بالنظر إلى حالات الانتحار التي كثرت في الآونة الأخيرة ومست فئات الأطفال، راح العديد من الأولياء إلى استبدال طرق المعاملة مع أبنائهم حتى ولو كانوا على خطأ، وابتعدوا عن العنف والعقاب الجسدي وتجنبوا حتى التعنيف اللفظي الذي يحط من معنويات الطفل ويؤدي به إلى التفكير في الهروب أو الانتحار الذي شاع مؤخرا بين أطفالنا· ما أدى بالأولياء إلى إعادة حساباتهم في طريقة التعامل مع أطفالهم بل واستبدالها برمتها خوفا من تعرض الأطفال إلى أي مكروه، خاصة وأن من الأطفال من باتوا يهددون أوليائهم بالهروب أو الانتحار في حال عدم معاملتهم معاملة حسنة بل صاروا الآمرون الناهون بعد أن أمسكوا أولياءهم مسكة موجعة· اقتربنا من بعض الأولياء لرصد كيفية تعاملهم مع أبنائهم في هذه الفترة بالذات التي كثر فيها انتحار الأطفال، وبتنا نسمع به في كل يوم من هنا وهناك فوجدنا أن أغلبهم صاروا يلتزمون بمعاملة أبنائهم معاملة حسنة بكل روية خوفا من العواقب الوخيمة للضرب والتعنيف الجسدي واللفظي· وقالت إحدى الأمهات في السياق ذاته إنها باتت تخاف كثيرا بعد سماعها للحوادث التي راح ضحيتها الأطفال عن طريق الشنق أو شرب محاليل خطيرة مما أدى بها وبزوجها إلى تلطيف معاملتهما مع أبنائهما، فحتى ولو أرادا لوم أطفالهما فيكون ذلك بطريقة ذكية حتى لا يحس الطفل بالظلم من طرف أقرب الناس إليه· نفس ما راح إليه مواطن آخر الذي قال إنه في الأول كانت لهجته شديدة مع أطفاله وكان يستعمل الضرب في حال ما إذا تقهقروا في دراستهم وأحرزوا نتائج متدنية، لكنه وبعد سماعه لحوادث الانتحار التي يروح ضحيتها أطفال من مختلف الأعمار امتنع عن ذلك وصارت طريقة الكلام والنصح والإرشاد هي من بين الطرق المثلى الذي بات يستعملها معهم بعد أن تأكد أن العنف والضرب لا يأتيان بأية نتيجة إيجابية· السيدة فريال قالت إن ابنها البالغ من العمر 10 سنوات يهددها في كل مرة بالانتحار بعد أن زرعت الفكرة في رأسه، ما أدى بها إلى رقابته في كل وقت، وتحاول عدم إغضابه قدر الإمكان كي لا ينفد ما برأسه، وقالت إنها دائمة النصح والموعظة له وتخبره أن من اختار ذلك الطريق فسبيله جهنم في اليوم الآخر، وفكرت حتى في أخذه إلى طبيب نفسي لمعالجة حالته والوقوف على مسببات ترسخ تلك الفكرة في عقله لاسيما وأنه من محبي مشاهدة أفلام العنف والمغامرات التي عملت جاهدة لإبعاده عنها إلا أنها لم تستطع· وطالب أغلب الأولياء بضرورة تكفل المدارس بتنظيم ندوات تبين فيها مخاطر الإقبال على ذلك الفعل على جميع المستويات، إلى جانب توفير أطباء نفسانيين مهمتهم متابعة الأطفال وتحليل نفسياتهم لتجنب تلك الحالات الكارثية التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء عبر كامل القطر الوطني، ووجب أن لا نجرد الكبار من مسؤولية إقدام الأطفال على ذلك الحل المأساوي بالنظر إلى قلة الوعي والإرشاد·