** أنا حديثة عهد بالإسلام، وأعيش في إحدى دول الغرب وأهلي في دولة أخرى، ووالداي رافضان دخولي الإسلام، وسيقومان بزيارة لي بعد أيام، وسيقيمان عندي لمدة أسبوع واحد، وأمي تكره بشدة كوني مسلمة· فقد أجد مشقة في أداء الصلوات، خاصة صلاة الفجر، لأنهما سيتضجران من صوت المنبه· أنا أرغب في حضور والديَّ لزيارتي، لكنني أتضايق من منعي أداء شعائر ديني· فماذا أفعل؟ علماً أن والديَّ من أشد الناس إلحاداً· جزاكم الله خيراً· * الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الذي أراه ألا تتضجرّي من زيارة والديك لك، بل ينبغي أن تظهري لهما السرور والانشراح بزيارتهما، وهذا من البرّ بهما، ولو كانا مشركين، فالله تعالى يقول: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً)- لقمان: 15، وقال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقطسين)· الممتحنة:8· والواجب عليك أن تستثمري وجودهما عندك في إظهار الصورة الحسنة للإسلام، وذلك بإكرامهما والتلطف معهما، وإدخال السرور على نفسيهما، فلعل إحسان معاملتك لهما تتسبب في دخولهما في الإسلام أو القرب من ذلك، وعليك -إذا وجدت فرصة سانحة- أن تعطيهما بعض الكتب أو الأشرطة التي تشرح الإسلام، وتوضح مبادئه بطريقة سهلة مباشرة، وتستطيعين إحضار هذه الكتب أو الأشرطة من المركز الإسلامي في منطقتكم، ويمكنك أن تعرضي عليهما زيارة المركز الإسلامي والالتقاء ببعض الدعاة هناك، أو تقومي بدعوة بعض الدعاة للالتقاء بهما عندك، أو في أي مكان مناسب إذا وجدت أنهما لا يمانعان في ذلك، وأن صدورهما مفتوحة لهذا، وهذا يحتاج منك إلى تمهيد وحسن تعامل إلى أن تصلي إلى هذه المرحلة، وأنت أعرف من غيرك بالطريقة المناسبة للدخول إلى قلبي والديك· وأما ما ذكرتيه من خشيتك من الإخلال بأداء الصلاة في حال وجودهما عندك، فهذا مجرد احتمال، ولا أظنه يقع إذا أحسنت التدبير وتنظيم الوقت، بأن تجعلي مثلاً وقت خروجك إلى الأسواق في الأوقات التي لا تصادفك الصلاة فيها، أو يمكنك أن تصلي في أي مكان مناسب· وأما صلاة الفجر فتستطعين إيجاد وسيلة للاستيقاظ لا يترتب عليها إزعاج والديك، وذلك بخفض صوت المنبه مثلاً، أو النوم في غرفة أخرى، ونحو ذلك من الوسائل· مع أني أظن أنك إذا أحسنت معاملة والديك، وكنت صريحة معهما، وأخبرتيهما منذ البداية بأنك ملتزمة شرعاً بأداء الصلوات في أوقاتها، ولا تستطيعين التفريط فيها، فإنهما على أقل تقدير سيحترمان رأيك وإرادتك، ولن يبديا شيئاً تكرهينه في مقابل ما يجدانه منك من لطف وحسن تعامل· وعليك في كل ذلك أن تتحلي بالصبر، ولا تبدي التضجر والاستياء أمامهما، وبخاصة أن مدة إقامتهما قصيرة، فيحسن احتمالهُما واحتساب هذا من تأليفهما ودعوتهما إلى الإسلام· ولا تيأسي من واقع حالهما الآن، فهما وإن كانا الآن من أشد الناس إلحاداً، فقد يتغير ذلك إلى العكس تماماً، فكثيرٌ من الصحابة كانوا قبل الإسلام من أشد الأعداء للإسلام والمسلمين، ثم بعد أن هداهم الله تعالى إلى الإسلام انقلب حالهُم تماماً، وأصبحوا من أقوى أنصار الإسلام، ولا تنسي الدعاء لهما بأن يكتب الله تعالى لهما الهداية، وأن يبصِّرهما بالدين الحنيف·