* قارورة الغاز ب4000 دينار والاحتقان يتصاعد لماذا هذه الندرة في الغاز؟ لماذا ونحن بلد البترول، وغازنا يصدر إلى عدة دول أوروبية لا نجد قارورة غاز واحدة في عز البرد والأمطار والثلوج؟ أين هم المسؤولون؟ وكيف كان سيكون الوضع لو تعلق الأمر بكارثة أكبر من كارثة الثلوج الأخيرة، ماذا سيحدث لنا؟ هي أسئلة بادرتنا بها سيدة غاضبة على مستوى محطة نفطال، بحي البساتين بالعاصمة المعروف باسم (لي فارجي)، قالت إنها هي من ستسأل اليوم، ولا تريد أجوبة شفهية، ولا تبريرات، بل تريد قارورة غاز بوتان، تبحث عنها منذ 15 يوما كاملة، أي قبل بدء بوادر أزمة قارورات غاز البوتان، ولم تفلح على مدى الأيام الماضية في الحصول على قارورة غاز، حيث كانت تحمل قارورتين فارغتين يوميا وتعود بهما فارغتين إلى منزلها، ورغم أنها كانت في أول الطابور بعد أن سمح لها المتواجدون في الطابور بالمرور رفقة سيدة أخرى، إشفاقا عليهما من الطابور الطويل العريض، الممتد إلى خارج المحطة، إلا أن الغضب والاستياء كانا باديين عليها، مؤكدة أن الشعب هو الذي يدفع الثمن دائما، وأنه من واجب المسؤولين وضع خطط ناجعة مستقبلا لمواجهة مثل هذه الكوارث، وليس الانطلاق في المحاولات اليائسة لاحتوائها خلال الوقت الضائع· ندرة قارورات غاز البوتان إذن، صارت حدث الساعة، وحديث الجزائريين في كل مكان تقريبا، أما الأسعار فحدث ولا حرج، حيث بلغت مستويات قياسية للغاية عبر مختلف مناطق الوطن، حتى بالعاصمة، التي وعلى عكس المناطق أو الولايات الداخلية الأخرى لم تعرف العزلة أو الحصار بسبب الثلوج، إلا أن معظم العاصميين حاليا يشتكون عجزهم عن اقتناء قارورة غاز واحدة، على كثرة محطات التزود بها، أو نقاط التوزيع بمختلف المحلات، والواقع أن المشهد على أرض الواقع يختلف كثيرا عما قد نسمعه من هنا وهناك·(أخبار اليوم) من جهتها حاولت نقل معاناة بعض المواطنين بسبب أزمة غاز البوتان، فتجولت ببعض محطات نفطال بالعاصمة التي كانت الكثير منها خالية من قارورات الغاز، إلا القليل فقط، مثلما هو الحال بمحطة (ليفارجي) بنواحي بئر خادم، فعلى مستوى هذه المحطة، كان الطابور ممتدا إلى خارجها لعشرات المواطنين، هذا ناهيك عن عشرات السيارات المصطفة على جانبي الطريق، سواء لأصحابها المتواجدين بالطابور أو المنتظرين أدوارهم للدخول أيضا، ولم تكن السيارات خاصة بسكان العاصمة فقط، بل إن ترقيم الكثير منها يشير إلى ولايات أخرى من الوطن، على رأسها البليدة، المدية، بومرداس، وتيبازة، وتشكل المواطنون في طابور طويل ميزه لحسن الحظ التنظيم والهدوء بسبب التواجد الكثيف لمصالح الأمن، التي كانت تقوم بتأطير عملية بيع قارورات غاز البوتان، بالتنسيق مع أعوان المحطة، وتجدر الإشارة إلى أن ثمن قارورة غاز البوتان على مستوى المحطة المعنية، كان السعر الأصلي لقارورة غاز البوتان، دون أية زيادة، أي ب200 دج فحسب، على عكس الأسعار التي وصلت إليها قارورات غاز البوتان بسبب المضاربة والاحتكار، سواء في العاصمة أو غيرها من الولايات، والتي تراوحت ما بين 500 إلى 4000 دج، حسبما تناقله الكثير من المواطنين· مواطنون ينتظرون منذ 72 ساعة غاز البوتان وإن كان متوفرا بمحطة لي فارجي، ببئر خادم، إلا ءنه لم يكن ليلبي احتياجات كافة المواطنين المنتظرين في الطابور، علما أن كثيرا من المنتظرين مرت عليهم ساعات كثيرة، وهنالك من قضى بالمحطة ليلة وليلتين، أما آخرون