هي نفس المشاهد التي تتكرر تقريبا عبر عدد غير يسير من قرى ومداشر وبلديات الوطن، تشترك كلها في أنها مناطق نائية ومنعزلة نوعا ما، ما جعلها بعيدة عن دائرة اهتمام بعض الجهات المسؤولة، لأجل تطويرها وتحسين الظروف المعيشية لسكانها، أو على الأقل تزويدهم ببعض المرافق الضرورية والحاجيات الأساسية التي من شانها أن تسهل حياتهم، كالكهرباء والغاز والمياه الصالحة للشرب، هذه الأخيرة التي تشهد ندرة حادة بهذه المناطق، دفعت سكانها في بعض الأحيان إلى القيام برحلات ماراطونية ودورات استكشافية لأجل البحث عن قطرة ماء يروون بها عطشهم. هو ما يحدث أيضا ببعض قرى ومداشر بلدية بلميهوب المتاخمة لحدود ولاية البويرة أقصى شرق ولاية المدية، الذين يناشدون السلطات المعنية وفي مقدمتهم المسؤول التنفيذي الأول على مستوى ولاية المدية، لتزويدهم بالماء الشروب من الأنبوب الموصل من سد كدية أسردون الواقع جغرافيا بين بلدية الأخضرية بالبويرة والميهوب بالمدية إلى بلدية تابلاط، والذي يعبر بعض أراضي هذه القرى، كبروني - تقرارة- العبادة -أولاد حمو – القعدة –أولاد بن صغير- العبادة-رحات علال وأولاد عشرة، وذلك في اقرب الآجال، خاصة وأن هذه القرى التي لعب سكانها دورا مشرفا سنوات الثورة التحريرية حيث قدموا عشرات الشهداء، كما تصدوا للجماعات الإرهابية خلال عشرية الدم والدمار دون أن يغادروا مناطقهم الأصلية، لازالوا يعيشون العطش حتى في فصل الشتاء حسب ما تضمنته عريضتهم إلى السيد والي المدية والموقعة من 60 مواطنا. جاء فيها تقرير مفصل عن افتقار المنطقة المذكورة، إلى مصادر مياه الشرب وفق الدراسات الهيدروغلوفية، بحيث أنهم يتزودون من منابع الأودية عند تساقط الأمطار الموسمية ومن العيون التقليدية المفتقرة للمراقبة الصحية، والمتعرضة لظاهرة الجفاف من حين لأخر على وجه العموم وفي الصيف على وجه الخصوص، وفي ذات الشكوى فقد أكد موقعوها بأن رحلات أبنائهم اليومية لأجل العثور على قطرة ماء تتسبب في ارتفاع نسبة التسرب المدرسي الملاحظة عليهم كل آخر سنة، إضافة إلى التكاليف الباهظة المترتبة عن ظاهرة جلب الماء بواسطة الصهاريج بسعر يتراوح بين 600 و700 دج للرحلة الواحدة، خاصة في ظل ارتفاع البطالة المتفشية في صفوف المواطنين وضعف المستوى المعيشي للكثير منهم، لاعتمادهم على الزراعة المعيشية ليس إلا. وحسبهم فإن الحل الوحيد والأمثل والنهائي للقضاء على أزمة العطش المزمن التي تعاني منها منطقتهم، هو أن تتزود هذه القرى من الأنبوب السالف الذكر والعابر على بعض الأراضي هناك، لتزويد المنطقة الحضرية لبلدية تابلاط بهذه المادة الحيوية، مقترحين في سياق شكواهم منطقة بروني"883مترعلى سطح البحر"كنقطة لبناء الخزان المائي، والذي بإمكانه إيصال الماء إلى سكان هذه القرى دون اللجوء إلى طريقة الضخ، وتبقى آمالهم كبيرة جدا في أن يستجيب المسؤولون المحليون والولائيون إلى انشغالاتهم وطلبتهم التي تبدو معقولة جدا ومنطقية، بالنظر إلى حجم المعاناة التي يعيشونها وتزداد حدتها عند كل موسم صيف.