اهتم الإسلام بالإنسان القوي صاحب النفسية القوية التي تستمد قوتها وصلابتها من الإيمان بالله عز وجل والاقتداء بسنة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث وردت آيات قرآنية كثيرة تتحدث عن النفس القوية كما جاء في قوله تعالى:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) الأنفال 60· يدعو الله تعالى عباده المؤمنين الى أن يستعدوا لأعدائهم الساعين في هلاكهم بكل ما أعطاهم الله من قوة عقلية وبدنية وكل أنواع السلاح مما يعين على قتالهم بما في ذلك كل أنواع القوة التي تعين المسلمين على مواجهة أعدائهم ودفع الشر عنهم ومنها الرمي والشجاعة والتدبير، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا إن القوة الرمي) وكل ما يحتاج إليه عند القتال مثل الخيل ولهذا قال تعالى: (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)· جهاد المشركين وقال تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) الأنفال 9 ، يأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بجهاد المشركين والمنافقين والإغلاظ عليهم أي استخدام القوة والشدة معهم بإقامة الحجة عليهم ودعوتهم بالموعظة الحسنة وإبطال ما هم عليه من أنواع الضلال وجهادهم بالسلاح والقتال لمن أبى أن يجيب دعوة الله وينقاد لحكمه· وقال تعالى : (يا أيها الذين أمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين) التوبة 123، تتحدث هذه الآية عن الغلظة وهي القوة والشدة والشجاعة والثبات أثناء القتال مع المشركين وليعلم المؤمنون أن المعونة من الله تعالى تنزل بحسب التقوى ولذلك يجب عليهم أن يلتزموا بتقوى الله واجتناب معاصيه حتى يعينهم وينصرهم على أعدائهم· النفس القوية ورد ذكر النفس القوية في قوله تعالى: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين· قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) القصص 25- 26· قصة نبي الله موسى مع ابنتي شعيب عندما ساعدهما بقوته في السقي فذهبت إحداهما تقص على أبيها ما فعله موسى معهما وقالت لأبيها اتخذه أجيرا ليرعى أغنامنا فإن خير من استعملت القوي القادر على العمل والأمين فقال لها أبوها وما علمك بقوته وأمانته؟ فقالت :أما قوته فإنه رفع حجرا من رأس البئر لا يرفعه إلا عشرة، وأما أمانته لأنه قال لي امشي خلفي حتى لا تصف الريح بدنك· وجاءت أحاديث نبوية كثيرة تحث على القوة النفسية والجسدية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإذا أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان)· إن المؤمن القوي في إيمانه والقوي في بدنه وعمله خير من المؤمن الضعيف في إيمانه أو الضعيف في بدنه وعمله لأن المؤمن القوي ينتج ويعمل للمسلمين وينتفع المسلمون بقوته البدنية وبقوته الإيمانية وبقوته العلمية ينتفعون من ذلك نفعا عظيما في الجهاد في سبيل الله وفي تحقيق مصالح المسلمين وفي الدفاع عن الإسلام والمسلمين وهذا ما لا يملكه المؤمن الضعيف· القوة الرمي وفي صحيح مسلم عن عقبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألاَ إن القوة الرمي وكررها ثلاث مرات)· والنفس القوية هي التي تملك نفسها عند الغضب كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟ قلنا: الرجل الذي لا تصرعه الرجال قال: ليس ذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)· والغضب قوة في النفس قد تغلب صاحبها وتؤدي به إلى ارتكاب المحرمات وربما الأعمال التي تؤدي إلى الإضرار به في دينه ودنياه ولذلك لابد من الاستعانة بالله عز وجل على كبح جماح النفس وعلى دفع أذى الشيطان عنها ولذلك قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)· وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا قد غضب حتى احمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فبين رسول الله أن هذا الرجل لو استعاذ بالله لذهب عنه الغضب· ومن مقومات النفس القوية القادرة على مواجهة الصعاب، الإيمان المطلق بالله تعالى أنه الرازق المعطي المانع الفعال القادر على كل شيء وأن يعلم صاحب النفس القوية أنه لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع ولا يفرق ولا يجمع ولا يخفض ولا يرفع إلا الله عز وجل قال تعالى:(وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك؟ قال: (قل أمنت بالله ثم استقم) فالإيمان بالله يقوي النفس الإنسانية والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في شجاعته ومجده وعبوديته لله وكرم أخلاقه يقوي النفس الإنسانية وقال تعالى:(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (أنا نبي الملحمة أنا نبي المرحمة، أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)· * إن المؤمن القوي في إيمانه والقوي في بدنه وعمله خير من المؤمن الضعيف في إيمانه أو الضعيف في بدنه وعمله لأن المؤمن القوي ينتج ويعمل للمسلمين وينتفع المسلمون بقوته البدنية وبقوته الإيمانية وبقوته العلمية ينتفعون من ذلك نفعا عظيما في الجهاد في سبيل الله وفي تحقيق مصالح المسلمين وفي الدفاع عن الإسلام والمسلمين وهذا ما لا يملكه المؤمن الضعيف·