فقد قضوا ثلاث ليال متواصلة تحت الأمطار وتحت درجة حرارة منخفضة للغاية، على أمل الحصول على قارورة واحدة يعودون بها إلى منازلهم· أول من تحدثنا إليه، كان مواطن في حوالي العقد الثالث من العمر، قال إنه قدم من السحاولة على الساعة الرابعة صباحا، حاملا معه قارورتي غاز، معتقدا أنه سيتمكن من الظفر بهما، لكنه لم يتوقع أن يجد أشخاصا سبقوه بأكثر من 24 ساعة كاملة منتظرين في الطابور، مضيفا أنه لم يأخذ احتياطاته، في البداية، لأنه لم يعتقد أن الأزمة ستنتهي إلى هذا الشكل، مضيفا أنه ترك نصف قارورة فقط في المنزل، يستعملونها للطبخ، وإذا ما انتهت فإنهم مجبرون على تناول الوجبات البارة، والاستسلام للبرودة، داعياً الله ألا يتم تسجيل انقطاعات في الكهرباء، تتعطل معها أجهزة التدفئة، ويصبح بعدها رفقة أسرته في خبر كان، هذا علما أن المتحدث كشف أنه ينتمي إلى أحد الأسلاك الأمنية، ومع ذلك، فإنه لم يسمح لنفسه بأن يتجاوز طوابير المواطنين المنتظرين، لأنه يدرك أن الأزمة تمس الجزائريين جميعا، ولا أفضلية لأحد على الآخر· الطبخ بالحيلة··· غالبية المواطنين الذين كانوا في الطابور بالمحطة كانوا غاضبين للغاية، وشبه يائسين، رغم محاولات المشرفين على المحطة طمأنتهم بوجود كميات كافية من قارورات غاز البوتان، إنما يتطلب منهم الأمر الصبر والانتظار، حتى وإن امتد لساعات طويلة، من منطلق أنه إذا عمت خفت، وبدا المنتظرون هادئين عموما، يتجرعون الصبر تحت الأمطار المتهاطلة على رؤوسهم، وهم يتبادلون حكاياتهم ويومياتهم في هذه الأجواء الباردة التي لم تشهد لها الجزائر من قبل مثيلا· قال شاب قادم من عين النعجة، إنه ينتظر في الطابور منذ التاسعة من صباح أمس، وقد حمل معه قارورتين، وترك قارورة واحدة في المنزل، تشارف بدورها على الانتهاء، أما عن طبيعة التدفئة في المنزل، فقال إنهم يقضون كل أوقاتهم في المطبخ، حيث يتدفأون ويطبخون في الوقت ذاته، قائلا إنهم يحضرون الغذاء والعشاء في الوقت ذاته، مع تجنب الأطباق التي تتطلب وقتا طويلا في الطهي· معرجا من جهة أخرى، على مشكلة عدم تزويد العديد من الأحياء السكنية، خاصة الجديدة منها، التي تم ترحيل العشرات من العائلات إليها مؤخرا، ومن بينها الحي الذي يقطن به بعين النعجة، بالغاز الطبيعي، وهو ما تسبب حسبه في زيادة حدة هذه الأزمة بسبب الزيادة الطبيعية في الطلب على غاز البوتان· يتكفل بملء قارورات جيرانه محطة نفطال ب(لي فارجي)، لم تكن قبلة لسكان العاصمة فحسب، بل قبلة لمواطنين من ولايات أخرى، تعيش للأسف على وقع العزلة والحصار بسبب الثلوج، والندرة الحادة، ليس في الغاز فحسب، وإنما في المؤن والمواد الغذائية الأساسية، والخضر والخبز وغير ذلك، إلى جانب انقطاع الكهرباء، وهو ما كشف عنه مواطن من ولاية المدية، وبالضبط من بلدية مغراوة، وجدناه في الطابور ينتظر دوره، غير أن هذا الأخير لم يحمل معه قارورة أو قاروتين، أو حتى ثلاث، بل أربعين قارورة غاز بوتان فارغة، تمكن من استبدالها ب8 فقط معبأة، وعن كونه موزعا أو بائعا، سيقوم بإعادة بيعها، قال إنها ملك لجيرانه وبعض معارفه الذين كلفوه بجلبها إليهم، مهما كان سعرُها، وهو متواجد بالطابور، منذ ليلتين كاملتين، ولازال ينتظر إلى غاية ملئها كلها، عله يساهم على الأقل في تخفيف حدة الأزمة، على مستوى الحي الذي يقطن به· سأنتخب لكن·· على قارورة الغاز أحد المواطنين الغاضبين، ورغم أنه