العطلة··· لا تعني الراحة بالنسبة لكافة الأطفال كون أن هناك من يستغلونها في ممارسة بعض أنواع التجارة عبر الأسواق وهناك من يحترف حتى الأعمال الشاقة لتي لا تتوافق وبنيته الهزيلة، غير أن هواية تحمل المسؤولية مند الصغر دفعت بالكثير من الأطفال إلى الدخول في عالم الشغل مبكرا، وباتت حتى العطل الفصلية تستغل في ممارسة تلك الأعمال الشاقة بدل استغلالها في الراحة والاستجمام· ويتم دخول الأطفال إلى عالم الشغل في الكثير من المرات بدفع من الأولياء بسبب العوز أو وفق إرادته لأجل اعتماد الطفل على نفسه في تحقيق مصاريفه الخاصة بالملبس أو المصاريف المدرسية، خاصة وأننا نجد الكثير من الأطفال من يصرحون بأنهم مارسوا تلك التجارة بهدف استقلاليتهم من الناحية المادية وإلغاء تبعيتهم لأهلهم، وبغرض اقتناء بعض المستلزمات المدرسية خاصة وأنهم يرون أن أوليائهم عجزوا عن تحقيق متطلباتهم أو تغاضوا عنها مكرهين بسبب قلة المداخيل· انتهزنا العطلة الربيعية واقتربنا من بعض الأسواق الشعبية بغرض الوقوف على بعض الحالات فوجدنا أطفالا من مختلف الأعمار يمارسون تجارتهم المعتادة التي تعتمد على أشياء بسيطة على غرار الأكياس البلاستيكية والجوارب النسائية ومساسيك الغسيل إلى غيرها من المستلزمات التي لا يعلو سعرها عن 30 دينارا لتنخفض إلى 10 دنانير· اقتربنا من البعض منهم لاستفسارهم عن دواعي خوضهم ميدان التجارة وهم في تلك السن فكان الهدف الرئيسي لأغلبية الأطفال هو تحقيق الاستقلال المادي عن أوليائهم وظفرهم بمبالغ على الرغم من قلتها إلا أنهم يستغلونها في اقتناء أغراض تخصهم كالملابس أو بعض المستلزمات المدرسية، ومنهم حتى من يوفر قسطا من تلك المداخيل لمساعدة العائلة· فؤاد طفل في الثالثة عشر من العمر التقيناه بساحة الشهداء بالعاصمة كان يعرض جوارب نسائية بسعر 25 دينارا اقتربنا منه لاستفساره عن دوافع امتهانه التجارة بدل الاستفادة من الراحة، فقال إنه يستغل دوما العطل الفصلية في العمل بغية تحقيق بعض المداخيل الجزئية وتحقيق استقلاله المادي خاصة وأن أسرته لا توفر له المبالغ الكافية للدراسة واقتناء الملابس والاستفادة من بعض الأغراض الذي يحتاجها في سنه كبعض الألعاب لذلك قام بممارسة التجارة لتحقيق بعض المداخيل، وعن تأثيرها على دراسته رد أنها لا تؤثر بتاتا ويستطيع التوفيق بينها وبين دراسته حتى أنه أحيانا يعمل في العطل الأسبوعية وهو يدرس خارج العطلة، لتفتح له بعد ذلك العطلة الصيفية طويلة المدى آفاقا واسعة لاستمراره في الحرفة وتنويعها بما يتطلبه موسم الحراراة· وبغض النظر عن الأطفال التجار التي باتت ظاهرة في مجتمعنا ما اكتشفناه أنه هناك من الأطفال من باتوا يمارسون الأعمال الشاقة في ورشات البناء ويحملون أدوات البناء ومستلزماته، بحيث شدنا مظهر أحدهم على مستوى بن عمر بالعاصمة وهو يجر جرارة ملئت عن آخرها بأدوات وأغراض البناء وانحرف جسمه عن طبيعته المستقيمة لأجل دفعها، فاقتربنا منه ووقفنا على مظاهر التعب البادية على وجهه الشاحب فحدثنا أنه يدرس ويعمل في وقت العطلة على مستوى تلك الورشة لتحقيق بعض العائدات خاصة وأنه اختار أن يستقل ماديا عن أوليائه ويلغي تبعيته لهم من ذلك الجانب خاصة وأنهم أسرة متعددة الأفراد تعتمد في عيشها على الدخل البسيط للأب كما أن الأم لا تعمل، وعن النتائج الدراسية قال إن عمله أثر بشكل كبير على مردوده الدراسي خاصة وأنه يعود إلى المدرسة وهو منهك القوة، وأضاف أن مصيره الطرد للتفرغ أكثر إلى العمل على حد قوله· وقد أثر مشكل الدخول إلى عالم الشغل في سن مبكرة على العديد من الأطفال مما أدى إلى اتساع فجوة الرسوب المدرسي·