رغم أن فترة المناسبات الدينية التي ترتبط عادة بغلاء بعض المواد بشكل مذهل قد انقضت إلا أن أسعار اللحوم البيضاء عرفت ارتفاعا ملحوظا، دون أن يجد المواطن أي مبرر أو تفسير منطقي لذلك، حيث تراوح سعر الكلغ الواحد من لحم الدجاج مابين 260 إلى 280دج ليصل ببعض أسواق العاصمة إلى 320دج للكلغ، هذا الغلاء يبرره التجار بارتفاع أسعار غذاء الدواجن، وعلى ما يبدو فإن الأسعار لن تعرف استقرار خلال الأسابيع القادمة خاصة مع اقتراب موسم الحرارة التي يطرح فيه مشكل الندرة بشدة كل سنة. اعتاد المواطن الجزائري على تكرار سيناريو غلاء اللحوم البيضاء حين يقترب موعد الاحتفال بإحدى المناسبات الدينية على غرار محرم، عاشوراء والمولد النبوي الشريف وطيلة شهري شعبان ورمضان، هذه المواعيد التي يوليها الجزائريون اهتماما خاصا، ويحرصون على إحيائها بتحضير مختلف الأكلات التقليدية، لكن وعلى مايبدو فإن الغلاء أصبح أكبر حقيقة يعيشها المواطن طيلة أيام السنة . أكد العديد من المواطنين أن ارتفاع أسعار الدجاج في الآونة الأخيرة ليست له أية مبررات مرجعين السبب إلى غياب الرقابة وعدم التحكم في حركية الأسعار والمضاربة التي تستهدف الجيوب ليس فقط حين تحل مناسبة دينية ولكن طيلة أيام السنة. وقد ارتفعت أسعار لحم الدجاج باعتباره مادة أساسية لتصل في بعض أسواق العاصمة إلى 320دج للكلغ الواحد، مما جعل الكثير منهم يعجزون عن اقتناء دجاجة متوسطة الحجم، لأن سعر أقلها وزنا تجاوز580دج ، أما الأقل من ذلك، فلا يمكن إطلاق اسم الدجاجة عليها، لأن حجمها اقرب إلى حجم الحمام منه إلى الدجاج كما علقت على ذلك أحدى المواطنات التي التقيناها بحيّ الأبيار. وعرضت بعض المحلات بأسواق العاصمة دجاجات صغيرة الحجم، لا يتجاوز وزنها الكيلوغرام الواحد، بأسعار مرتفعة جدا، وصلت إلى 300دج للدجاجة الواحدة. أسعار لحم الديك الرومي هي الأخرى مستها الغلاء، حيث بلغ سعر شرائح الديك الرومي المعروف ب" سكالوب" ارتفاعا جنونيا هي أيضا، وصلت إلى ما يقارب ال700دج دج للكيلوغرام الواحد . ارتفاع الأسعار لم يقتصر على لحوم الدجاج فحسب، وإنما امتد ليشمل الأحشاء أيضا والتي كان يعمد الكثير من المواطنين إلى اقتناءها بسبب انخفاض أسعارها، بحيث قفزت هذه الأخيرة، إلى حوالي 300 دج للكيلوغرام الواحد . ويتوقع العارفون بأحوال السوق عندنا أن يتواصل مسلسل الغلاء، ويقل العرض فيما يتعلق باللحوم البيضاء بشكل عام عند اقتراب موسم الصيف أين سيطرح مشكل الندرة وهذا كنتيجة طبيعية للوضع الكارثي الذي يشهده سوق الدجاج عندنا خلال السنوات الأخيرة. هذا وفي اتصال لنا بأحد مربي الدجاج بمنطقة ميرابو بتيزي وزو، هذه المنطقة المعروفة بتربية الدواجن على غرار منطقة تقزيرت أن ثمة عدة عوامل جعلت من سوق اللحوم البيضاء