دعا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران أوّل أمس الاثنين بالجزائر إلى إعادة النّظر في موقفها اتجاه الملف الصحراوي، مدّعيا أن الحكومة الجزائرية تملك الحلّ الذي سينهي مشكلة الصحراء الغربية خلال أيّام معدودة. ومن جهة أخرى، تودّد بن كيران إلى الجزائر حين عبّر عن رغبته في إيجاد حلّ سريع لإعادة فتح الحدود الجزائرية مع المغرب، كما عبّرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن أسفها للعوائق التي تقف دون تحقيق اندماج اقتصادي بين الدول المغاربية، مشيرة إلى قضية غلق الحدود بين الجزائر والمغرب· يبدو أن خطوة غلق الحدود الجزائرية مع المغرب أصبحت حديث الساعة رغم مرور زمن على إقرارها من طرف السلطات الجزائرية، حيث أشارت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى هذه القضية في حديثها عن الوضع الاقتصادي لدول المغرب العربي، كما ما تزال نفس القضية تؤرّق الأشقّاء المغاربة الذين تباينت طرق تعبيرهم عن الانزعاج من الموقف الجزائري واختلفت درجاته. ففي الوقت الذي نلمس فيه نوعا من التودّد في المواقف الرّسمية المغربية نسجّل موقفا عدائيا لدى الإعلام المغربي الذي لا يفوّت فرصة ولا حدثا إلاّ وراح يصوغ ويحلّل ويناقش بطرقه الخاصّة ومن وجهة نظره الخاصّة التي تحرّكها في غالب الأحيان دوافع خاصّة أيضا، متخلّيا عن مبدأ الموضوعية الذي تنصّ عليه الأخلاق المهنية· بن كيران: "حلّ مشكلة الصحراء الغربية في يد الجزائر" دعا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران في حديث له مع الصحيفة الإسبانية (إلباييس) نشر في عددها الصادر أوّل أمس الاثنين، الحكومة الجزائرية إلى تسوية ملف الصحراء الغربية زاعما أنه بإمكان الجزائر إنهاء هذه المشكلة إذا أرادت خلال أيّام قليلة، معبّرا عن ذلك بقوله: (إذا أرادت الجزائر يمكن تسوية مشكل الصحراء في أيّام أو أسابيع)· واشترط بن كيران لذلك أن تتخلّى الجزائر عن موقفها المؤيّد لحقّ الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وكأن مساندة حقّ الشعوب في تقرير المصير جريمة ، وفي هذا الصدد نبّه الجزائر إلى ضرورة إعادة النّظر في موقفها الذي تتّخذه اتجاه مسألة الصحراء الغربية قائلا: (أدعوها بشكل أخوي إلى إعادة النّظر في هذا الموقف). ومن في سياق آخر، دعا بن كيران رئيس الحكومة المغربية الحكومة الجزائرية إلى إعادة فتح الحدود الجزائرية المغربية محذّرا من انتشار الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، ممّا سيهدّد أمن المنطقة المغاربية، وعبّر خلال حديثه عن تأسّفه لوجود هذا (النّزاع) بين بلده ودولة شقيقة، معربا عن أمله في تحسّن الأوضاع بين البلدين بغية فتح صفحة جديدة للعلاقات المغربية الجزائرية· وللإشارة، فإن هذه الرسالة التي تحمل شيئا من التودّد إلى الجزائر، والذي يقرأها كثيرون على أنها كسابقاتها اعتذار غير مباشر عن الخطأ الذي ارتكبته المملكة المغربية في حقّ الجزائريين بفرض التأشيرة على الرّاغبين في دخول التراب المغربي كردّ فعل عقب حادث تفجير فندق (أطلس آسني) بمراكش الذي اتّهمت المخابرات الجزائرية بالضلوع في تدبيره، تأتي بعد الخسائر الكبيرة التي سجّلتها المملكة المغربية في منطقتها الشرقية التي تعرّضت لركود اقتصادي تامّ بعد قرار غلق الحدود الذي يدخل عامه ال 18، وهو ما أشار إليه بن كيران بقوله: (أتأسّف لوجود مثل هذا النّزاع مع دولة شقيقة مع كلّ الفاتورة الثقيلة المترتبة