قال الشيخ عبد الله بن بية نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد إن الثورات التي عرفتها بعض الدول العربية ليست محسومة النتائج، مضيفاً أنه قلِق من أن تجهض هذه الثورات نفسها (لعدم امتلاكها وسائل البقاء)· وعرف الشيخ في مداخلة له ضمن فعاليات افتتاح المؤتمر الدولي حول (الفكر الإصلاحي وسقوط خطاب العنف) بقصر المؤتمرات في نواكشوط، الإصلاح بأنه إما إصلاحٌ حقيقي موصوف في القرآن تحكمه ضوابطه وأحكامه، أو إصلاح زائف تبناه فرعون وحكاه الله على لسانه (إني أخاف أن يبدِّل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد)· وأضاف أن الإصلاح في مفهومه المنطقي بأنه (كلي مشكك) بمعنى أنه لا يستوي في أحواله ومحاله) حسب تعبير الشيخ· وذكر العلامة ابن بية بأن الإصلاح له مجالاته التي تقوم على التدرج وإشراك الجميع والإنصاف والإخلاص· معقبا بأنه لا إصلاح في بلد ما لم يتم تغليب المشترَكات· ودعا العلامة ابن بيه العلماء إلى التجديد في فقه السياسة قائلا إن (الإصلاح في المجال السياسي يقتضي من الفقهاء بحثا جديدا حول المضامين والمصطلحات والمفاهيم التي كانت قائمة في الفكر الإسلامي)· وشدد على أهمية الإصلاح في البلاد التي لم تقم فيها ثوراتٌ دموية بعد· وحذر من تصنيف العلماء قائلا إنه لا يفرق بين عالم السلطان وعالم غير السلطان إلا بالحجة والبرهان· وختم العلامة ابن بيه بالدعوة إلى التفاهم قائلا: (علينا جميعا في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ العالم الإسلامي أن نتجمع وأن نحاول أن نتفاهم وأن نبني جسور الحوار ونفتح دروبه)· وفي حوار مع الإذاعة الموريتانية، أوضح العلامة عبد الله بن بيه موقفه من الثورات معتبرا أن الثورة ليست هدفا، وأن السلم والتنمية والعدل هي الغاية، وهذه لا تتحقق إلا في ظل دولة الحق، وتلك تتنافى مع ادعاء كل (ثائر) بأنه يمثل الحق وحده· وقال نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن الحوار واجب ديني، ووسيلة هامة للتفاهم بين الشعوب، وبدون الحوار تسود المجتمعات روح القطيعة والاغتيال، وحث الشيخ الجميع إلى تجاوز الأنا والبحث عن المشاريع التي من شأنها أن تقدم البلاد، وتحفظ السلم الأهلي، مركزا في رده على سؤال حول حديث سابق له على قناة الجزيرة أعلن فيه موقفه من الثورة أن من الواجب اليوم هو القيام بالإصلاح دون اللجوء إلى الثورة لأن اللجوء إليها قد يجانف الصواب ولن يوصل إلى نتيجة، مؤكدا في هذا الصدد أنه أسدى النصح من قبل لليبيين الذين استشاروه، أن الحوار والتفاهم والتسامح أهم وسيلة للإصلاح حيث لا توجد طريقة آخرى تؤدي إلى ذلك الهدف الأسمى، وشدد الشيخ على أن الفتوى في هذا العصر يجب أن تكون منضبطة، بعيدة عن إغراءات الإعلام وحب الشهرة، وأن ما عدا ذلك يوصف بفتوى المتساهل، وهو الذي يفتي بما لا يعلم، أو يخالف ما يعلم· وعن موقفه من تنظيم (القاعدة) قال بن بية إنه على الجميع أن يكفوا (عن اللعب بالنار والعودة إلى الوطن لبنائه)، مذكرا بموقفه من (الحرابة) المعروف موقف الشرع منها· وقال الشيخ عبد الله ولد بيه إن المحرضين على العنف في العالم الإسلامي اليوم حرفوا فتوى ابن تيمية التي يتكئون عليها، وقال إن هذه الفتوى تعرضت للتحريف قبل مئة عام من طرف الذين أشعلوا الحرائق في بلاد المسلمين، وذلك حين عمدوا إلى استبدال كلمة (يعاملوا) الواردة في نص الفتوى ب(يقاتلوا)· وقال إن مفهوم الدارين (دار الإسلام ودار الكفر) لم يعد مطروحاً الآن، فقد حل الفضاء محل الدار، واليوم لا توجد بقعة من الأرض إلا وفيها مسلمون، وبالتالي فإن التمايز الذي كان مطروحا في العصور الماضية لم يعد مستساغا في زماننا هذا·