إذا كان البعض يرجع تربية الحيوانات في المنزل الى الحاجة لاستغلالها للحراسة، فإن الأمر كثيرا ما يتحول الى تعود على وجود هذه المخلوقات في المنزل لدرجة حزن أصحابها عليها عند فقدانها. ورغم أن ربات البيوت هن أكثر من يرفض هذه الفكرة بسبب صغر مساحة المنازل والتكاليف الباهظة التي قد تتطلبها تربيتها والعناية المستمرة بها مع الخوف من الأمراض التي قد تنقلها الى باقي أفراد العائلة، فإن كثيرا من الآباء والأبناء لا يكترثون لهذا الرفض لدرجة فرض وجود لهذا الحيوان في البيت. وتربية القطط والكلاب والعصافير هي الأكثر رواجا لدى الجزائريين حيث تحولت عند البعض من ضرورة إلى هواية اقتداء بنمط عيش الأوروبيين ليصبح ذلك الحيوان الأليف رفيقا يخلص من الوحدة ومتعة يشغل بها وقت الفراغ, ويصبح له مكانة في العائلة التي تتبناه ويتبناها بدوره وهذا مع مرور الزمن والمدة التي يعيشها في وسطها، حيث يتم تربيتها منذ ولادتها ويطلق عليها أسماء مختلفة، ولا ينقص إلا تسجيلها في الدفتر العائلي لتحمل لقب تلك العائلة. وتخلق الحيوانات الأليفة نوعا غريبا من التعلق في نفوس أصحابها لدرجة اعتبارها جزءا من العائلة، مما يؤدي الى توتر العلاقة بين أفراد الأسرة لتمسك احدهم بهذا المخلوق. وكثيرا ما نلاحظ ذلك الارتباط الروحي الذي يتكون بين العصافير وكل من يقوم بتربيتها خاصة عند العناية بها، وهذا حسب العديد من أصحابها الذين عبروا لنا عن تعلقهم وتمسكهم بطيورهم خلال تلك الأوقات التي يقضونها في الاهتمام بها، بالعمل على توفير الأكل لها كلما قل في القفص والفيتامينات كلما كانت بحاجة إليها أوإذا أظهرت نوعا من التعب والمرض. وهو الحال بالنسبة للسيد عبد القادر الذي أشار الى أن تربيته للعصافير من سلالة الكناري أصبحت شغله الشاغل خاصة بعد تقاعده عن العمل والتي يرعاها مثل رعايته لأولاده. ومما يثير دهشة أهاليهم الذين رغم تعودهم على ذلك المخلوق الصغير والمكانة التي يشغلها في قفصه وتغريده الذي يخلق جوا من الارتياح في المنزل، فإنهم لا يتفهمون تلك العلاقة الخاصة التي تبنى بين الطيور وأصحابها. وتروي الآنسة ''منال'' عن العصفور الذي ألفت وجوده في المنزل منذ خمس سنوات والذي ادخل الحزن في قلب والدها بعد سقوطه من النافذة و''لفظ أنفاسه الأخيرة''. ولأصحاب القطط نفس العلاقة الوطيدة بحيواناتهم، حيث جاء على لسان الآنسة ''نجية'' أن عنايتها المفرطة بقططها الثلاث كثيرا ما أثارت انزعاج أهلها للمال الذي كانت تنفقه من أجلها، بين أكل خاص وشرب خاص ومنظفات مخصصة لها وفيتامينات ومقويات لصحتها. علاوة عن الحساسية التي أصابت العديد من أقاربها جراء تساقط شعر قططها في كل مكان وتعلقه بالملابس والافرشة ليكون رد فعل أفراد عائلتها فصل تلك الحيوانات عن صاحبتهم بتوزيعها على عائلات حي آخر، مما جعلها تتلقى صدمة وتشعر بالكآبة خاصة مع خيبة أملها في رجوع قططها. ولأصحاب الكلاب نفس قصص الكآبة والحزن على حيواناتهم بعد فقدان ما يمكن ان نصفه بأعز الأصدقاء وتوتر العلاقة بينهم ويبن أفراد عائلاتهم، حيث يروي لنا السيد رضا حزنه على كلبه بعد تسممه لدرجة تضخيمه للأمر واعتباره جريمة في حقه ورغبته في الانتقام من الشخص الذي تسبب في ذلك. وبدورها تروي لنا السيدة ''غنية'' العلاقة التي كانت تربط بين زوجها السيد ''احمد'' وكلبه، والتي تعززت مع مرور الزمن لدرجة تفضيل رفيقه الحيوان على أولاده. وتشير محدثتنا الى انه كان يلقبه ب ''ابنه'' عند التحدث إليه ويعده بشراء أفضل المأكولات، مضيفة أن فقدانه في حادث مرور جعله يخاصم أفراد أسرته لمدة شهر كامل، ناهيك عن اعتبار البعض تلك الحيوانات مصدر إزعاج خاصة فيما يتعلق بنباح الكلاب في الليل مع زيادة شكاوى الجيران والأذى الذي قد تسببه عند اعتدائها على شخص ما بالإضافة الى البقع على الجلد والطفيليات التي قد تنقلها. مع الإشارة الى مظاهر الاشمئزاز التي تثيرها عند تقبيل أصحابها لها. رأي علماء النفس في الموضوع: وينظر علماء النفس إلى ان هذا التعلق بالحيوان ما هو إلا علاقة ''نفسية وعاطفية تربط الإنسان به''، وهي علاقة عادية تشعر هذا الأخير بالمتعة حين يقترب منها ويداعبها والفرح في تربيتها. إلا أنها علاقة غير طبيعة حين تتجاوز حدودها، فتصبح مشكلة نفسية لابد من البحث في أسبابها، ونذكر على سبيل المثال: الحرمان العاطفي الذي قد يشعر به البعض وسط عائلاتهم، بسبب خلافات في أسرتهم أو حصولهم عليها من شخص عزيز عليهم أو وفاة هذا الأخير ليكون الكلب أو القط أو العصفور ... أو غيرها بديلا له، أو بسبب الشعور بالوحدة وعدم القدرة على تكوين صداقات، فالحيوانات الأليفة كثيرا ما تكون مصدرا للشعور بالراحة وفي إغاثة أصحابها. وينصح الأخصائيون النفسانيون بضرورة التعرف على الأسباب وعلاجها حتى لا تتأزم الحالة وعدم تبني حيوان آخر ليكون بديلا للسابق حتى تزول تلك الكآبة وذلك الحزن، والانتظار شريطة ان يكون مختلفا تماما عن السابق-.