في ظلّ تقاطع أهداف اليمين واليسار مستقبل أسود ينتظر الجزائريين بفرنسا كشف المرشّح الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي يخوض هذه الأيّام معركة الدور الثاني للانتخابات الرئاسية الفرنسية ضد خصمه اليميني نيكولا ساركوزي أنه سيعمل في حال فوزه بكرسي الرئاسة على الحدّ من أعداد الوافدين إلى فرنسا وطرد المقيمين بطرق غير شرعية، مؤكّدا على التمسّك بقانون منع الحجاب الذي أقرّته الحكومة الفرنسية في وقت سابق. وتأتي هذه التصريحات من مرشّح المهاجرين كما لقّبه خصمه ساركوزي مخالفة للتوقّعات ومفاجئة للكثير من الأجانب الذين يمثّل الجزائريون أغلبيتهم، لتبقى جاليتنا في مواجهة مستقبلها الأسود في ظلّ تقاطع أهداف اليمين واليسار ضد وجودها· بدا المرشّح الاشتراكي فرانسوا هولاند في حديث له لإذاعة (أر ت أل) الفرنسية أكثر حزما من خصمه اليميني نيكولا ساركوزي في ملف المهاجرين الأجانب الذي احتلّ حيّزا أكبر من حجمه خلال الحملة الانتخابية، وهو ما أوعزه كثيرون إلى قلّة الإنجازات وضعف برامج المترشّحين، لا سيّما فيما يتعلّق بالرئيس نيكولا ساركوزي الذي أفنى سنوات في التنقّل بين أروقة القصر الرئاسي دون نتيجة تذكر، ليطلق حملته الدنيئة على الإسلام والمهاجرين الذين خصّ منهم الجزائريين في أكثر من تصريح حتى صرنا نتعجّب إذا غاب ملف المهاجرين والمسلمين من أحد خطابات ساركو التي رفع فيها شعارات تصفية فرنسا وتأمينها وحماية حدودها من أجل تسلّق أسوار القصر الرئاسي للمرّة الثانية على التوالي، لكن الأمر يبدو صعبا هذه المرّة بعدما أظهر المرشّح اليساري قدرة عجيبة على التلوّن بكافّة الألوان قصد بلوغ الهدف المرجو وهو تسلّم مفاتيح قصر الإيليزي بإلحاق الهزيمة بخصمه في الدور الثاني الذي ستحسم نتائجه بتاريخ السادس من ماي المقبل· ويبدو أن التصريح الأخير لهولاند بات يهدّد مصير الجالية الجزائرية التي تمثّل أغلبية الأجانب المقيمين بفرنسا، حيث كشف في حديث له مع إذاعة (أر ت أل) الفرنسية أنه سيعمد إلى الحدّ من أعداد المهاجرين إلى فرنسا، موضّحا أنه سيتّخذ الإجراءات اللاّزمة من أجل إبعاد المهاجرين غير الشرعيين من الأراضي الفرنسية، وأضاف في ذات التصريح الذي نقلته وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس بريس) أن الأزمة التي تعيشها فرنسا هذه الأيّام تحتّم عليها الحدّ من الهجرة إلى أراضيها، مؤكّدا أن (البرلمان سيحدّد كلّ سنة أعداد المهاجرين وفق احتياجات الاقتصاد الفرنسي)، وبرّر هذا الإجراء غير المتوقّع من مرشّح لطالما ساند المهاجرين ودافع عنهم من خلال خطاباته المناهضة لبرنامج اليمين واليمين المتطرّف بالاستغلال السرّي لليد العاملة من طرف عدد من أرباب العمل، معتبرا ذلك مخالفا للمنطق والعقل· أمّا فيما يتعلّق بملف المهاجرين غير الشرعيين فقد أوضح هولاند في تصريح له في محطّة (فرانس 2) أنه سيتمّ إبعادهم قائلا: (إن الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية سيبعدون)، ناسيا بذلك أنه وعد هؤلاء بتسوية وضعياتهم بناء على معايير موضوعية. كما أبدى مرشّح اليسار تمسّكه بقانون منع الحجاب الذي أقرّه البرلمان الفرنسي قبل سنة، والذي أثار سخط المهاجرين والفرنسيين باعتباره مساسا بالحرّيات الشخصية. ورغم أن اليسار امتنع عن التصويت عليه آنذاك ، إلاّ أن مرشّحه للرئاسيات تعهّد بالإبقاء عليه في حال حسمت نتيجة الانتخابات لصالحه· وتأتي تصريحات هولاند كردّ على خصمه اليميني الذي وصفه مؤخّرا بأنه مرشّح الهجرة والمجموعات المهاجرة، وأنه قد تقدّم عليه في الدور الأوّل بفضل تأييد 700 مسجد وحملة الترويج التي قادها المفكّر المسلم طارق رمضان، إضافة إلى تصريحاته المتكرّرة التي وعد فيها بتسوية أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في فرنسا. ولعلّ هذه الانتقادات جعلت المرشّح الاشتراكي يراجع تصريحاته ويعدل عن تعهّداته التي استطاع من خلالها حشد أصوات المهاجرين ونيل رضاهم بالوعود الوهمية والشعارات الرنّانة التي أطلقها دفاعا عن هذه الفئة· ورغم تصريحات هولاند التي يبدو أنها جاءت في إطار المنافسة لنيل أصوات اليمين المتطرّف الذي أحرز تقدّما غير متوقّع خلال الدور الأول للانتخابات، إلاّ أنه لازال متفوّقا على خصمه اليميني المعتدل حسب ما أظهرته آخر استطلاعات الرّأي التي توقّعت فوز هولاند على ساركوزي بفارق كبير خلال الدور الثاني للانتخابات الرئاسية· للتذكير، فقد احتلّ ملف الهجرة والقضايا المتعلّقة بالإسلام حيّزا واسعا في برامج المرشّحين، خصوصا مرشّح اليمين نيكولا ساركوزي ومرشّحة اليمين المتطرّف مارين لوبان اللذين أظهرا تنافسا كبيرا خلال الدور الأوّل في حملتهما ضد المهاجرين وكلّ ما له علاقة بالإسلام والمسلمين، لتنتقل العدوى في الدور الثاني إلى مرشّح اليسار الذي أفصح أخيرا عن نواياه الحقيقية التي لا تختلف عن نوايا خصمه اليهودي نيكولا ساركوزي. وبالرغم من أن هولاند الذي بدا في وقت سابق أكثر تعاطفا مع المهاجرين الأجانب والمسلمين المقيمين بفرنسا إلاّ أنه انضمّ مؤخّرا إلى اللّوبي الذي يهدّد الجاليات الأجنبية بالطرد والتضييق والتصفية، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عن مستقبل الجالية الجزائرية التي كانت تعلّق آمالا كبيرة على المرشّح الاشتراكي·