تعيش أزيد من 35 عائلة حياة العزلة والتهميش داخل سكنات هشة مشيدة من الباربان والزنك بالطريق الرئيسي رقم 11 خميستي المدينة بولاية تيبازة، حيث لا تفوق مساحة هذه البيوت إن صح التعبير عشرة أمتار مربعة، وتتواجد هذه البيوت الشبيهة بإسطبلات للحيوانات بمحاذاة مقبرة مسيحية، وبالإضافة إلى ضيق وطبيعة المكان يعاني أفراد هذه العائلات من عدة أمراض مزمنة منها الربو والحساسية المفرطة، وعدة تعقيدات صحية جعلت أوضاعهم الاجتماعية تزداد سوءا خاصة أثناء الاضطرابات الجوية فضلا عن انزلاق التربة وتساقط الأحجار الذي تشهده المنطقة· وقد ذهلنا وانتابتنا الدهشة بمجرد ما وطئت أقدامنا المكان ولم نكن نتخيل أبدا ونحن في 2012 أن أزمة السكن لازالت تعصف بالمواطنين الجزائريين فوصلت بهم الدرجة إلى اتخاذ هذه الجحور للاحتماء فيها رفقة أبنائها المصابين بجميع الأمراض المزمنة، والتي أجبرتهم الظروف الاجتماعية القاسية على تخطي كل ماهو صعب ومستحيل، أول ما دخلنا إلى تلك الغرف التي تشبه خم الدجاج، تتميز بتشققات جدرانها تتسرب إليها مياه الأمطار من كل جهة، ناهيك عن الخطر المحدق بهم نظرا لتساقط الأحجار وانزلاق التربة، الواقع الذي وقفت عليه (أخبار اليوم) هذه المرة مر وقاس جدا تعيشه هذه العائلات التي أكدت خلال حديثها الممزوج بالحسرة والاستياء عن غضبها الشديد من الوضعية التي يعيشونها والتي أقل ما يقال عنها إنها تفتقر لضروريات العيش الكريم، ابتداء من غياب قنوات صرف الصحي المحولة إلى الوادي والتي نجمت عنها روائح لا تطاق، في حين لم تستبعد تلك العائلات إمكانية فيضانه مستقبلا وما يترتب عنه من مخلفات قد تكون وخيمة عليهم وعلى المنطقة ككل ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد بل هناك جملة من النقائص والمشاكل تعيشها العائلات في ظل انعدام أدنى الضروريات من الماء الشروب وانعدام غاز المدينة الأمر الذي يؤرقهم خلال فصل الشتاء، حيث يتسارعون إلى اقتناء قارورات غاز (البوتان) من جهة والشموع من جهة أخرى لإنارة بيوتهم· وما زاد من استياء السكان هو عدم تدخل السلطات المحلية التي أدارت وجهها من دون أن تسأل على هؤلاء المتضررين الذين يصارعون وضعا عصيبا وحياة بدائية، وصرح أحد المواطنين القاطنين بذات المكان أنه لا يعقل في قرننا الحالي لا يزال مواطنون يعتمدون على ضوء الشموع أو بإيصال أسلاك كهربائية بطريقة عشوائية لإنارة منازلهم، قد تضرهم أكثر مما تنفعهم، كما أن هذا الإيصال الفوضوي للأسلاك في حد ذاته يشكّل خطرا على حياتهم بسبب إمكانية حدوث شرارات كهربائية· لذا ونظرا لخطورة الوضع وما يصاحبه من انعكاسات خطيرة على صحة تلك العائلات سواء بسبب انعدام قنوات الصرف الصحي التي تطفو مياهها القذرة على السطح نتيجة انسدادها كل مرة نظرا لتشييدها بطريقة تقليدية والتي تنجر عنها روائح كريهة تملأ أرجاء المكان والتي تهدد بكارثة إيكولوجية هذا من جهة، ومن جهة أخرى الظروف البدائية المحضة والصعبة التي يعيشونها في تلك الإسطبلات التي تصلح لكل شيء إلا مأوى لآدميين· ورغم مئات الشكاوي والمراسلات الموجهة للسلطات المحلية إلا أنها لم تحرك ساكنا ولم تكلف نفسها عناء تكليف اللجنة الاجتماعية بمعاينة المكان والوقوف على حجم المعاناة التي تتخبط فيها هذه العائلات المقيمة هناك منذ السنوات السوداء، وعليه ترفع العائلات نداءها إلى السلطات الوصية لانتشالهم من حياة التهميش والعزلة والغبن التي يتخبطون فيها، مطالبين بترحيلهم إلى سكنات لائقة لإنقاذهم من المخاطر المحيطة بهم من جهة ومن حياة المهانة والذل داخل بيوت تفتقد إلى أدنى شروط الحياة الكريمة من جهة أخرى·