قد لا نخطئ إذا قلنا أننا مللنا من كلمة (عنف الملاعب)، فهذا الداء الخبيث الذي استفحل في الأسابيع الأخيرة بملاعبنا بدرجة لن نجد لها تفسير، وتبقى أحداث ملعب سعيدة التي أعقبت مواجهة المولودية المحلية بالضيف اتحاد العاصمة، وصمة عار في جبين من فضلوا التزام الصمت عقب أحداث ملعب 5 جويلية في مواجهة اتحاد الحراش باتحاد العاصمة، صور تمنينا أن لا نشاهدها مستقبلا، لكن للأسف المشهد تكرر وبطريقة (بشعة) بملعب سعيدة، بعد أن أشهرت (السيوف) و(الخناجر) في وجه كل من له علاقة بالفريق العاصمي، الأمر الذي ينذر بأمور خطيرة مستقبلا، فلا غرابة إذا تكرر مشهد ملعب (بور سعيد) بمصر والذي خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى وسط جماهير الأهلي· بن عبد القادر الآن وقد وصل وكما يقال بالعامية (الموس للعظم)، حان الوقت لتطهير الملاعب الجزائرية من الآفات الخطيرة، بل من الطفيليين الذين زرعوا وعاثوا فسادا بالمدرجات، بل يجب تطهير ومعاقبة من يقف ويُغذي أعمال العنف· لكن السؤال الذي قد يطرح نفسه بإلحاح: من يقف وراء هاته الظاهرة (الدخيلة) عن ملاعبنا، هل الجمهور، الذي بات الكثير منه يشكل خطرا على مباريات كرة القدم، أم مسؤولو النوادي، من خلال تصريحاتهم الخطيرة قبل كل مباراة، أن رجال الأمن، لعدم احترام البعض منهم لمشاعر رواد الملاعب، أو الحكام، لانحياز البعض منهم لفرق معينة على حساب فرق أخرى، أو اللاعبين، لخدش البعض منهم لمشاعر الجماهير بطرق لا أخلاقية أثناء دخولهم إلى الملعب أو حتى أثناء المباراة أو بعدها؟ كل هاته الأسئلة سنحاول الإجابة عنها على لسان بعض التقنيين والحكام، ولكم الحكم عن آراء هؤلاء· نور الدين زكري: "العنف يغذيه تصريح الرؤساء وسوء التحكيم وأطالب بتجميد البطولة لسنتين" وجه التقني الجزائري والمدرب السابق لفريقي وفاق سطيف ومولودية الجزائر نورالدين زكري أصابع الاتهام الى كل من مسيّري الأندية، وسوء التحكيم· (التصريحات النارية والخطيرة التي يدلي بها جل رؤساء الأندية الجزائرية لمختلف الصحف الوطنية قبل كل جولة، زادت من لهيب الجماهير، فإن يصل الأمر بتصريح رئيس فريق بقوله إنه سيستعمل شتى الوسائل للفوز بما تبقى من مباريات هذا الموسم، فمثل هذا التصريح لو أدلى به رئيس نادي في أوروبا، سيتم معاقبته مدى الحياة من الحركة الرياضية، لذا كان من الواجب على الجهة الوصية أن تستدعي هذا الرئيس ويفتح ضده تحقيق، لأنه يحمل خلفيات لا تخدم تطوير الكرة الجزائرية)· زكري يضيف قائلا: (ماذا تنتظر من رد جماهير الفرق المنافسة لفريق هذا الرئيس، أكيد أنها ستثور ضده وضد لاعبيه، خاصة إذا ارتكب حكم اللقاء أخطاء فادحة، فمن البديهي أن هاته الجماهير تثور كذلك على الحكم، وتوجه له اتهامات بحصوله على رشاوى مالية)· إذن الكل يشترك في تغذية ظاهرة العنف، لكن أن يصل الأمر باستعمال الأسلحة البيضاء ضد لاعبين بطريقة وحشية، فهذا الذي ينذر بكارثة حقيقية مستقبلا، فلا غرابة إذا تكرر المشهد المصري في الجزائر، وقبل أن تزهق الأرواح، أطالب من الجهات الوصية خاصة وزارة الشبيبة والرياضة، باتخاذ قرار جريء بتجميد جميع الأنشطة الكروية في الجزائر لمدة لا تقل عن الموسمين، وإحداث إصلاحات جذرية في المنظومة الكروية، برحيل كلي لجل المسيرين الحاليين، ومنع كل من تُثبت ضده الضلوع في الظاهرة لقيادة فريق ما مستقبلا)· فلا جدوى -يضيف زكري- من قناطير القوانين التي يتغنى بها أصحاب القرار، ولا يتم تطبيقها ضد أي كان، فعقوبة حرمان الفريق من لعب مبارياته بدون جمهور، ليست حلا، الحل في تطبيق القوانين ضد كل من