كشفت التحضيرات للانتخابات التشريعية التي ستجري في العاشر من ماي القادم بولاية المسيلة، النقاب عن أمور (جيوسياسية) ستكون لها كلمة الفيصل في تحديد الفائز في الانتخابات التشريعية أو بالأحرى تقسيم ال 12 مقعدا بين مختلف الشرائح الحزبية السياسية المشاركة في الانتخابات والقوائم الحرّة. وذهب العديد من العارفين بالشأن السوسيولوجي بالمسيلة إلى أن (العروشية) صارت طاغية في تمثيل هؤلاء ضمن قوائمهم، وهي الحلقة الحاسمة التي سترجّح كفّة المرشّحين، واستندوا في تحليلهم إلى الواقع السياسي الجديد الذي أفرزه مخاض الإصلاحات السياسية، إلى عامل نوعية المرشّحين وانتماءاتهم العروشية، والتي تكون في الغالب أكبر العروش بالمنطقة، ومنها عرش أولاد درّاج بالجهة الشرقية والجهة الجنوبية المحسوبة أصلا على عرش أولاد نايل، قبالة ولاية الجلفة· وكنماذج حيّة حول استخدام الأحزاب لمترشّحين نافذين وذوي سمعة أو قوّة تأثير داخل محيطهم العمراني، نجد من بين الأمثلة أن حزب الفجر الجديد لزعيمه الطاهر بن بعيبش، قد استثمر في أحد شيوخ زاوية الهامل المهدي القاسمين وهو نائب برلماني سابق استقال عن حزب التجمّع الوطني الديمقراطي، حيث يحظى الرجل بسمعة طيّبة وكبيرة في جهة منطقة بوسعادة، وكذا انتمائه إلى صرح ديني عريق كزاوية الهامل التي تحظى باحترام كبير، كما تشير المعلومات والمعطيات الواردة إلى تسخيره إلى أبناء عرشه وعشيرته في شكل اجتماعات ماراطونية من أجل كسب ودّ وأصوات منطقته وبلدية الهامل بالخصوص. بينما انقسمت أصوات الهيئة النّاخبة في الجهة الشرقية إلى فتات بين أكثر من 20 مرشّحا غالبيتهم يتصدّرون قوائم أحزاب قوية أو مجهرية، حيث يعوّل متصدّر الأرندي بيبي على أبناء قرية بوطالب والمالح، إضافة إلى تسخيره لكلّ الوسائل المادية وبعث أناس ذوي ثقة ومكانة لدى أوساط العامّة. وفي دائرة مفرة بالخصوص مسقط رأس المترشّح من أجل حشد التأييد من قبل عروش لا تملك مرشّحين عنها· كما حملت قائمة الجبهة الوطنية للأحرار من أجل الوئام التي يتصدّرها الأستاذ لحسن بن ناصر، حملت أسماء متنوّعة من عروش توصف بعصب بلدية مفرة على غرار قرية أولاد عريبة ذات الكثافة السكانية الكبيرة. كما وظّف مير مفرة وهو متصدّر قائمة الجبهة الوطنية الجزائرية العديد من الأوراق في صالحه، من أجل كسب رهان مقعد في قبّة البرلمان من خلال الاعتماد وبنسبة كبيرة على قرى مثل الذبابحة، واضح وقرى من بلديات مجاورة، على غرار بلدية عين الخضراء وبرهوم ومسيف. وعزف متصدّر قائمة الأفانا بالمسيلة على وتر مطالب سكان واضح الذين رحلوا من مكان إنجاز سدّ سبلة، من خلال الوقوف معهم والأخذ بمطالبهم التي لبّيت كلّها، وهي ورقة قوية ستستعمل في الحملة الانتخابية· كما عقد صاحب المركز الثالث في التحالف الإسلامي السعيد جناوي، وهو مير بلدية عين الخضراء، ما يعرف بالصلح السياسي بين أكبر ثلاث عروش من أصل أربعة مشكلة للنّسيج الديمغرافي للبلدية، وهذا بغية كسب ود النّاخبين وكذا تكفيرا عن أخطاء وسياسة تنموية أقصت عدد من القرى لسنوات طويلة رغم وجود منافس له بنفس البلدية وعلى رأس قائمة حرّة، ويتعلّق الأمر بالقيادي الأفلاني موسى سعداوي الذي بدوره يحظى بشعبية كبيرة ونفوذ قوي داخل عروش الجهة الشرقية وخاصّة عين الخضراء وبرهوم وأولاد عدي لقبالة، ويضاف إلى ذلك استمالته لقواعد الأفلان الثائرين عن القيادة الحالية· كما يعوّل النّائب السابق عن منطقة الحملات أو بلدية مسيف خير الدين بعلي على عرشه، وهو الذي استطاع وفي ظرف وجيز جمع توقيعات أبناء المنطقة الجنوبية الشرقية·