ما إن يفيق الفلسطينيون من مصيبة ألمت بهم حتى يقعوا في كارثة أخرى، هذا ما قالته المسنة أم عمران الأسطل، بينما كانت تشعل مع مغيب الشمس ناراً تأنس بها هي وأسرتها· وتشير المسنة إلى حالة الخوف من الطقس البارد التي اجتاحت الأراضي الفلسطينية والقلق الذي ينتاب الأسر من قلة الكهرباء، وقالت أم عمران (باتت حياتنا معدومة، لا يوجد وقت محدد لإنهاء مشاكلنا)· وعلى مقربة من منزل أم عمران يجلس أبو ماجد وجيرانه حول كانون النار، وقد جمعوا بعضاً من الحطب لإشعاله، ويحكي أبو ماجد بحسرة عن الفترة الماضية التي كانت أفضل بكثير من هذا الحال قائلا (كانت الكهرباء تقطع يومياً لمدة 8 ساعات، لكننا اليوم نراها فقط 6 ساعات في اليوم)· وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بحسب الرجل ذاته، (فحتى الساعات الست التي تعود فيها الكهرباء لمنطقتنا، تقطع فيها أكثر من 10 مرات، وبذلك تكون الأجهزة الكهربائية في منازلنا عرضةً للعطب والتدمير)· وبدأ قطاع غزة في أزمة الكهرباء منذ ثلاث أيام، حينما أعلنت شركة الكهرباء- الوحيدة في غزة- أنها ستتوقف عن العمل بسبب عدم توفر وقود السولار اللازم لتشغيل المحطة التي تغذي نحو 60% من المناطق السكينة في القطاع· وتأثير هذا الانقطاع ينذر بكارثة على الوضع الصحي لسكان غزة، لاسيما على مرضى الكلى وغيرهم ممن هم بحاجة ماسة لاستمرار الكهرباء، وأكد الناطق باسم وزارة الصحة في الحكومة المقالة، الدكتور أشرف القدرة، أن الساعات القادمة ستكون الأقسى على الإطلاق للقطاع الصحي في غزة· وأوضح القدرة أن آلاف المرضى والطواقم الطبية بحاجة ماسة لاستمرار الكهرباء، محذراً من أن (هذه الساعات الحرجة تنذر بخطورة بالغة على الوضع الصحي لعشرات الأطفال غير مكتملي النمو في أقسام الحضانة)· وأكد رئيس قسم العناية المركزة بمجمع ناصر الطبي، جنوبي قطاع غزة، الدكتور حسن السقا، أن الوضع المأساوي ينذر بكارثة على المرضى المزمنين· وصرح السقا للعربية· نت (هناك مئات المرضى في أقسام غسيل الكلى، مرتبطون بأجهزة الغسيل الكلوي التي تعمل بالكهرباء، وكذلك يوجد عشرات المرضى في العناية المركزة، بحاجة إلى تشغيل الأجهزة الطبية على مدار الساعة)، مضيفاً أن توقف تلك الأجهزة عن هؤلاء المرضى (يعني موتهم الحتمي)· يذكر أن كل مشفى من مشافي قطاع غزة مزود بمولد كهربائي بديل، لكن تلك المولدات بحاجة إلى وقود السولار لتشغيلها، إلا أن السولار نفد من محطات البترول في قطاع غزة بسبب توقف التجار المصريين عن ضخه لقطاع غزة· وأكد الناطق باسم وزارة الصحة في الحكومة المقالة أن سكان قطاع غزة، وفي مقدمتهم المرضى الذين يصارعون الموت على أسرَّة المستشفيات، (لا زالوا ينتظرون الموقف المشرِّف والمسانِد من الثورة المصرية والمجلس العسكري الأعلى برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس مجلس الشعب المنتخب الدكتور محمد الكتاتني، لتزويد محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع بالسولار اللازم لتشغيلها، بربطها بالشبكة الإقليمية، وحمايتهم من ظلمة الحصار الإسرائيلي)· ويذكر أن رئيس لجنة الصناعة والطاقة في مجلس الشعب المصري النائب السيد نجيدة، كان قد أعلن أن مصر قررت ضخ وقود لتشغيل محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة ابتداءً من أمس الأحد، مؤكداً أن الكميات تشمل 500 ألف لتر لمحطة توليد الكهرباء، و100 ألف لتر للسيارات·