تختار الكثير من العائلات الجزائرية، بعض المناسبات الدينية لأجل القيام بعملية ختان أطفالها، وغالبا ما تكون ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان الفضيل، أو ليلة المولد النبوي الشريف، أهم ليلتين لختان الأطفال في المجتمع الجزائري، نظرا لخصوصية كل ليلة منهما، وقدسيتها لدى العائلات الجزائرية، لارتباطهما بحدثين مهمين للغاية، نزول الوحي ومولد سيد الخلق وأشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم، ما يجعلهما ليلتين مباركتين مليئتين بالخير، ولا يوجد أفضل منهما، لختان الأطفال، وإبعادهم عن كل أذى أو عين وحسد· وبما أن المولد النبوي الشريف على الأبواب، فإن الكثير من العائلات تبرمج ختان أطفالها في هذه الليلة المباركة، كما يصادف ذلك عمليات الختان الجماعية التي تتم برمجتها من طرف بعض فعاليات المجتمع المدني لفائدة الأطفال الفقراء واليتامى والمعوزين، في تقليد اجتماعي دأبت على تنظيمه العديد من الجمعيات على مدى سنوات عديدة تكريسا لروح التضامن والتكافل، حيث يساهم فاعلو الخير والمحسنون في هذه العمليات بشكل واسع، وكثيرا ما تنتظر الأسر الفقيرة والبسيطة هذه المبادرات لأجل القيام بعمليات ختان أطفالها في أجواء عائلية وتضامنية حميمية· مع ذلك، فإن بعض العائلات تخشى من عمليات الختان الجماعية نظرا لما فيها من اكتظاظ وتوافد كبير على المستشفيات خلال اليوم المخصص لختان العشرات من الأطفال، وهو أمر واقع فعلا، وبالإمكان أن يتسبب في بعض الأخطاء أو الهفوات التي من شأنها أن تنتهي بحوادث أليمة، كالحادثة التي لا زالت راسخة في أذهان الكثيرين، المعروفة بحادثة الخروب بقسنطينة، التي راح ضحيتها 13 طفلا فقد اثنان منهما عضويهما الذكريين من مجموع 87 طفلا، وهو ما أدى حينها إلى صدور التعليمة الوزارية رقم 006 والمؤرخة في 5 جوان 2006 من طرف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، التي شددت على ضرورة أن تكون عملية الختان الفردي أو الجماعي، تحت إشراف طبيب جراح دون غيره من الطاقم الطبي على أن يتم الختان في قاعات الجراحة بالمستشفيات والمرافق الصحية العمومية أو الخاصة المعتمدة من قبل الوصاية مع الالتزام بشروط النظافة والتعقيم· ويعد الاكتظاظ الكبير والضغط الذي يكون على المصلحة المشرفة على عمليات الختان، وأيضا على الطبيب المكلف بالعملية، بالإضافة إلى صراخ الأطفال، وضجيج الأولياء، وإسراع الطبيب لإتمام عملية ختان عشرات الأطفال، وغيرها من العوامل الأخرى، أكثر ما قد يؤدي إلى وقوع بعض الأخطاء الطبية، التي من الممكن أن تحول الفرحة إلى أحزان، أو تتسبب في مضاعفات خطيرة على الطفل، حيث تعيش مختلف المستشفيات التي تشهد هذا النوع من العمليات خلال المناسبات الدينية، حالة طوارئ حقيقية، يميزها التوافد الكبير للأولياء، وجري الأطباء في كل مكان، وعشرات الأطفال بلباسهم التقليدي، ومما تجدر الإشارة إليه، أنه بعد صدور التعليمة الوزارية الأخيرة وتقنين عمليات الختان بالجزائر، سواء الجماعية أو الفردية، مع إلزامية إجراء التحاليل الطبية اللازمة لطفل قبل عملية الختان، قد ساهمت بشكل كبير في تقليل الحوادث المأساوية الناتجة عن بعض الأخطاء الطبية أثناء الختان، بالإضافة إلى أن تزايد وعي الأولياء، والجمعيات، ومختلف الهيئات التي تنظم عمليات الختان الجماعية التضامنية، جعل هذه الأخيرة تتم تحت شروط وقائية صارمة للغاية، نظرا لأن أية حادثة قد تضرب بمصداقية تلك الجمعيات والهيئات في الصميم، وحتى المستشفيات التي تحتضن على مستوى مصالح جراحة وطب الأطفال هذا النوع من العمليات، وبالتالي فإن من مصلحة كل الأطراف توفير كافة الشروط المنصوص عليها لضمان سير عمليات الختان على أحسن ما يرام·