تُثبت ضده (وقوفه وراء أعمال العنف))· بن عبد القادر عبد الرحمن مهداوي تقني جزائري: "للأسف الكثير من مسؤولي الكرة عندنا لا يقومون بواجبهم" على غرار المدرب نور الدين زكري، وجه المدرب عبد الرحمن مهداوي هو الآخر، أصابع الاتهام رلى مسيري النوادي، فهؤلاء الكثير منهم -حسب مهداوي- انحازوا عن المسؤولية الكبيرة التي أوكلت لهم)· فلا يعقل يقول مهداوي من رؤساء الأندية إهمال تحسيس جماهير نواديهم بضرورة التحلي بالروح الرياضية وبأخلاقيات اللعبة، ففي الوقت الذي كان يجب على هؤلاء توعية جماهيرهم قبل كل مباراة رسمية وحتى ودية بضرورة التحلي بالروح الرياضية واحترام المنافس واحترم قرارات التحكيم، نجد الكثير منهم يُدلي بتصريحات البعض منها إن لم نقل جلها جد خطيرة، وجميع هاته التصريحات تلهب الجماهير وتزيد من حرارة دمه، الأمر الذي يجعل من هؤلاء يدخلون المباراة ليس للتمتع باللقاء أو ما شابه ذلك، بل بات الكثير من الجماهير يترقبون يوم اللقاء للثأر إما من المنافس أو من الحكم أو رجال الأمن)، لذا فظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية، هي مشتركة، ولا يجب على جهة معينة وقفها، بل يجب على كل من الجماهير والمسيرين والمدربين واللاعبين والحكام والرابطة والاتحادية وحتى الوزارة وضع اليد في اليد من أجل إزالة هاته الظاهرة الخطيرة من ملاعبنا، وإلا زادت الأمور تعقيدا، فإن يصل الأمر بأن تتحول بعض الملاعب الى حرب حقيقية تستعمل فيها الأسلحة البيضاء ضد لاعبين ومسيرين، فهذا أمر جد خطير بل خطير جدا، وأخشى أن تتطور إلى أخطر من هذا مستقبلا)· مريم رايسي نبيل حيماني لاعب شبيبة القبائل:" أطالب بتوقيف البطولة الوطنية" بعد أن أبدى نبيل حيماني أسفه الشديد لما حدث لزميله السابق في الوفاق واللاعب الحالي في اتحاد العاصمة عبد القادر العيفاوي في لقاء مولودية سعيدة واتحاد العاصمة، راح يقول: (لا أحد كان يتوقع وإلى وقت قريب أن تتحول ملاعبنا الى جحيم حقيقي للاعبين والمسيرين، أن ماحدث للاعبي فريق اتحاد العاصمة بملعب سعيدة، أمر جد خطير، فهل يعقل أن يستعمل البعض الأسلحة البيضاء ضد لاعبي ومسيري فريق اتحاد العاصمة؟، فما ذنب اللاعب عبد القادر العيفاوي الذي نجا من الموت، وما ذنب اللاعب بوشامة الذي كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بملعب سعيدة، وما ذنب اللاعب الإفريقي مايغا الذي لم يسلم هو الآخر من عنف مباراة سعيدة؟) حيماني أضاف يقول: (أن يصل الأمر الى هذا الحد، فمن الأحسن والأجدر أن تتخذ الاتحادية قرار بتوقيف البطولة الوطنية الى تاريخ غير مسمى، وتلغي ما تبقى من مباريات هذا الموسم، وبعدها سيتم إيجاد حلول جذرية لظاهرة، فإما أن نواصل اللعب في ظروف بات ينعدم فيها الأمن فهذا لن أقبله، ولا نريد كلاعبين أن نغامر بحياتنا داخل الملاعب الجزائرية)· بن عبد القادر لخضر بلومي لاعب دولي سابق: "ظاهرة العنف نتاج الأزمة الحقيقية التي يعيشها الشباب الجزائري" أرجع نجم المنتخب الوطني لعشرية الثمانينيات، أن سبب ظاهرة العنف التي استفحلت مؤخرا بملاعبنا بدرجة خطيرة مردها رلى الواقع المؤلم الذي يعيشه جل الشباب الجزائري بقوله: (ظاهرة العنف نتاج الأزمة الحقيقية التي يعيشها الشباب الجزائري، فلو كان لهؤلاء منفذا للتعبير عنها لما وجهت أصابع الاتهام لشباب ذنبهم الوحيد لم يجدوا من يسمع إليهم)· بلومي تأسف لما حدث في مباراة مولودية سعيدة واتحاد العاصمة بقوله: (تلقيت خبر تلك الأحداث بأسف شديد، ولم أكن أتصور في يوم ما أن تصل الأمور الى ماوصلته في هاته المباراة، خاصة بعد تعرض العديد