أفرزت تشكيلة القوائم المشاركة في التشريعيات القادمة والمودعة من قبل الأحزاب والمترشحين الأحرار على مستوى ولاية تلمسان الذين لجؤا إلى تشكيل أكثر من قائمة حرة لتمثيل العروش والقبائل التي أبعدتها الأحزاب السياسية من قوائمها كما ان هذه القوائم تمثل الفرصة الممكنة والخيار الأمثل لعدد من الإطارات المنشقة عن أحزابها او تلك التي لم تستطع الأحزاب احتواءها. وأحيانا تكريسا لطموح شخصي يدفع بالمترشح الى صرف الملايير من اجل الحصول على مقعد في البرلمان اعتماد على المال او الرصيح الشعبي او منطق العرش الذي مازال بولاية تلمسان يفرض نفسه كمعيار أساسي في انتقاء متصدري القوائم .خاصة لدى الأحزاب التي تحضى بتمثيل واسع .فقد فضلت هذه الأحزاب التركيز على ما يمكن أن يقدمه "العرش" باعتباره وعاء انتخابي مهم وذلك بالنظر إلى ما تتميز به ولاية تلمسان من تعدد وتنوع في هذا الجانب. وقد كشفت القوائم النهائية عن هذا التوجه الذي جعل منطق العروش يهيمن على إستراتيجية المترشحين خاصة العروش التي تمتلك وعاء إنتخابي كبير كما هو الحال مع عرش بني واسيني ( مسيردة التحاتة ومسيردة الفواقى ) ونفس الشيء بالنسبة لعرش بني ورنيد وما يتشعب عنه من قبائل كما نجد عرش بني هديل وأولاد نهار وهي كلها عروش وقبائل تمثل غالبية سكان المناطق الغربية ، الشمالية والجنوبية للولاية. فحزب الأفلان ومن خلال قائمته النهائية يتبين توزيع المترشحين حسب منطق العرش وما يفرضه هذا التوجه من أولويات فمتصدر القائمة ينحدر من عرش بني واسيني وصاحب المرتبة الثانية ينحدر من عرش بني ورنيد فيما ينتمي رابع المترشحين إلى عرش أولاد نهار وقد كشف التشطيب الأخير للمترشح الخامس بذات القائمة على إهتمام حزب الأفلان على الحفاظ على التوازنات العروشية وذلك بتعويض المترشح الخامس بأخر يمثل منطقة الرمشي وما تحضى به من تعدد في العروش من بينها عرش بني وارسوس وبني خلاد. نفس التوجهات أيضا تعكسها قائمة حزب حمس الذي جاء متصدر القائمة منحدرا من منطقة بني سنوس التي تعتبر إحدى قلاع قبائل بني ورنيد فيما وزعت القائمة على الثالوث المهيمن ( بني واسيني ، بني ورنيد ، أولاد نهار ) ، وإن كان حزب الأرندي فضل الاعتماد على ما يمكن أن تقدمه العائلة الثورية ومدى تأثيرها على المنتخبين فإن ذلك لم يمنع مهندسي القائمة النهائية من اعتماد منطق العروش إذ نجد متصدر القائمة ينحدر من قبيلة بني ورنيد .هذه التوجهات التي اعتمد عليها مهندسي الأحزاب تكشف من جانب أخر مدى هيمنة المنطق العروشي في التوجهات السياسية . وكشفت من جانب أخر بأن الحياة السياسية والحراك السياسي لم يخرج عن القاعدة التقليدية التي بقيت تهيمن على الوضع السياسي. في ظل تشدق أهل السياسة بمصطلحات عصرية وأخرى تدعو إلى نهج السبل الحضارية التي تبقى بعيدة كل البعد عن واقع الحال .هذا الواقع الذي جعل من الأحزاب ترمي بكل ثقلها في الجهة التي تخدمها ودفعتها وبطريقة ضمنية إلى الكشف على أن سياساتها مرهونة بما تنتجه القاعدة "العروشية" .إذ كيف نفسر تهميش وإقصاء الجهة الشرقية التي بقيت بعيدة عن حسابات الساسة باعتبارها جهة عروشها لا تمثل ثقل انتخاب كبير من منطلق ضعف وعائها الانتخابي. س.شرف الدين