تسجل الجزائر العاصمة يوميا العشرات من حوادث السرقة التي صارت على رأس الجرائم المسجلة بمختلف أحياء وبلديات عاصمة البلاد، وهي الظاهرة التي استفحلت كذلك خلال السنوات القليلة الماضية بشكل ملفت للانتباه، حتى صارت جزءا من يوميات العاصميين، لا تكاد تمر ساعة دون أن تسمع صراخ سيدة أو شيخ أو رجل بعد تعرضه لسلب محفظة نقوده، أو هاتفه النقال، أو أي شيء آخر، ومثلما هو معلوم فإن اللصوص يختارون ضحاياهم في كل مكان، ولا يهم إن كان الطريق خاليا أم مكتظا بالمارة، ولا يهم إن كان حافلة أم مركزا تجاريا، أم سوقا شعبيا، فكل الأمكنة متاحة لأجل الظفر بحقيبة نقود أو هاتف نقال أو غيره· وإذا كانت أساليب بعض اللصوص معروفة وهي الاعتماد على السرعة والخفة والخطف، أو المباغتة والإلهاء، وحتى اللجوء إلى التهديد بالأسلحة البيضاء، وهي الطرق الأكثر رواجا للاستيلاء على ممتلكات الآخرين، فإن الطرق المعتمدة للسرقة في بعض أسواق الجملة، حسبما كشف عنه بعض المواطنين، تبدو أكثر غرابة وخطورة في الوقت ذاته، تماما مثلما يحدث على مستوى سوق الدهاليز الثلاثة بالحراش المعروف أيضا بسوق (الدي 15)، الذي يعتبر واحدا من أكثر الأماكن التي تكثر بها حوادث السرقة، نظرا لأن معظم المتسوقين فيه، هم إما من تجار الجملة أو التجزئة للملابس، وغيرها من التجهيزات المنزلية الأخرى، وأيضا من بعض المواطنين الذين يفضلون اقتناء ما يحتاجون إليه من ذلك السوق نظرا لانخفاض أسعاره مقارنة بما هو موجود سواء في غيره من الأسواق أو المحلات الأخرى· وحسب بعض من تحدثنا إليه حول حوادث السرقة على مستوى سوق الدي 15 بالحراش، قالوا إن هنالك من اللصوص من يستهدفون أصحاب الطاولات الذين يعرضون سلعهم هناك، والمواطنين في الوقت ذاته، حيث يختارون الأمكنة التي تشهد اكتظاظا كبيرا للمواطنين، ثم يقومون بإلقاء قارورة زجاجية، أو سلاحا أبيض في السماء، وهو ما يجبر المواطنين والبائعين على الفرار خوفا من سقوط تلك الآلات الحادة على رؤوسهم، ما يفتح المجال لباقي اللصوص للهجوم على ما تركه الهاربون وراءهم، وهنالك تندلع المواجهات بينهم وبين بعض الباعة الذين يعودون مسرعين لإنقاذ سلعهم، وهو ما يفسر كثرة حالات الاعتداء وسقوط الضحايا على مستوى السوق المذكور بصفة مستمرة· كما يعتمد هؤلاء أيضا على طريقة أخرى، هادئة نوعا ما مقارنة بسابقتها، وتتمثل في تلطيخ ملابس أحد المتواجدين في السوق، لاسيما من كبار السن، ببعض الصلصات أو الياورت، ثم تنبيهه إلى ذلك، وبمجرد أن يستدير الضحية لتفقد ملابسه يقوم اللصوص المتربصون به بخطف محفظة نقوده والهرب سريعا، وتركه لصراخه واستغاثته، بينما لا يملك له أي من الموجدين شيئا· أما الطريقة الأكثر خطورة ومكرا - يتابع محدثنا- فهي سرقة الضحية كله، بلحمه وشحمه، حيث يقوم اللصوص الذين يكونون في الغالب جماعات، تتكون من خمسة أو ستة أفراد، بمراقبة ضحيتهم جيدا، واصطياد من يكونون قد لاحظوا حمله لمبلغ معتبر من المال، وفي غفلة منه ومن باقي الموجودين، يقومون بحمله على أكتافهم والصراخ على المتواجدين كي يفسحوا لهم الطريق، مدعين أن الأمر يتعلق بشخص مريض تعرض للإغماء أو إلى نوبة سكر أو قلب، أو غيرها من الأسباب، فلا يتركون الفرصة للآخرين إلا لأجل فتح الطريق أمامهم، بينهما يهربون هم مسرعون بضحيتهم المحمول على أكتافهم، وهو يصرخ بكل ما أوتي من قوة، بينما يشفق عليه المتواجدون، معجبين بشهامة الشبان الذين يهرعون به خارج الزحام والاكتظاظ لإنقاذه، دون أن يعلموا أنهم يهرعون به لتجريده من كل ما يملكه خارج السوق أمام أنظار العشرات من المواطنين· هي إذن بعض من حيل وطرق اللصوص في الجزائر، التي لا يمكن وصفها بالخطط الجهنمية، لأنها أخطر من ذلك بكثير، فعلى المواطنين بالتالي أخذ احتياطاتهم الكاملة، وتجنب التواجد في الأماكن المكتظة خاصة الأسواق أو محطات النقل، إضافة إلى الشوارع والطرقات الخالية، حتى لا يكونوا أهدافا سهلة للصوص والمجرمين·