عندنا لا يعرف استقرار منذ سنوات وفي مقدمتها يقول تراجع عدد مربيي الدجاج على المستوى الوطني حيث أن عددا كبيرا من مالكي الحاضنات الاصطناعية لإنتاج الكتاكيت خاصة الخواص قد توقفوا عن ممارسة هذا النشاط وبطبيعة الحال يقول محدثنا عندما تتوقف عملية إنتاج الكتاكيت يقل عدد المداجن بالإضافة إلى عوامل أخرى اعتبرها أساسية منها غلاء أغذية الدواجن عامل الغلاء يرجعه مصدرنا إلى استمرار توقف الكثير من مربي الدواجن عن ممارسة هذا النشاط بعدد من ولايات الوطن منها البليدة، مرابو، تيقزيرت ، تيزي وزو و بغلية وصولا إلى المدية وغيرها، هذه الموجة التي اجتاحت هذا النشاط منذ مارس 2006 ، ومنذ ذلك التاريخ لم يعرف سوق الدواجن استقرارا في الأسعار. كل هذه المبررات بالنسبة للمواطنين واهية الذين لم يخفوا استياءهم من الغلاء الفاحش الذي تعرفه أسعار البيض والدجاج. وبالنسبة لهؤلاء فإنه في كل مرة "خرجة جديدة " يقول أحد المواطنين الذي التقيناه بأحد محلات بيع لحم الدجاج بسوق كلوزال الذي أضاف معلقا على هذا الارتفاع الفاحش"كل يوم محنة جديدة " فإذا تزامن الغلاء مع فصل الشتاء قيل أن برودة الطقس قضت على آلاف الكتاكيت، وإذا حل موسم الصيف قيل أن الحرارة قتلت الكتاكيت مما تسبب في مشكل الندرة، والندرة يتبعها دائما الغلاء يقول محدثنا دائما ونفس السيناريو يتكرر مع تغيير طفيف في مصطلحات التبرير خلال بقية شهور السنة. مواطنة أخرى تحدثنا إليها بسوق كلوزال التي لم تخف استغرابها هو حجم حبة بيض الدجاج التي تقلصت لتضاهي حجم بيض الحمام هكذا تقول نفس الشيء بالنسبة للدجاج فبالأمس القريب كنا نقتني دجاجة تكفي لإعداد أكثر من طبق ويمكن لأفراد العائلة أن يتلذذوا بطعمها لكن اليوم تباع لنا الفرخة التي تكفي لشخص واحد وبسعر يفوق كل التصورات. أما أحد باعة الدجاج بذات السوق فأكد أنهم يقتنون بضاعتهم عند باعة الجملة بسعر250دج لنبيعه نحن بعد عملية التفريغ ب332 دج علما أن أحشاء الدجاج وحدها تزن 400غ وبالتالي فإن هامش الربح عندنا لا يزيد عن 30دج . والحقيقة التي لا يمكن أن تخفى على أحد وهي أن الغلاء حقيقة وجشع العديد من التجار أصبح لا يرتبط فقط بحلول المناسبات الدينية بل أصبح تضخيم هامش الربح أكثر الأولويات، حيث أنه إذا سلمنا بأن تجار التجزئة بمختلف أسواق العاصمة سواء في الأسواق الشعبية أو غيرها ليست لديهم أية يد في هذا الغلاء الفاحش وأن تجار الجملة هم من يتحكمون في زمام الأمور فكيف يمكن أن نفسر عرض محلات لحم الدجاج بحيّ الدويرة غرب العاصمة سعر الكلغ الواحد من لحم الدجاج ب 220 دج بينما يباع في أحياء بن عكنون، الأبيار وبوزريعة ب280دج إلى 320دج، رغم أنهم يقتنون سلعهم عند نفس تجار الجملة ؟ وهل هامش الربح لا يتعدى 30دج كحد أقصى في كل الحالات حقا؟