عنه)· أمريكا "تتأسّف" لاستمرار غلق الحدود الجزائرية المغربية من جهتها، أبدت الولاياتالمتحدةالأمريكية على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون أسفها لوجود عوائق بين الدول المغاربية حالت دون تحقيق اندماج اقتصادي بينها، مشيرة إلى مسالة غلق الحدود الجزائرية المغربية، وهو ما عطّل حسب كلينتون النشاط الاقتصادي والمبادلات التجارية بين بلدان المغرب العربي. وأضافت كلينتون في حديثها عن الوضع الاقتصادي للمنطقة خلال قمّة 2012 حول الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني التي عقدت مؤخّرا بواشنطن، أن مثل هذه العوائق حالت دون تحرير المبادلالت التجارية وتحقيق دينامية حقيقية بإمكانها استحداث مناصب شغل لشباب المنطقة المغاربية التي تعرف نسبة بطالة مرتفعة، مشيرة إلى أن أضعف نسبة للمبادلات التجارية في العالم سجّلت في منطقة شمال إفريقيا وهو ما يعود حسب تصريحها إلى وجود صعوبات عديدة مرتبطة بالاتفاقيات التجارية مع البلدان الأخرى وبقضية فتح الحدود. وشدّدت كلينتون خلال مداخلتها على أهمّية تدفّق المبادلات التجارية وتأثيره على خلق فرص الشغل لفائدة شباب المنطقة المغاربية، مضيفة أنه كلّما نجح اقتصاد هذه الدول كلّما ساهم ذلك في تحقيق الاندماج وتوفير فرص الشغل وتحسين ظروف تشغيل الشباب في سائر المنطقة· الإعلام المغربي يشنّ حملة على الجزائر يبدو أن الإعلام المغربي لم يهضم رغم مرور قرابة 18 سنة قرار السلطات الجزائرية غلق حدودها مع المغرب، والذي جاء ردّا على قرار المملكة المغربية فرض التأشيرة على الجزائريين الرّاغبين في دخول الأراضي المغربية عقب حادث تفجير فندق (أطلس آسني) بمراكش الذي اتّهمت المخابرات الجزائرية بتنفيذه، وهو ما يتناساه زملاؤنا الصحفيون المغاربة في تحليلاتهم للوقائع والأحداث التي يربطونها غالبا بالموقف الجزائري اتجاه القضية الصحراوية. ولعلّ الموقف الأخير الذي أبدته الجزائر مؤخّرا بتأييدها لمبعوث الأمم المتّحدة إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس المكلّف بمراقبة سير المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو في الوقت الذي أعلنت فيه المملكة المغربية سحب الثقة منه هو ما أثار انزعاج الصحف المغربية التي صرنا نلحظ أن صفحاتها تكاد لا تخلو من موضوع تذكر فيه الجزائر، وغالبا ما يكون ذلك بإدانة أو انتقاد بعيد عن الموضوعية. ولعلّ آخر مقال قرأته أمس في إحدى المواقع الإخبارية المغربية أكبر دليل على ذلك، وجاء المقال تحت عنوان (كرات جزائرية مموّهة للملعب المغربي)، والذي اتّهم فيه زميلنا المغربي الجزائر بالتشويش على المغرب وتشويه صورة المغاربة في العالم، في حين أظهر المغرب في صورة البريء الذي لا يفهم سوء نيّة الجزائر التي تبعث حسب قوله برسائل مموّهة تحمل في جوهرها معاني غير بريئة. كما لفت انتباهي فيما قرأته مقال نشر في إحدى الصحف المغربية التي نقلت على لسان من قالت إنه عميل سابق في المخابرات الجزائرية أن السلطة عمدت إلى إشراك اللاّجئين الصحراويين في مخيّمات جبهة البوليزاريو في الانتخابات التشريعية كناخبين لتضخيم نسبة المشاركة وترجيح كفّة حزب جبهة التحرير الوطني، متطرّقة إلى العديد من العوامل الأخرى التي تثبت حسب الصحيفة وقوع تزوير فادح في مناطق الصحراء الجزائرية والعديد من المقالات الأخرى التي استهدفت الجزائر بشكل واضح ردّا على موقفها الأخير المؤيّد لنشاط المبعوث الأممي الذي رفضته المغرب مؤخّرا·