لازالت أسعار البطاطا تعرف ارتفاعا قياسيا، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث فاق سعرها في بعض الأسواق عتبة 120دج للكيلوغرام الواحد، وهو ما جعل بعض أرباب العائلات يفكرون في التخلي عنها، إن لم نقل تخلوا فعلا عنها من قائمة مشترياتهم، حيث يجمع أغلب المواطنين أن ارتفاع أسعار البطاطا، سبب لهم العجز وعدم القدرة على توفيرها، فالبطاطا تعد من أهم الخضار التي يتناولها الجزائريون يوميا تقريبا، خاصة وإنها تدخل في العديد من الوصفات، الأمر الذي أدى بالمواطن الجزائري إلى محاولة تعويضها ببعض أنواع الفاكهة، التي يكون سعرها أقل بكثير من سعر البطاطا· غير أن الملفت للدهشة أكثر، هو أن أزمة ارتفاع أسعار البطاطا، لم تبق حبيسة أحاديث الجزائريين حيثما وجدوا، على غرار الأسواق والمقاهي والبيوت، إذ تعدت هذه الأمكنة، وأصبحت حديث عدد كبير من رواد المواقع الإلكترونية، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك، وهذا من خلال نشر العديد من الصور المضحكة لها، غير أن الهدف منها ليس مجرد الضحك، فهؤلاء الأشخاص الذين تجندوا لنشر هذه الصور، يريدون بها شيئا آخر، وهو الحديث ومشاركة الآراء بما آل إليه الوضع في الجزائر الحبيبة، خاصة في ظل تواصل سلسلة الارتفاعات الجنونية لأغلب أسعار المواد الاستهلاكية والخضر والفواكه، هذا مقابل سكوت المسؤولين عن الوضع، وانشغالهم بالتحضير للتشريعيات القادمة، في حين يبقى المواطن الجزائري، يصارع وحده هذه المشاكل التي أرهقت الكثير من العائلات الجزائرية، نتيجة ضعف قدرتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار· ومن خلال تصفح بعض صفحات الفيس بوك، وجدنا العديد من الصور التي تلفت الانتباه من شدة تعبيرها عن الوضع الراهن، خاصة الصورة التي وضعت فيها البطاطا في سلة للفواكه، تتوسط أغلى أنواع الفاكهة وأجودها، على غرار الفراولة والموز، بالإضافة إلى صورة أخرى تتمثل في علبة دواء مرسوم عليها حبة بطاطا، وقد نزل هذا الدواء الجديد تحت شعار (بعد الغلاء الفاحش للبطاطا، منتوج جديد معوض من قبل الضمان الاجتماعي)، تبقى هاتان الصورتان أحسن مثال عن ما يعانيه المواطن الجزائري اليوم، ومن خلال التعليقات التي رافقتها، لمسنا مدى تذمر الناس من هذا الوضع، خاصة الشباب الذين جعلوا منها منبرا لتبادل الآراء حول هذا الموضوع، حيث تنوعت التعليقات ما بين الضحك والاستهزاء، إلى وضع تعليقات تدل على التذمر والاستياء الشديدين، خاصة أحد التعليقات التي قال صاحبها إنه ليس من الغريب أن تتحول البطاطا فعلا إلى نوع من أنواع الأدوية، خاصة في ظل السكوت المستمر للسلطات المعنية، والذي يقابله سكوت الشعب عن حقوقه من جهة أخرى، إذ كيف لمادة تعد من أكثر المواد استهلاكا من قبل المواطن الجزائري، أن تعرف هذا الارتفاع الجنوني لأسعارها، ألا يعلمون أن الكثير من العائلات الجزائرية، ذات الدخل الضعيف تعوض اللحوم والأسماك بالبطاطا، ألا يعلمون أنهم بذلك يحرمونهم من الاستمتاع بأبسط مادة يحبها الكبير قبل الصغير، ليضيف أن هذه هي حال المجتمع الجزائري، لما ينصرف حكامه إلى أعمالهم، ويتركون الشعب يتخبط في مشاكله لوحده· من جهته يقول شاب آخر إن السبب في استمرار هذا الارتفاع، هم المواطنون أنفسهم، لأنه ومع هذا الغلاء لا يتوانى المواطنون لحظة في شرائها، وهو الأمر الذي ساعد في زيادة جشع التجار وطمعهم· وعليه تبقى الأسعار المرتفعة للبطاطا هي التي تصنع الحدث، خصوصا وأن الحديث عنها انتقل من الأسواق إلى منابر الصفحات الإلكترونية، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على مدى معاناة المواطن الجزائري البسيط·