موازاة مع الارتفاع الجنوني الذي تشهده أسعار اللحوم الحمراء في الجزائر، بوصول سعر الكيلورغرام الواحد من لحم الغنم إلى أكثر من 1200 دج، والبقر إلى نحو 800 دج، تواصل أسعار اللحوم البيضاء ارتفاعها كذلك، متراوحة بين 270 إلى 340 د للكيلوغرام الواحد، ويبقى مشكل الندرة على مستوى الموالين، ومربي الدجاج، هو الشماعة التي يعلق عليها التجار سبب الارتفاع بالنسبة لهذين النوعين على السواء، ويبقى المواطن البسيط محروما من لذة الاثنين معا، إلا في مناسبات نادرة، لا تخرج عن إطار الاحتفالات الدينية المختلفة، أو الأعياد· وبما أننا على موعد بعد 4 أيام تقريبا مع مناسبة دينية عظيمة ومقدسة لدى الجزائريين هي مناسبة المولد النبوي الشريف، فإن اللحوم البيضاء وعلى رأسها الدجاج تكون الأكثر طلبا، فكيف سيتصرف المواطن الجزائري حيال الأمر بالنظر إلى مستوى الأسعار المتداولة حاليا، وما هي الخيارات المتاحة أمامه، وكيف هو واقع سوق اللحوم البيضاء حاليا على مستوى محلات بيع الدجاج، أو بالأسواق الشعبية، هي أسئلة تتسابق جميعها، محاولة إيجاد الإجابة المناسبة، فيما حاولنا من جهتنا التنقل إلى بعض الأسواق الشعبية، و بالضبط إلى محلات بيع الدجاج للوقوف على حقيقة الأسعار المتداولة، علما أن الأسعار غالبا ما تشهد ارتفاعا ملحوظا باقتراب كل مناسبة· 800 دج لاقتناء دجاجة معتبرة يعرض أغلب أصحاب المحلات المتخصصة على مستوى السوق المغطى بعين النعجة الدجاج بأسعار تبدأ من 550 دج، وتنتهي في حدود 790 دج للدجاجة الواحدة، وهي الأسعار التي أثارت استياء العديد من المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم محرومين على هذا الأساس من اللحوم الحمراء والبيضاء على السواء، فيما اهتدى بعض أصحاب المحلات إلى حيلة أخرى لجلب الزبائن، علما أن الكثير من زبائن اللحوم البيضاء هم من الطبقات المتوسطة أو محدودة الدخل، وتتمثل الحيلة المتبعة حاليا في اختيار أنواع من (الدجيجات) إذا صح التعبير وزنُها أقل من كيلوغرام واحد، بأسعار تترواح ما بين 250 دج، أو 300 دج، ، وهي (دجيجات) أقل حجما بكثير من سابقاتها، وتكون أقرب إلى حجم الحمام، منها إلى حجم الدجاج الحقيقي، وقد تخوف بعض المواطنين من هذه النوعية من (الدجاج)، لاعتقادهم أنها معروضة بذلك السعر المنخفض لإمكانية إصابتها بأمراض ما، ما دفع بأصحاب المداجن أو المحلات إلى عرضها للبيع بسعر منخفض للغاية، بغية التخلص منها، غير أنه ومن خلال حديثنا لبعض أصحاب محلات بيع الدجاج بالسوق المذكور، فقد أكدوا أن جميع الدجاج المعروض بالمحلات، يكون قد مر على البيطري قبل خروجه من المذبح إلى المحل، وبالتالي فإن جميعها تكون مراقبة، فيما أن حجمها الصغير مقارنة بغيرها، فلأن سنها صغير مقارنة بالسابقة، حيث لا يتجاوز الشهر على الأكثر، ويقوم أصحاب المداجن بتسويقها مع بقية أنواع الدجاج معتبر الحجم، مع تحديد سعرها ب250 دج، بالنظر إلى وزنها القليل، ولتلبية طلبات طبقة واسعة من العائلات الجزائرية، لن يكون متاحا لها اقتناء دجاجة واحدة، بنحو 700 دج أو أكثر، وقال (أمين) عامل بمحل لبيع الدجاج بعين النعجة، إن ارتفاع أسعار الدجاج مؤخراّ، يرجع إلى تراجع المربين، وتغيير الكثير منهم لنشاطه، وهو ما أدى إلى انخفاض العرض، مقابل ارتفاع كبير في الطلب، انعكس طبيعيا على الأسعار، ومن جهة أخرى قال صاحب محل ثان إن هذا النوع من (الدجاج) بالذات، يتوقف نموه عند ذلك الحجم، قائلا إن المشكلة ليست في هذا الدجاج صغير الحجم، وإنما في الدجاج الأكبر منه حجما، الذي قال إن بعض المربين يعتمدون على إعطائه كميات كبيرة من الفيتامينات لتسمينه، وهذا النوع هو الذي بإمكانه أن يشكل مصدر خطورة على الصحة العامة، لاسيما إذا ما كان بعض المربين أو أصحاب المحلات، يتحايلون لعدم إخضاعه للمراقبة البيطرية· عائلات تبحث عن لذة المرق فحسب رغم أن حجم (الدُجيجات) المعروضة ب250 دج ل(الدجيجة) الواحدة، لا يمكن أن يلبي احتياجات عائلة كثيرة الأفراد، وهو حال العائلات الجزائرية عموما، إلا أن ذلك لم يمنع بعضها من الإقبال على هذا النوع، بالنظر إلى الأسعار المناسبة، وأيضا اقتناعا منها بأن المهم والأساس هو مذاق المرق لا غير، لذلك فهم قد يكتفون بما وجدوه مناسبا لجيوبهم، وقد يختار آخرون اقتناء الدجاج بالقطعة، أي الأجنحة أو الأعناق، أو باقي الأحشاء الأخرى كالكبد والحويصلة، رغم أن هذه الأخيرة، لم تشذ عن القاعدة كذلك، فأسعار أجنحة الدجاج على سبيل المثال تتجاوز 180 دج، وهي تباع في العادة مع الأعناق، أما الكبد فيصل سعره أيضا إلى حوالي 240 دج· من جانب آخر تشهد أسعار البيض هي الأخرى ارتفاعا قياسيا، بوصولها إلى مستوى 12 دج لحبة البيض، فيما هنالك أنواع صغيرة الحجم معروضة ب10 دج أو 11 دج، ونفس ما قيل عن الدجاج يقال عن البيض كذلك، حيث كشف بعض باعة البيض، أن المشكل قائم على مستوى المربين، حيث أن الندرة هي التي أدت إلى ارتفاع الأسعار، دون أن يكون هنالك مؤشر في الأفق، عن عودتها إلى المستوى الذي كانت عليه، أو بقائها على ما هي عليه الآن، ليبقى المواطن الجزائري البسيط الوحيد الذي عليه أن يدفع ثمن الندرة، وثمن تراجع العرض، وثمن المضاربة حينا، وتقلبات الأحوال الجوية حينا آخر، بيد أن كل الظروف تجتمع دائما لتتحالف ضد قدرته الشرائية المتواضعة·