لا يكاد يخلو أي بيت من البيوت الجزائرية من حيوان أليف يعيش بين سكان المنزل، وكأنه فرد منهم، خاصة بعض أنواع الطيور والقطط والكلاب، حيث يتعلق أفراد العائلة بحيواناتهم الأليفة لدرجة تفوق تعلقهم بالإنسان الصديق أو القريب، وهو ما يظهر من خلال طريقة اهتمامهم بها، والتي يحرصون من خلالها، على توفير المأوى والأكل والرعاية الصحية لها، غير أن هذه الأشياء، تبقى جد قليلة بالنظر إلى ما تجلبه هذه الحيوانات للإنسان من منافع كثيرة، فهي تؤنسه في وحدته، وتملأ البيت بالحب، كما أنها تعلمه تحمل المسؤولية، الولاء، العطف، ومشاركة الحب بين أفراد العائلة، فعلاقة الحب هذه التي تجمع بين الحيوان والإنسان، من شأنها تعليم الإنسان كيفية التعامل مع بني جنسه· فالكثير من الناس يحرصون على اقتناء الحيوانات الأليفة نتيجة لحبهم الشديد وولعهم بها، وتنحصر أنواع الحيوانات التي يقتنيها الناس لبيوتهم، في القطط أو الكلاب أو كليهما معا في بيت واحد، بالإضافة إلى طيور وأسماك الزينة، وفي بعض الأحيان نجد بعض الأفراد ممن يفضلون الفئران البيضاء، وإذا كانت أغلب هذه الحيوانات الأليفة تسبب العديد من الأمراض والحساسية، ناهيك عن أعراض صحية أخرى خطيرة، يبقى تعلقهم الشديد بها من أكثر الأمور التي يجب علينا الانتباه إليها، خاصة وأن هذه الحيوانات تكون هي أيضا معرضة مثل غيرها من الكائنات الحية إلى الإصابة بأمراض مختلفة والموت أيضا، وهذا ما يجعل التخلي عنها أمرا صعبا بالنسبة لصاحبها· إن الألفة التي تجمع بعض الناس مع حيواناتهم الأليفة، تكبر كل يوم حتى يصبح ذلك الحيوان عنصرا لا يتجزأ من العائلة، لأن بعض العائلات الجزائرية تحرص على تربية الحيوان منذ ولادته، وهو ما يؤدي إلى خلق علاقة وطيدة معها، تضاهي علاقة الأفراد مع بعضهم، غير أن هذا الولع الكبير والألفة، تزيد من احتمال التأثر النفسي والإصابة بالحزن لدى فقدانها، وهو ما لمسناه عند بعض المواطنين الذين تحدثنا إليهم، إذ يقول الشاب عبد النور إنه كانت لدى عائلته قطة جميلة جدا، قاموا بتربيتها منذ أول يوم لولادتها، وهو ما جعلهم يتعلقون بها تعلقا شديدا، ليضيف أنهم كانوا يعاملونها معاملة أحد أفراد العائلة، ومن شدة تعلقهم بها، أصبح جميع الجيران في حيهم يعرفونها، وفي اليوم الذي وجدت فيه ميتة، عم الحزن أرجاء البيت لمدة طويلة، بل وأكثر من ذلك فأخته الصغيرة لم تذق طعم الأكل والشرب لثلاثة أيام كاملة، قضتها منعزلة في الغرفة تبكي على فراق قطتها الحبيبة· من جهته يقول محمد صاحب الثلاثين عاما إنه ربى كلبا منذ أن كان صغيرا، فقد كان أنيسه الوحيد، في ساعات الليل الطويلة، التي كان يقضيها في حراسة السيارات في أحد الأحياء، ولكنه مرض وتوفي بعد مدة، وهو الأمر الذي آلمه كثيرا، وبدورها تقول السيدة سامية، إنه كانت هناك علاقة حب وطيدة، كانت تربط بين ابنها البكر وكلبه، فقد كان يلقبه ويناديه (حبيبي)، كما أنه كان شديد الحرص على توفير أفضل المأكولات له، مضيفة أن فقدانه جعله يتألم كثيرا وعاش أياما منعزلا فيها عن الآخرين· وعليه يبقى تعلق الإنسان بالحيوان من العلاقات الطبيعية، لأن الغالب عليها الطابع العاطفي والشفقة على الحيوان، غير أن شدة التعلق قد تنعكس سلبا في حال فقدان هذا الحيوان الأليف·