تزامن احتفال العمال الجزائريون بعيدهم العالمي المصادف للفاتح ماي من كل سنة مع موجة احتجاجات واسعة تشهدها مختلف القطاعات، تصدت لها الحكومة من خلال اجراء سلسلة من التغييرات لتحسين الظروف الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية للعامل الجزائري. وسمحت هذه التحولات العميقة التي تشهدها الجزائر بإعادة بعث المئات من المؤسسات الاقتصادية التي دفعت ظروف الازمة الاقتصادية والامنية في الجزائر التي حدثت في التسعينات الى غلقها وتسريح عمالها. واسترجع الالاف من العمال الجزائريين مناصبهم بفعل سياسة تشجيع خلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي انتهجتها الحكومة وتيسيرها الحصول على القروض الاستثمارية من البنوك ومنح الاولوية في صفقات انجاز المشاريع البنى التحتية للمؤسسات الاقتصادية الجزائرية. وبحسب تقريرسابق لوزارة العمل والضمان الاجتماعي، فإن هذه السياسة ادت ايضا الى خلق فرص عمل وخفض نسبة البطالة الى ادنى مستويات لها منذ 30 عاما في البلاد اذ انخفضت من 30 في المئة في عام 1999 الى 10 في المئة في نهاية 2010. وحقق العمال الجزائريون خلال هذه السنة جملة من المكاسب والانجازات التي تتعلق بزيادة الرواتب وسن قوانين خاصة تتيح الزيادة التدريجية للاجور والترقية والتدريب ابرزها في قطاع التربية والصحة والادارة والتوظيف العمومي والالاف من عمال المؤسسات الاقتصادية والتجارية الحكومية. وبلغت الزيادات في اجور العاملين في القطاعات السابقة من 20 في المئة الى 40 في المئة بالاضافة الى تعديل سلم المنح والتعويضات ومنح المرأة الماكثة في المنزل والضمان الاجتماعي. وشملت الزيادات كذلك العاملين في سلك الشرطة والامن والدفاع المدني والعاملين تحت النظام الشبه عسكري. وعلى الرغم من هذه المكاسب فان الجزائر لاتزال تشهد منذ اشهر مضت سلسلة من الاضرابات والاحتجاجات العمالية في مختلف القطاعات للمطالبة بزيادة الرواتب وتحسين الظروف المهنية والاجتماعية ورفع مستوى القدرة الشرائية. ويأتي قطاع التربية على رأس القطاعات التي نفذت الاضرابات في الاونة الاخيرة للمطالبة بتحسين اوضاع المعلمين في مختلف المراحل الدراسية. بالاضافة الى قطاع الصحة الذي يطالب فيه الاطباء والموظفون في المستشفيات والمراكز الصحية بزيادة اضافية لرواتبهم ومراجعة سلم منح العمل في الفترات الليلية ومنح العدوى وغيرها. وفي سياق اخر تتيح السلطات الجزائرية منذ عام 1989 حرية العمل للنقابات المستقلة اذ يتكون المشهد النقابي في الجزائر من (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) الذي يعد اكبر النقابات في البلاد وتقابله مجموعة من النقابات المستقلة التي تعمل في قطاعات متعددة. وبعد فترة من احتكار التمثيل النقابي للعمال من قبل (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) تمكنت نقابات مستقلة من السيطرة على قطاعات حساسة في البلاد كالتربية والمعلمين والصحة والادارة والاطباء والطيارين والاسطول التجاري وغيرها اضافة الى المؤسسات الاقتصادية. وتطالب هذه النقابات بإشراكها في المفاوضات السنوية حول الاجور والمطالب الاجتماعية المهنية للعمال التي تجريها الحكومة مع اتحاد العمال وتكتل رجال الاعمال والمؤسسات الخاصة.