انتهى استحقاق الانتخابات التشريعية في الجزائر وحدّدت نسبة المشاركة فيها بحوالي 45 في المائة من مجموع النّاخبين، وكان الفوز فيها حليف الحزب العتيد جبهة التحرير الوطني بأغلبية المقاعد قدّر عددها ب 220 مقعد، متبوعة بحزب الأرندي، ممّا يوحي بأن أغلبية وزراء الحكومة المقبلة سيكونون من نصيب هذين الحزبين كما جرت العادة عند كلّ استحقاق إنتخابي، وربما سيحظى بمنصب الوزير الأوّل فيها الأمين العام لجبهة التحرير الوطني السيّد عبد العزيز بلخادم خلفا لزميله في التحالف الأمين العام للأرندي أحمد أويحيى عائدا من جديد إلى رئاسة الحكومة إن لم يتنازل عن هذا المنصب لإحدى الشخصيات الوطنية التي لم يسبق لها شغل أيّ منصب في الحكومات السابقة قد يعيّنه رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة تكريسا لوعوده بالتغيير المطلب الرئيسي للجماهير والحلم الذي ظلّ يراودهم دوما. ويتساءل الشارع الجزائري الآن عن مصير وزراء الحكومة الحالية، ترى هل تجدّد فيهم الثقة مرّة أخرى ويبقون في مناصبهم أم أنهم سوف يتركون مكانهم للقادمين الجدد إلى بهو البرلمان؟ فإن حدث وأن جدّدت فيهم الثقة مرّة أخرى فقد وئد حلم الجماهير في التغيير. وإذا ما شكّلت حكومة إئتلافية فما مصير الأحزاب المقصاة من استحقاقات ال 10 من ماي؟ تراها هل ستخلد إلى النّوم مجدّدا إلى إشعار آخر، أي بعد خمس سنوات أو سنتين ثمّ تعود لتغرّد بأصواتها من جديد كالطيور المهاجرة؟ أم أنها سوف تخوض مرّة أخرى غمار الانتخابات البلدية بعد أشهر قليلة من هذا الموعد؟ وبغض النّظر عن الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات وتمّ إقصاؤها فقد يتبادر إلى الذهن سؤال آخر عن مصير ال 55 في المائة من المقاطعين أصلا لها، من ذا الذي سيحتويها كأغلبية ساحقة؟ بيد أن هناك من يخفق قلبه طربا وقد اكتسى وجهه تهليلا وبشرا واستبشارا بما يزيد عن 12 مليون صوت لم تتقدّم للاحتكام إلى الصندوق. مثل حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية -الأرسيدي-الذي كان يتزعّمه الدكتور سعيد سعدي تشاركه الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة عن العمل السياسي هذا الادّعاء، غير أن هؤلاء المقاطعين لا ينتمي أغلبهم إلى هذا أو ذاك وإنما هم عبارة عن مواطنين قرّروا عدم الانتخاب احتجاجا على هذه الحكومة والأحزاب معا وملّوا من الوعود الزّائفة والأحلام الوردية التي كان يمنّيهم بها كلاهما وسئموا منها، حلمهم الوحيد هو الظفر بمنصب شغل يضمن لهم أقواتهم وأقوات عائلاتهم أو الحصول على مساكن يخفون تحت أسقفها رؤوسهم ورؤوس أبنائهم من حرّ الصيف وقرّ الشتاء، إذ لا يهمّهم من يعتلي عرش قصر المرادية أو شارع الدكتور سعدان أو من يلج إلى داخل قبّة البرلمان وإنما حلمهم هو إزدهار البلاد وتطوّرها وتحقيق السلم والأمن والأمان.