الذهنيات المنتشرة في مجتمعنا أدت إلى مشاكل جمة تتكبد الأسر نتائجها، وعادة ما تؤدي إلى انفكاك الرابطة الزوجية وتكون عواقبها وخيمة على جميع المستويات على غرار ارتفاع العنوسة بالجزائر الذي يعد الفارق السني الكبير بين الأزواج من بين مسبباتها الرئيسية بحيث نجد أن طرفي العلاقة الزوجية ليسا من نفس الجيل· نسيمة خباجة وعلى الرغم من الإيجابيات التي يصنعها أنصار اختيار الفتاة الصغيرة في السن من أجل الزواج بها فإن الظاهرة تؤدي إلى العديد من الكوارث وعادة ما تنتهي تلك الزيجات بالفراق بالنظر إلى عدم توافق زوجين ليسا من نفس الجيل وقد يلحق الفارق إلى 20 سنة مما يؤدي إلى الخلط الحاصل في رابطة الزواج التي تغيب عنها وللأسف قوانين تضبطها على وجه كامل· فالعادات والتقاليد البالية أدت بالحموات إلى اختيار الفتاة الصغيرة من أجل تزويج الابن معها خاصة وأن الفتاة فيما سبق لم تكن تدرس فهي بالكاد تجتاز سنة أو سنتين بالمدرسة ليكون مصيرها البيت وتحضيرها للزواج، وما إن تكمل 16 عاما حتى يتهافت الخطاب عليها فلا تتوانى الأسرة على تزويجها لدرء العار، فكانت الفتاة بمثابة القنبلة التي لا تهنأ الأسرة إلا بعد إدخالها إلى بيت الزوجية، إلا أنه وبعد مرور السنوات صارت الفتاة تدرس وتخرج إلى الشارع وتنافس الرجل في أغلب المراتب وتأخّر سن زواجها إلى العقد الثالث أحيانا· لكن يبدو أن الذهنيات التي كانت منتشرة في السابق بدأت تعود تدريجيا في السنوات الأخيرة، وبتنا نشاهد الفارق السني الذي أضحى بين الأزواج وصار أغلب الرجال يفضلون الفتيات اللواتي لا يتجاوزن العقد الثاني حتى وهم يتعدون العقد الرابع بسنوات مما يؤدي إلى إفرازات سلبية متعددة تمس المجتمع بوجه عام· ولرصد الآراء تقربنا من بعض المواطنين الذين كانت لهم آراء متباينة حول النقطة المثارة منهم خديجة، طالبة، 26 عاما، التي قالت إنه بالفعل هناك خلط في العلاقات الزوجية التي لم تعد تبنى على أسس متينة وتغلبت فيها الشهوات على ضمان اتزان الأسرة بدليل لهث الرجال وراء فتيات في سن بناتهم، وأضافت أنها على معرفة برجل يبلغ سن الأربعين أقدم على خطبة فتاة في سن السابعة عشر الأمر الذي احتارت له فكيف لهما أن يتفاهما على مواجهة أعباء الحياة بالنظر إلى الفارق السني الكبير بينهما· أما صونيا متربصة في المحاماة فقالت إنه لو بيدها لرافعت من أجل تقنين تلك العلاقات خاصة من حيث ضبط السن بالنظر إلى الخلط الكبير الذي يبنى على ذهنيات مهترئة ناصرتها جداتنا فيما سبق اللائي كن يفضلن الطفلة الصغيرة بالنظر إلى حيويتها وقدرتها الجسدية على مجابهة الأعباء الأسرية، وعادت تلك الذهنيات وللأسف مما يؤدي إلى اختلال كيان الأسرة وربما الطلاق لعدم توافق الزوجين من حيث السن· السيد كريم شاب أعزب في الخامسة والثلاثين لم ينف ما بات يلهث إليه أبناء جنسه كون أن العديد من الرجال صاروا يلهثون وراء (البابيشات) على حد قوله ويفضلون أن تكون الزوجة لا تتعدى العقد الثاني في حين قد يتجاوزون هم سن الأربعين، وهو أمر غير معقول، وقال إنه شخصيا يبعد تفكيره عن ذلك النمط ويفضل زوجة من بنات جيله وتكون تصغره بسنة أو سنتين أو حتى في سنه لم لا مادام أن الهدف الرئيسي هو حسن العشرة والتفاهم· تقربنا من المختصة الاجتماعية زناتي كريمة من أجل مناقشة الموضوع أكثر، فقالت إنه بالفعل هي آفة تهدد كيان الأسر لاسيما وأن الفارق السني بين الرجل والمرأة أضحى متفشيا في أغلب الزيجات مما يؤدي إلى انعدام التفاهم بالنظر إلى اختلاف الجيلين ومن ثمة الوصول إلى أبغض الحلال، كما أن السلوك أدى إلى تضخيم نسب العنوسة من جانب النسوة، فإذا راح رجل في سن الأربعين إلى اختيار بنت العشرين فبنت الخامسة والثلاثين والأربعين من يتزوجها، وأضافت أنها بالفعل فوضى قائمة تؤدي إلى اختلال العلاقة الزوجية، كما أثبت الواقع نجاح زيجات طرفيها من نفس السن أو يتقاربان فيه، ودعت إلى وجوب إعادة تنظيم تلك العلاقات الزوجية برمتها والقضاء على بعض الذهنيات التي لا تعود بالنفع على العامة·