أعلنت جماعة صومالية مسلحة في إقليم بونت بشمال شرقي الصومال عن رغبتها في تأسيس إمارة إسلامية في المنطقة، الأمر الذي فجّر أزمةً بين حكومة الإقليم الذي يتمتع بِحُكْم شبه ذاتي والجماعة التي تتحصن في جبال ومرتفعات منطقة غال غالا بأقصى شرق الصومال ويقودها شخص يدعى محمد سعيد أتم وضَعَتْه واشنطن مؤخرًا في لائحة الشخصيات الصومالية التي جمدت أرصدتهم مؤخرًا. وقالت مصادر أمنية في إقليم بونت: إنّ هذا القيادي على وشك الإعلان عن هذه الإمارة الإسلامية، وكان الرجل يجمع منذ سنوات مسلحين في جبال ومرتفعات منطقة غال غالا التي تُعَدّ منطقة ذات أهمية كبيرة باعتبارها منطقة جبلية وعرة المسالك، لا يمكن الوصول إليها بسهولة، إلا عن طريق المواصلات البدائية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط. وأضافت المصادر أنّ محاولات هذه الجماعة لإقامة إمارة إسلامية في جبال شمال الصومال يعني نقلة نوعية لنشاط الإسلاميين إلى شمال الصومال، التي كانت تتمتع باستقرار نسبي مقارنة بالأقاليم الوسطى والجنوبية من البلاد. ومن جانبه قال وزير الأمن في حكومة إقليم بونت الجنرال يوسف أحمد خيري: إن حكومته تستعد لشنّ حملة أمنية واسعة ضد ميليشيات سعيد أتم التي تتحصن في مرتفعات غال غالا. وأضاف: "جهزت الحكومة مئات من قوات الشرطة وقوات الدراويش وقوات مكافحة الإرهاب المعروفة باسم (بي اي اس) للهجوم على مخابئ المتشددين في جبال غال غالا". وكانت حكومة الإقليم قد أعلنت لأول مرة الأسبوع الماضي عن إنشاء أول محكمة خاصة بقضايا الإرهاب والقرصنة، كما أقرت قانونًا جديدًا لمكافحة الإرهاب، وقال الجنرال يوسف خيري وزير الأمن في حكومة بونت: "هذه المحكمة الجديدة ستنظر قضايا الإرهاب والقرصنة فقط». وأكّد خيري أنّ الهدف من إنشاء هذه المحكمة وإقرار قانون مكافحة القرصنة جزء من استراتيجية جديدة اتخذتها حكومة بونت لمحاربة الجماعات المتطرفة في المنطقة. ومن المقرّر أن يصادق البرلمان المحلي للإقليم على إنشاء هذه المحكمة. وقام مسلحو هذه الجماعة برفع الرايات السوداء التي تشتهر بها حركة الشباب المجاهدين في القرى الريفية على طول جبال ومرتفعات غال غالا، مما أغضب سلطات إقليم بونت، ومنذ فترة كانت جماعة سعيد أتم تُتهم بأنها ذراع لحركة الشباب وتنظيمات إسلامية أخرى مسلحة أخرى في تلك المنطقة، لكنه ليس هناك ما يؤكد بوجود صلات بين هذه الجماعة وبين التنظيمات الصومالية الأخرى مثل شباب المجاهدين. وكان زعيم هذه الجماعة قد ورد أيضًا في لائحة المتهمين بانتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأممالمتحدة على الصومال في عام 1992. وقالت هيئة لمراقبة الأسلحة تابعة للأمم المتحدة شكلت لمراقبة انتهاكات هذا الحظر في تقريرها الأخير: إن سعيد أتم "أدخل كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة إلى الصومال عن طريق اليمن"، كما يتهم بأنه يزود مقاتلي حركة الشباب التي تحارب من أجل الإطاحة بالحكومة الصومالية بالأسلحة، وكان زعيم هذه الجماعة يمارس منذ سنوات تهريب الأسلحة والبشر بطريقة غير مشروعة ما بين اليمن والصومال. وله ميليشيات مسلحة لا يعرف عددها الحقيقي بدقة، تتحصن في مرتفعات جبال غال غالا، وهي منطقة جبلية وعرة تقع شرق مدينة بوصاصو. وتعدّ جماعة سعيد أتم أكبر جماعة مسلحة في شمال الصومال، وكانت تحلم منذ فترة بإقامة إمارة إسلامية في شمال البلاد، وكانت تتهم أيضًا بأنها على علاقة قوية مع عصابات القرصنة التي تنشط في سواحل الصومال وخليج عدن، كما أنّ لها علاقات أخرى مع جماعات تهريب البشر، لكنه لا يعرف على وجه التحديد طبيعة العلاقة بين هذه الجماعة وحركة الشباب المجاهدين التي تحارب ضد الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الإفريقي في العاصمة مقديشو والأقاليم الجنوبية من البلاد. وتُعَدّ المنطقة التي تختبئ فيها جماعة سعيد أتم منطقة يعطيها الإسلاميون المسلحون في الصومال أهمية خاصة للاستيلاء عليها، كونها بيئة ملائمة لتدريب المقاتلين، كما أن لها أهمية استراتيجية أخرى، لكونها تطل على خليج عدن عند منطقة رأس غردفوي، أقصى نقطة في شمال شرقي الصومال. وتعرضت المنطقة لغارات جوية أمريكية استهدفت معاقل الإسلاميين المسلحين هناك. وقصفت سفن حربية وطائرات أمريكية هذه المنطقة في يونيو عام 2007 مستهدفة مخابئ المسلحين الإسلاميين هناك، وقتل في تلك الغارات عدد من المسلحين الإسلاميين.