الإقامات الجامعية للبنات، عالم دخلته فتيات اضطرتهن الظروف للدراسة بعيداً عن منازلهن، مكان أصبح المجتمع يراه وكرا للفساد ومعقلا للانحراف الأخلاقي بسبب طوابير السيارات وأشكال التبرج المختلفة، التدخين، المخدرات ليفضِّل بعض الأولياء خيار المكوث في البيت على أن تدرس ابنته في الجامعة، لِما سمعوه من قصص وسيناريوهات ضياع بدأت بصحبة سيئة، كلام معسول، وفضول لتنتهي في الكباريهات، الحانات ومستقبل مجهول· ومحاولة منا لفهم الأسباب التي تدفع ببعض البنات لسلوك هذا الطريق اقتربنا من بعضهن، فمنهن من رفضت البوح لتفضل الأخريات سرد هاته القصص لعلها تكون عبرة لغيرها، تعددت الأسباب من عاطفية، أسرية واجتماعية لكن المصير واحد، (م· ل) مقيمة بالإقامة الجامعية دالي ابراهيم بالعاصمة الجزائر وبدموع لم تفارق عينيها سردت لنا قصتها مع الانحراف والتي بدأت بصحبة سيئة وكذا بسبب شح والدها وحاجتها للمال فاختارت أن تحصل عليه بطريقة الربح السريع، وبئس الطريقة وبئس الربح الذي يأتي على حساب الشرف والسمعة والأخلاق· )أ· ب) مقيمة بنفس الإقامة، هي الأخرى سردت لنا قصتها بحزن شديد، وقد برّرت انحرافها ب(تهميش الأب وعدم سؤاله عنها)، تقول (أبي لا يسأل عني طيلة فترة مكوثي بالإقامة، لايقدم لي المال ولا الاهتمام، فكان إلزاما عليَّ أن أبحث عن مصدر آخر للسعادة والاهتمام فأنا أريد أن أعيش حياتي دون التفكير في المال أوالأهل؟!)· مقيمة أخرى بإحدى إقامات العاصمة رفضت الإفصاح عن اسمها تقول باستهتار (أنا أدخن، أتناول الخمر والمخدرات ولست نادمة على هذا أبداً)· ولدى جوابها عن استفسارنا حول السبب قالت (أفعل كل هذا انتقاماً من والدي، فلقد طلق والدتي وأنا صغيرة، تربيت دون أب فقررت الانتقام منه بتلويث شرفه وسمعته!) )ح· ز) و(غ· ج) مقيمتان بنفس الغرفة بالإقامة الجامعية -أولاد فايت 2- بالعاصمة، فتاتان متأثرتان بالإعلام دفعهما الهوس بكل ما يظهر في التلفزيون للخروج والتقليد بغية الفرح والسعادة ونسيان هموم الحياة· خرجنا من هاته القصص التي عبرت عن معاناة داخلية لكل منحرفة وعن ضياع شباب كل فتاة منهن لندخل إلى مجتمع يعمم الظاهرة على كل بنات الأحياء الجامعية، برغم أن فيهن الكثير من الشريفات العفيفات الطاهرات اللواتي لا يستسلمن أبداً للإغراءات المادية وبنات السوء· اقتربنا من بعض القاطنين بالأحياء المجاورة للإقامات الجامعية فكان رأي السيد (م· ح) من بلدية بوزريعة بالعاصمة أنه من المستحيل أن يسمح لابنته بالدراسة بعيداً عن البيت لأنه رأى بأم عينيه الفساد الأخلاقي للفتيات· وحول استفسارنا عن سبب تعميم الظاهرة على كل المقيمات دون تمييز بين الطيبات والخبيثات، أجاب (أنا لا أقول الجميع ولكن أغلبهن، فالمتخلقات لا يظهرن أمام المنحرفات)· الأمر الذي دفعه إلى تحميل المسؤولية للإدارة أيضا من خلال سماح أعوان الأمن بدخول الطالبات في وقت متأخر من الليل وهن في حالة متدهورة· نفس الرأي ذهب إليه جاره السيد (ح· س) الذي تحدث عن الأمر باستهجان شديد لأنها حسبه ظاهرة غير أخلاقية تؤذي حرمة الجزائري بصفة عامة، محملا المسؤولية للأولياء الذين لا يهتمون لأمر بناتهم أو يضيقون عليهن كثيرا في البيت فيستغلن فرصة الابتعاد عن منازلهن لفعل كل ماهو ممنوع· (أ· ح) سيدة من العاصمة قالت (لن أسمح بأن تدرس ابنتي بعيدا عني حتى لو اضطررت لجعلها تمكث في البيت، فأنا أخشى عليها من صديقات السوء، ولكن أنا لا أقول هذا عن جميع الفتيات فمنهن من يتمسكن بمبادئهن وأخلاقهن ولكن عددهن قليل)، كما ذهبت هذه السيدة أبعد من ذلك حين ذكرت أنها ترفض تزويج ابنها أو أحد أقاربها لفتاة كانت مقيمة في سكن جامعي فسُمعتها ليست جيدة، حسب ما ذكرت· ووسط هذا تعلق بعض المقيمات ممن ظلمن بالأحكام المسبقة مثل الطالبة إيمان من الإقامة الجامعية بوزريعة أنها تغضب لسماع هاته الأحكام، فعلى المجتمع الجزائري أن يفرق بين الأشخاص وبين أخلاق الفتيات وأن يخرج من فخ التعميم الخاطىء· نفس ما ذهبت إليه صديقتها اسمهان التي عاتبت المجتمع بقولها (تحدث هذه المظاهر في كل مكان فلمَ يسلطون الضوء على الإقامات الجامعية فقط؟!) لتعلق أخرى (الحرمة الجزائرية تستباح من طرف بعض الفتيات وكذا من الذئاب البشرية ممن يستغلون ظروف وسذاجة الفتيات لنتحمل نحن تبعات الأمر وتهدد سمعتنا ومستقبل أخواتنا)؟!·