تحول اغلب الأطفال في الأسبوع الأول من الدخول المدرسي إلى باعة متجولين وثابتين لعرض الكتب القديمة بحيث وجدوا فيها مصدرا يعينهم على تغطية تكاليف اقتناء المستلزمات الدراسية، وقد انتشروا بالعمارات وبحواف الطرقات وبمحاذاة الأسواق الشعبية التي تعرف اقبالا من طرف المواطنين، واختار هؤلاء الأطفال تلك الأماكن من اجل عرض كتبهم هناك ومن ثمة استفادة أطفال آخرين منها بأسعار ملائمة بدل اقتناء كتب جديدة بأسعار مرتفعة. وقد مست تلك الكتب جميع الأطوار من الطور الأول حتى الطور الثالث بحيث تحوَّل اهتمام الأطفال في هذه الآونة إلى الدخول المدرسي بعد عراك دام ثلاثة أشهر أمضوه بين بيع مستلزمات الصيف والبحر ثم المواد الرمضانية من مطلوع وشربات وديول، ثم مستلزمات حلويات العيد ليهبوا مؤخرا إلى بيع المستلزمات المدرسية بحيث نشطوا حتى في بيع الأدوات المدرسية ومزاحمة التجار الكبار مما يؤكد أن مسؤولياتهم اتسعت بكل ما تحمله من أعباء لتضم المصاريف الرمضانية وكذا مصاريف العيد كي تختم كل تلك المسؤوليات بمسؤولية الدخول المدرسي بعد أن صارت بعض الأسر تحمّل أبنائها ما لا طاقة لهم به. وإن هان الأمر خلال العطلة نجد أن تلك التجارة قد تعيقهم عن مشوارهم الدراسي بعد أن استمروا فيها حتى بعد الدخول المدرسي بدفع من أوليائهم في معظم الأوقات، وتحميل الطفل أعباء مصاريفه الشخصية فيما يخص الملابس والأدوات المدرسية مما أدى ببعض الأطفال إلى الاستنجاد بكتبهم القديمة وعرضها للبيع بأثمان ملائمة تقل على ما هو متداول في المدارس وكان معظمهم يهدفون إلى الاستفادة من مداخليها في اقتناء كتب جديدة. وكذا بعض المستلزمات المدرسية الأخرى التي تقف الكثير من العائلات عاجزة أمام المتطلبات الكبيرة التي يحتاجها الدخول المدرسي بعد خروجها من ميزانيتين ضخمتين عجزت عن الاستفاقة منهما بعد رمضان وعيد الفطر المباركين لتجد نفسها أمام ميزانية لا تقل عن سابقتيها. اقتربنا من بعض الأطفال على مستوى المرادية وكذا المدنية وجدناهم يبسطون طاولاتهم التي اصطفت بها الكتب ومست جميع الأطوار وراحوا يعلنون أثمانها على المارة، وكانت تختلف بكثير عن أثمان الكتب الجديدة مما جعل الزبائن يقتربون منهم للوقوف على الأسعار التي جذبتهم إلى هناك منهم إحدى السيدات التي قالت أنها تفضل اقتناء الكتب من هناك على أن تكتوي بنار الكتب الجديدة التي تعرضها المدارس في أوائل الدخول المدرسي، فمن جهة يستفيد أبناؤها، ومن جهة أخرى تفيد هؤلاء الأطفال بتلك المداخيل. وكان اغلب الأطفال الذين اقتربنا قد بينوا أن تلك المداخيل توجه إلى اقتناء المستلزمات الدراسية والكتب المدرسية منهم عادل، 12 سنة، الذي وجدناه يعرض كتبه القديمة على الزبائن وقال انه بصدد بيعها من اجل تغطية بعض التكاليف التي يحتاجها الدخول المدرسي والتي لا تقوى أسرته على تغطيتها كلها بالنظر إلى اشتمال أسرته على خمس أبناء متمدرسين ما دفعه إلى الاستنجاد بتلك الكتب التي يوجه مداخيلها إلى تغطية جزء هام من تكاليف الدخول المدرسي.