عشية اليوم العالمي للشغل احتجاجات بالجملة·· وعمّال "يركضون" وراء حقوقهم! تعيش الطبقة العاملة بالجزائر عشية الاحتفال باليوم العالمي للشغل حالة من الغليان والتوتّر على خلفية تزايد وتيرة الاحتجاجات والإضرابات التي شلّت مختلف القطاعات (التربية، الصحّة، العدالة، البلديات، البريد، النّقل··· وغيرها)، والتي أصبح أهمّ ما يشغلها هو الرّكض وراء تحسين ظروفها المهنية والاجتماعية لمواجهة موجة الغلاء التي اجتاحت مختلف المواد الاستهلاكية من خلال الاحتجاج، لتعلن بذلك تطليقها حتى للأحداث السياسية التي تدور من حولها، والتي أصبحت آخر اهتماماتها وحتى عيدها العالمي لم يعد يصنّف في أجندتها· على غير العادة يحتفل العمّال الجزائريون بعيدهم العالمي على وقع جملة من الاحتجاجات عصفت بعدّة قطاعات حساسة رغم الإصلاحات التي قامت بها الدولة لتحسين الظروف الاجتماعية لمختلف الفئات كرفع الحدّ الأدنى للأجر القاعدي وإعادة النّظر في القانون الأساسي لعدّة قطاعات حسّاسة استفادت من زيادات مهمّة وبأثر رجعي كقطاع التربية والصحّة، إلاّ أن معظم المؤسسات التربوية والاستشفائية لا تزال تعرف من حين إلى آخر شللا تامّا يؤثّر بشكل أو بآخر على سير الحياة العادية للمواطن. ورغم أن الجهات الوصية لم تتّخذ موقف المتفرّج وتدخّلت لإنهاء معاناة بعض العمّال وإنصافهم، إلاّ أنه ما يفتأ يقوم عمّال قطاع آخر بالتنديد ورفع جملة من المطالب· هو واقع الطبقة العاملة بالجزائر اليوم، تنديدات وشعارات تطالب بالإنصاف وتحسين الظروف المهنية والاجتماعية، وقد كانت البداية مع قطاع التربية بجميع نقاباته التي اتحدت كرجل واحد وطالبت بعدّة تغييرات في القانون الأساسي لمهنة الأستاذ لتنجح بعد سلسلة من الإضرابات في إجبار الوزارة على فتح باب الحوار وتفتك في الأخير جملة من الوعود الكتابية ينتظر تطبيقها، غير أن هذه الوعود لم تشمل الأساتذة المجازين ومعلّمي الطور الابتدائي المنضوين تحت نقابة (الإينباف) الذين ما يزالون يصرّون على خيار الإضراب· نفس المسار عرفه قطاع الصحّة، غير أن الوزارة كانت عنيدة في جميع مراحل المفاوضات التي جمعتها مع ممثّلي نقابات القطاع، سواء النقابة الوطنية لشبه الطبّي أو النقابة الوطنية لممارسي الصحّة العمومية أو النقابة الوطنية للأطبّاء الأخصّائيين والعموميين الذين فضّلوا الحركات الاحتجاجية منذ أزيد من 03 سنوات للتعبير عن معاناتهم، غير أن وزارة الصحّة كانت في كلّ مرّة تؤكّد عدم شرعية الإضراب وتهدّد جميع المضربين بالفصل والخصم من أجورهم، وهي السياسة التي اعتبرها عمّال القطاع محاولة للتضييق عليهم ومنعهم من ممارسة عملهم النقابي الذي نص عليهم الدستور، لتنتهي سلسلة المفاوضات بخضوع الوزارة لمطالبهم لكن بشروط لا تزال محلّ بحث وتشاور من طرف النقابات· قطاعات أخرى عرفت سلسلة من الاحتجاجات أبرزها قطاع النّقل، حيث شهد قطاع النّقل بالسكك الحديدية جملة من الإضرابات طالب فيها العمّال بتسوية وضعيتهم المادية والمهنية، وهي نفس المطالب التي طالب بها النّاقلون الخواص الذين طلبوا برفع أسعار التذاكر نظرا للغلاء الفاحش الذي تعرفه مختلف المواد الغذائية، حيث شلّوا القطاع واضطرّ المواطن إلى البحث عن بديل كسيارات الأجرة و(الكلونديستان) اللذين أرهقا ميزانيته في انتظار عمّال (إيتوزا) الذين يلوّحون بشنّ إضراب بداية من الفاتح ماي· وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إضراب عمّال قطاع العدالة الذين رفضوا العودة إلى مناصبهم قبل أن توافق الوزارة على فتح باب الحوار مع ممثّلهم الشرعي الفيدرالية الوطنية لقطاع العدالة المنضوية تحت نقابة (السناباب) والحصول على وعود كتابية تضمن تحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية وإعادة النّظر في القانون الأساسي وإدماج الأسلاك المشتركة· موظّفوا البلديات والبريد هم أيضا خرجوا إلى الشارع وندّدوا بالظروف المزرية التي يعانون منها في ظلّ غلاء المعيشة وسياسة المحاباة المنتهجة من طرف مدرائهم وطالبوا بقانون يحمي حقوقهم· بوذيبة : "العامل الجزائري يعيش ظروف مقلقة" في هذا الصدد، أكّد مسعود بوذيبة الأمين العام لنقابة المجلس الوطني المستقلّ لأساتذة التعليم الثانوي والتقني (الكنابست) بمناسبة اليوم العالمي للشغل بصفته عضو نقابي أن وضعية العمّال الجزائريين دقيقة جدّا لعدّة أسباب أبرزها المعاناة بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن أمام غلاء المعيشة، فالزّيادات التي أقرّتها الدولة نهبها التجّار لعدم وجود رقابة من طرف وزارة التجارة، فضلا عن أن العامل يعيش في ظروف قلقة، سواء من ناحية القوانين المؤطّرة المتمثّلة في سياسة التعاقد والاستخلاف وسياسة الخوصصة التي تنتهجها مختلف المؤسسات العامّة، وهو ما جعل التوظيف في الجزائر دون معالم واضحة تساعد العامل على العيش باطمئنان، فقوانين العمل معرّضة للتغيير بين الحين والآخر حسب الظروف التي تمرّ بها البلاد، والتي سيدفع فاتورتها العامل البسيط· وعن دور النقابات في الحفاظ على حقوق العمّال أوضح ذات المتحدّث أن جميع النقابات المستقلّة تحاول أن تدافع عن الطبقة العاملة مهما كانت صفتها، غير أن هناك تضييقا من طرف السلطات، وهو ما يعرقل العمل النقابي، فضلا عن أن هناك عدّة وزارات ترفض التعامل مع الممثّلين الشرعيين للعمّال وتتوجّه إلى نقابات سحبت منها الثقة كونها كانت في الفترة الماضية السبب المباشر في ضياع حقوق العمّال وطردهم من مناصب عملهم بعدما تخلّت عنهم وتخلّت عن دورها النقابي·