من لاعبي الاتحاد الى إصابات بليغة، وأخشى مستقبلا أن تتطور الأمور إلى أكثر من هذا، حينها لن ينفع أي حل للحد من الظاهرة، لذا ألح على الجهات الوصية اتخاذ قرارات شجاعة لتسليط أقصى العقوبات على المتسببين في الظاهرة، فالجمهور في نظري الخاص مدفوع لإشعال فتيل الظاهرة، لكن من يقف وراء إضرام النار فهذا من اختصاص الاتحادية والرابطة وحتى الوزارة)· بلومي وقبل أن يختم حديثه بخصوص رأيه في هاته الظاهرة، راح يقول (كلنا مسؤولون عن ظاهرة العنف في الملاعب، من رياضيين ومسيرين ولاعبين وصحافيين وفنانين، لذا يجب على الجميع أن يتحد من أجل إيجاد حل سريع للظاهرة، وإلا استفحل المرض في الملاعب الجزائرية، حينها سنجد أنفسنا في مأزق لا مخرج منه)· مريم رايسي محفوظ قرباج رئيس الرابطة المحترفة "السلطات الأمنية مطالبة بالتدخل" حمل رئيس الرابطة المحترفة محفوظ قرباج رؤساء الفرق مسؤولية تفشي ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية على أساس أنهم لم يقوموا بدورهم على أحسن مايرام للمساهمة في التقليل من هاته الظاهرة الشنيعة، التي يتسبب فيها أشباه المناصرين الذين يزرعون الرعب في نفوس الآمنين بطريقة تجاوزت الخطوط الحمراء، لأن -حسب قرباج- المشرفين على تسيير شؤون الفرق التي تنشط في مختلف الأقسام غير مؤهلين لتحمل حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، خاصة وأن البعض وللأسف الشديد يقومون بتحريض الأنصار للضغط على المنافس من أجل افتكاك نقاط الفوز وبلوغ المسعى المنشود بطريقة غير حضارية· وأضاف قرباج قائلا: (كرئيس للرابطة المحترفة سأقوم باتخاذ الإجراءات الإدارية برفع شكوى رسمية عن طريق العدالة ضد مجهول، لأن السكوت على ما حدث في ملعب سعيدة يعني التهرب من الحقيقة المرة، مؤكدا أن هيئته ستتخذ عقوبة صارمة في حق مولودية سعيدة على أساس أن إدارة هاته الأخيرة تتحمل مسؤولية الكارثة التي كادت تودي بحياة عدة لاعبين من اتحاد العاصمة، موضحا أن السلطات الأمنية مطالبة بالتدخل لاتخاذ إجراءات ردعية في حق المتسببين في تفشي ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية· ي· تيشات محمد زكريني (حكم دولي سابق):"ما حدث في سعيدة أثبت أننا لسنا مؤهلين لتجسيد الاحتراف" أرجع الحكم الدولي الأسبق تفشي ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية إلى نقص ثقافة جل المشرفين على تسيير شؤون الفرق التي تنشط في شتى الأقسام، مضيفا أن تحميل بعض الحكام مسؤولية التجاوزات الخطيرة التي زادت ذروتها مؤخرا، هو التهرب من الحقيقة المرة التي باتت تهدد مستقبل الكرة الجزائرية لأسباب أصبحت معروفة لدى العام والخاص لأن ما حدث في سعيدة أثبت مرة أخرى أننا لسنا مؤهلين لتجسيد الاحتراف الحقيقي في الجزائر· ويرى صاحب البذلة السوداء سابقا محمد زكريني أنه (وضع حدا لمثل هاته التصرفات الطائشة يمر بحتمية اتخاذ إجراءات ردعية دون استعمال العاطفة في معاقبة المتسببين والأطراف التي تتحمل مسؤولية انحطاط مستوى الكرة الجزائرية باستحداث قوانين جديدة من شأنها أن تغلق الباب في وجه الأطراف التي تصب الزيت في النار بطريقة لا تتماشى ونحن نتطلع لبلوغ الاحتراف الحقيقي، معترفا بوجود بعض الحكام غير مؤهلين لإدارة مباريات حاسمة، ولكن هذا لايعني أن التحكيم ليس في المستوى، بالعكس الأمور تسير على أحسن مايرام من هذا الجانب على -حد قول زكريني- الذي ربط خروج الكرة الجزائرية من المأزق الخطير الذي آلت إليه بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة في حق كل من يثبت أنه متسبب في ظاهرة العنف·