تعد الوثائق من أهم مصادر كتابة التاريخ، فهي تعتبر الذاكرة التي لا تصيبها آفة النسيان·· ومن ذلك وثيقة فرنسية سرية للعدو الفرنسي، اطلعت عليها (أخبار اليوم)، وهي وثيقة تشير إلى معلومات وبعض الحقائق عن معركة جبل بولقرون، التي جرت أحداثها بقرية أولاد سعيد ببلدية جواب التي أصبحت تابعة لبلدية بئر بن عابد بشرق المدية منذ التقسيم الإداري لسنة 1984· كانت المعلومات المسجلة من قبل المجاهدين، لم تتوصل إلى العدد التقريبي لقوات العدو، في حين أن هذه الوثيقة التي يتعذر على (أخبار اليوم) نشرها بسبب رداءتها نتيجة قدمها تذكر قوات العدو الفرنسي المشاركة في هذه المعركة الشرسة وبالتفصيل، منذ صباح 5/3/1958 ولغاية غروب شمس ذلك اليوم، وهو اليوم الذي استشهد فيه الرائد سي لخضر (مقراني رابح) رفقة 71 مجاهدا حسب معلومات المجاهدين· وأهمية هذه الوثيقة تكمن في أنها سرية وليست للنشر والدعاية الإعلامية الحرب النفسية، ومعنى ذلك أن معلوماتها قريبة من الدقة بالنسبة للقوات الفرنسية المشاركة· نص الوثيقة: في يوم 5مارس من سنة 1958 اشتبكت قواتنا في المنطقة الواقعة شمال غرب مسكيري-التيطري-بوحدة هامة من المتمردين (أي المجاهدون) مسلحة تسليحا قويا، وأثناء المعركة تكبد المتمردون خسائر محسوسة وبدورها سجلت قواتنا خسائر·؟ وقد جرت وقائع المعركة كما يلي: في 5مارس1958جرت عملية قامت بها قواتنا في دوار أولاد طاعن بلدية جواب، على بعد كلم شمال غرب مركز مسكيري (جواب بالتيطري)· الهدف: (تفتيش جبل بولقرون وناحية الوادي المجاور، حيث علمنا يقال بعد وشاية أحد مواطني الجهة بوجود المتمردين· الوسائل: شاركت في هذه العملية التي قادها العقيد قائد قطاع سور الغزلان، الوحدات التالية: 1-الفيلق السابع عشر التابع للفوج الثاني لجنود المشاة· 2-الفيلق السابع عشر التابع للقناصة الجزائريين· 3-وحدتان مسلحتان· 4-سريتا مدفعية (410)· 5-سرية مدفعية (2/52)· 6-وحدتان عسكريتان (تابعة للشريف بن سعيدي) أسندت إليها مهمة البحث والاستخبارات على بعد عشرة كلم من ميدان المعركة· إن ضبابا كثيفا كان يغطي ناحية أولاد طاعن، ولم ينقشع حتى الساعة الحادية عشر مما أدى إلى بعض العرقلة لوحداتنا، وحال دون تدخل الطيران· وفي تمام الساعة التاسعة صباحا، وقع صدام خفيف بين عناصر من الفيلق 17 والمتمردين، وذلك بالمنحدر رقم:811 بقرية أولاد سعيد· وفي الساعة العاشرة تمكنت فرقة من المتمردين من مهاجمة عناصر من قوات (ر·س·ب) الفرقة الأولى كانت في طريقها إلى مشتى سي سليمان فرقة أهل العقبة· إن المعركة كانت عنيفة جدا بلغت حد القتال المتلاحم ودامت حتى الليل· ساهمت فيها المدفعية مساهمة واسعة وكذلك الطيران ونجدات من كومندو الجو، وكتيبتان من(2/1 ر·إ)، ودورية من الدبابات، سجلت خسائر في الجانبين خلال الليلة من 5إلى 6مارس1958، بقيت الوحدات التي شاركت في القتال في أماكنها، إلا أن مجموعة هامة من المتمردين قد تمكنت بقوة من اختراق صفوفنا متجهة نحو الجنوب، قتل اثنان من المتمردين كانا في حالة فرار على بعد 10كلم شمال جبل بولقرون· إن العملية استمرت إلى يوم 6مارس بقصد التفتيش والبحث عن مخابئ المتمردين· حصيلة المعركة: 1-خسائرنا: أ-عدد القتلى 13 ب-عدد الجرحى 46 2-خسائر المتمردين: أ-القتلى:49· ب- الأسرى: 23 منهم 15 أطلق سراحهم بعد انتهاء عملية التفتيش· 3- غنائم الأسلحة: أ-3 قطع رشاشة جماعية و3بنادق من طراز موزير، وبندقية من عيار (عشارية) 303و3بنادق صيد·مسدسان وبندقية ذات قوائم وذخيرة كثيرة متنوعة العيارات· الخسائر البشرية: تكبد المتمردون خسائر هامة في الأرواح، بالإضافة إلى الذين تمكنوا من الفرار، تم العثور على بعض القتلى في الميدان، وهم: بودومي عمر بن عيسى-زواوي علي بولعراس- زواوي سعيد بن علال-نايلي عبد القادربن محمد-(وكلهم من دوارأولاد طاعن، وهم مسجلون في قوائم المتمردين· لقد قدر عدد المتمردين بحوالي 200متمرد (أي مجاهد) كلهم ينتمون إلى كومندو سي عزالدين، وفرقة علي مسطاش، ونشير إلى أن هذه الفرقة تقوم بعملياتها القتالية في ناحية الاخضرية، وقد أفادتنا المعلومات أن المتمردين يمتلكون أسلحة قوية، نذكر منها: عدة قطع رشاشة جماعية ومسدسات وبنادق حربية إلخ··· غير أنه أثناء المعركة قد تكبدوا خسائر هامة ولذا فهم في حاجة إلى عدة أسابيع لكي يتجمعوا من جديد وينظموا صفوفهم، في شهر فيفري من نفس السنة وقعت اشتباكات أخرى مكثفة في قطاع سور الغزلان، عرف المتمردون على أثرها خسائرها هامة جدا، كان لها أثرا كبيرا في أوساط الشعب الذي يطمح إلى الهدوء· ومن المؤكد أن القطاع مازال يضم عصابات أخرى خطيرة ونحن نواصل مطاردتهم لإبعادهم والبحث متواصل على مراكزهم بكل جدية· سور الغزلان في 11مارس 1958·