قادم من بئر مراد رايس القريبة جدا من المحطة مقارنة بغيره، قال إن المحكومين عليهم بالإعدام أحسن حالا منهم، وإنه ينتظر منذ يومين لملء قارورتي الغاز، حيث قضى ليلتين في العراء تحت الأمطار، وفي البرودة الشديدة، رفقة العشرات غيره، معقبا إذا كان هذا حال سكان عاصمة البلاد، فكيف هو الحال في بقية المناطق وفي القرى والمداشر النائية، فيما قاطعه مواطن آخر قائلا إنه إن انتخب هذه المرة فهو سينتخب على (قارورة الغاز)، وليس على أي أمر آخر، كما قال إنه ينتظر الشاحنة الثالثة لعلها تمكن من تلبية طلبات باقي المنتظرين، حيث استقبلت المحطة شاحنتين، لم تفلح حمولتهما في الاستجابة لكل الطلبات بعد أن أضحت المحطة قبلة لعشرات المواطنين سواء من العاصمة والمناطق المجاورة لها، أو من باقي الولايات الأخرى· موزعون تعرضوا للتهديد من ناحية أخرى، قال أحد الموجودين، إن بعض المواطنين كذلك، يتحملون جزءا من المسؤولية في هذه الأزمة، حيث أن كثيرا من الموزعين تعرضوا لتهديدات بإحراق شاحناتهم، وأنهم من يتلقون اللوم الأكبر في هذا الإطار، كما أن الطلب الكبير على قارورات غاز البوتان، وبحث المواطن عنها بأي شكل، وبأي سعر كان، ساهم بدوره في ازدياد حدتها، وسمح لبعض الأشخاص الاستغلاليين، بانتهاز الفرصة لتحقيق أرباح خيالية، بعيدا عن أعين الرقابة، وبعيدا عن أية مسؤولية، فرفعوا سعر قارورة غاز البوتان إلى أسقف لم تشهدها في السابق مطلقا، سواء بالعاصمة أو ببقية المناطق، بعد أن منعت الثلوج وصول الموزعين إلى نقاط توزيعهم المعتادة، غير أن ما لاحظناه على مستوى المحطة، هو أنه برغم الاستياء الشديد الذي كان باديا على جل المتواجدين بطابور الانتظار، هو تفكيرهم في باقي سكان الولايات الأخرى المتضررة، وإحساسهم الكبير بمعاناتهم في هذه الظروف الطبيعية القاسية للغاية، آملين أن يتم رفع الإنتاج من هذه المادة الحيوية، وطرح كميات كافية في السوق من شأنها تلبية احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى محاصرة المضاربين والمحتكرين، الذين تجردوا من كل القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية، ولم يبحثوا إلا عن الربح السريع، عبر المتاجرة بمعاناة المواطنين وآلامهم· * على مستوى هذه المحطة، كان الطابور ممتدا إلى خارجها لعشرات المواطنين، هذا ناهيك عن عشرات السيارات المصطفة على جانبي الطريق، سواء لأصحابها المتواجدين بالطابور، أو المنتظرين أدوارهم للدخول أيضا، ولم تكن السيارات خاصة بسكان العاصمة فقط، بل إن ترقيم الكثير منها يشير إلى ولايات أخرى من الوطن، على رأسها البليدة، المدية، بومرداس، وتيبازة، وتشكل المواطنون في طابور طويل، ميزه لحسن الحظ التنظيم والهدوء بسبب التواجد الكثيف لمصالح الأمن التي كانت تقوم بتأطير عملية بيع قارورات غاز البوتان، بالتنسيق مع أعوان المحطة· * بعض المواطنين كذلك، يتحملون جزءا من المسؤولية في هذه الأزمة، حيث أن كثيرا من الموزعين تعرضوا لتهديدات بإحراق شاحناتهم، وأنهم من يتلقون اللوم الأكبر في هذا الإطار، كما أن الطلب الكبير على قارورات غاز البوتان، وبحث المواطن عنها بأي شكل، وبأي سعر كان، ساهم بدوره في ازدياد حدتها، وسمح لبعض الأشخاص الاستغلاليين بانتهاز الفرصة لتحقيق أرباح خيالية بعيدا عن أعين الرقابة وبعيدا عن أية مسؤولية فرفعوا سعر قارورة غاز البوتان إلى أسقف لم تشهدها في السابق مطلقاً·