الهمم وتقوّي العزائم للمضي قدما دون التفكير في التهاون أو التراجع عن تحقيق الهدف المرجو وهو الإقلاع عن التدخين بصفة نهائية· واعتمد المعالج في ذلك على تقنيتي الترهيب والترغيب، حيث عمد إلى عرض بعض صور السرطانات التي قد يسببها التدخين وبالمقابل عرض صورا أخرى لأناس في صحة جيدة تبدو عليهم مظاهر الحيوية والنشاط وترك الخيار للحاضرين أن يكونوا إما في المجموعة الأولى أو أن يكونوا مع المجموعة الثانية· وقد وجد المعالِج في أولى الجلسات تجاوبا كبيرا لدى الحالات الخاضعة للعلاج، كما حذر المعالج من الأخطار التي تشكلها السيجارة والتي يجهلها أغلبية المدخنين، فالسيجارة التي لا يزيد طولها عن 7سم ولا يزيد وزنُها عن واحد غرام تقريبا تحمل في داخلها 4000 مادة كيميائية منها أكسيد الكربون، والنيكوتين، والأكولين، والقطران··· والقائمة طويلة، كما يجهل العديد من المدخنين أن نفسا واحدا من سيجارة يمكنه أن يرسل إلى الدماغ درجة حرارة تقدر ب 750 درجة مئوية، وأنه بعد تكرار العملية عشر مرات فقط يستقبل الدماغ كامل كمية النيكوتين الموجودة، وبعد حوالي الساعتين يصبح المدخن مطالبا باستهلاك سيجارة أخرى من أجل تلبية الرغبة الملحة للجسم· وهذا ما يؤدي إلى نقص الذاكرة، وضعف الرؤية، ومختلف الإصابات السرطانية خاصة سرطان الرئة الذي يعتبر من أخطر السرطانات وأشدها استعصاءً· وختم المعالِج جلسته العلاجية بإعطاء الحاضرين مجموعة من المهام التي يستوجب عليهم القيام بها، كان أولها الحمَّام العلاجي وهي تقنية علمية لتحريك مادة النيكوتين التي تسد الشرايين قصد فتح الشرايين وتهيئة الجسم للبدء في العلاج· وتتم العملية عن طريق الضغط على الأطراف من الأسفل إلى الأعلى باستعمال قفاز الحمام والقليل من الماء الساخن بطريقة تشبه الاستحمام حتى تميل البشرة إلى الاحمرار وهذا دليل على انفتاح الشرايين، وكانت ثاني المهام هي استعمال معجون الأسنان فمادام التدخين يبدأ من الفم فمحاربته تكون من موقع انطلاقته، إضافة إلى الإكثار من شرب الماء المعدني خاصة صباحا حيث تكون مادة النيكوتين خاملة فيعمل الماء على تذويبها والقضاء عليها· وفي الأخير دعا المعالِج كل الحضور إلى الهتاف بصوت واحد: (قررتُ الإقلاع عن التدخين) ثم تقدمَ كل واحد منهم إلى المنصة وقام بإتلاف علبة سجائره تعبيرا عن استعداده للمضيِّ قدما خلال مراحل العلاج· وللتذكير فإن الدكتور عبيدات قد قام يوم السبت الفارط بافتتاح هذه الجلسات العلاجية بحصة خصصها لإيصال المعلومة على حد تعبيره· استهلها بعرض شريط مصور يحوي صورا لعدد من الأشخاص المصابين بمختلف أنواع السرطانات التي يمكن أن يؤدي إليها التدخين كسرطان الرئة، واللسان، والحنجرة··· الصور كانت مؤثرة خاصة وأنها كانت مرفقة بموسيقى تثير نوعا من الخوف لدى سامعيها إلى درجة أن البعض فضل الانسحاب قبل إتمام الشريط، كما تعرَّض المعالج خلال هذه الحصة إلى شرح مخطط الخمسة أيام وهو مخطط دولي يعتمد على مرافقة المريض ومساندته خلال مراحل علاجه مع تقديم تقنيات علاجية في كل جلسة لمساعدته على التخفيض تدريجياً من استهلاكه للسجائر· وقد تطرق الدكتور أيضاً إلى بعض الوسائل المساعِدة على العلاج ومنها شراب الأعشاب الذي أشرنا إليه و(السيجارة الميكانيكية) وهي اختراع علمي حديث في ميدان علاج الإدمان، وهو عبارة عن آلة تشبه تماما السيجارة الحقيقية وتستعمل بنفس طريقة استعمالها ولكنها لا تحوي تبغا وإنما تحمل بداخلها عشبة علاجية يدخنها المريض فتعمل على تخفيض نسبة النيكوتين في الدم وتولد لديه نفوراً من التدخين· وبرغم أهمية هذه الجلسات العلاجية إلا أن التلفزة الجزائرية رفضت بثها حسبما صرح به الدكتور عبيدات بداعي أن الصور التي عُرضت قد تسبب لدى المشاهد نوعا من الوسواس حول إمكانية إصابته بالسرطان· ونبقى في انتظار تمام الحصص العلاجية الخمس وبيان نتائجها غداً الخميس والذي يتوقع الدكتور المعالِج أن يكون يومَ عرس للكثير من المرضى الخاضعين للعلاج·