الحدود مغلقة إلى حين.. تحول "ملتقى الجنوب من أجل متوسط جديد"، الذي احتضنته مدينة طنجة المغربية على مدار الأيام الثلاثة الأخيرة، والذي أشرف عليه معهد "أمادوس" للدراسات والبحث المغربي، إلى محطة لترويج السياسات والمواقف المغربية إزاء عدد من القضايا التي تعتبر الجزائر طرفا فيها، بحكم الجغرافيا ومبادئها الثابتة من الاستعمار. * وخلصت توصيات هذا الملتقى، الذي تسعى السلطات المغربية إلى جعله منافسا لملتقى دافوس السويسري، إلى الدعوة إلى ضرورة فتح الحدود البرية بين الجزائر والمملكة المغربية، بداعي التكامل الاقتصادي وتنمية المناطق الحدودية، وكذا التأكيد على دعم مقترح مشروع الحكم الذاتي الذي أطلقه العاهل المغربي، محمد السادس، بشأن النزاع في الصحراء الغربية. * وجاءت توصيات هذا الملتقى الداعمة من دون شروط للمواقف المغربية، بعد أسبوع من تصريحات تصب في ذات التوجه، كان قد أطلقها المدير العام لصندوق النقد الدولي، اليهودي الفرنسي الجنسية والمغربي المولد، دومينيك ستروس خان، بتونس، والتي دعا من خلالها كل من الجزائر والمغرب إلى "فتح الحدود البرية، رغم العوائق السياسية"، في إشارة إلى الخلافات القائمة بين المغرب والجزائر، مبررا هذا المطلب، الذي وصفه بالملح، بحتمية الاندماج المغاربي. * ومعلوم أن هذه الحملة المسعورة اندلعت بعد أيام من الخطاب الشهير للعاهل المغربي، محمد السادس، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، التي ترمز لغزو الجيش المغربي للصحراء الغربية بعد خروج الإسبان منها في سنة 1975، والذي اتهم فيه الجزائر صراحة بأنها تقف ضد المغرب في نزاعه مع الصحراء الغربية، كما حمّلها مسؤولية وتداعيات استمرار غلق الحدود البرية بين البلدين. * وقد حاولت قناة "ميدي 1 سات"، المغربية خلال الملتقى المذكور، اقتطاف تصريح من الأمين العام لاتحاد المغرب العربي التونسي، الحبيب بن يحيى، يدعم الموقف المغربي المطالب بفتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب، إلا أن بن يحيى، تحفظ كثيرا، برغم إلحاح صحفي القناة، تماشيا مع موقف بلاده المحايد فيما يتعلق بهذه القضية. * وتكشف هذه التصريحات والمساعي المغربية عن توجه واضح من سلطات الرباط، نحو إحراج السلطات الجزائرية إقليميا ودوليا، ومن ثم حملها على فتح الحدود البرية بين البلدين، وتغيير موقفها الثابت والمبدئي من قضية الصحراء الغربية، الذي تعتبره الجزائر قضية تتعلق بتصفية الاستعمار، الذي عانت منه (الجزائر) أزيد من قرن من الزمن، وبالتالي فهي تعي مأساته أكثر من غيرها. * لكن الجزائر أكدت أكثر من مرة على لسان مسؤوليها، أن قضية الحدود ينبغي حلها في إطار حلول شاملة لأزمات المنطقة، ينبغي أن يسبقها حوار مستفيض تنبثق عنه قرارات يوافق عليها الطرفان، بعيدا عن الإتهامات والدعوات الفردية والخرجات التي لا تعبر سوى عن مصلحة طرف وعلى حساب الآخر، وفي مقدمة هذه المشاكل العالقة، ما تعلق منها بتهريب المواد الغذائية والوقود والمواشي، من الجزائر باتجاه المغرب، والمخدرات من المغرب باتجاه الجزائر، وهي القضايا التي لم تبد المغرب بشأنها اهتماما، بالرغم من الدعوات الجزائرية المتكررة بهذا الخصوص، أما قضية الصحراء الغربية، فتعتبرها الجزائر مسألة تصفية استعمار وما على المغرب سوى حله مع جبهة البوليزاريو باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي.