** مشكلتي أني قمت بارتكاب ذنوب كثيرة منذ أن بدأتُ العمل، وذلك منذ 12 عاماً في شركة خاصة، فعلت كل ما يغضب الله إلى درجة أني يصعب عليَّ الآن ذكر ما فعلته، لأنه مشين، حتى إني أكتب الآن وأشعر بالخزي والعار، أحببت صاحب العمل حباً جماً لا يوصف، وهو أيضاً، ولكن كان يصعب زواجنا لفارق السن الكبير، ولكني لم أكن أشعر بفارق السن، غمرني بعطفه وحبه، وقمنا بعمل يغضب الله كثيراً، فقد حملت وأجهضت، وقمت بالخضوع لعملية ترقيع غشاء البكارة، لقد مات الآن هذا الرجل _وللأسف- أكن له كل مشاعر الحب، مات بالسرطان، ولكني متضايقة مما فعلت؛ لأنه يغضب ربي كثيراً، الآن أنا تحجبت منذ 4 سنوات، وأصوم كثيراً ، وأصلي، وأستغفر الله في الليل وفى الصباح، وأقوم بالتسبيح صباحاً ومساءً، وتركت كل شيء آثم كنت أفعله، والآن أنا في عمل جديد، ولكن إلى الآن لم أتزوج، وأيضاً مكافأة نهاية الخدمة في العمل السابق، اقترضها مني أصدقاء لي، وإلى الآن لم يردوها لي منذ 3 سنوات، وأنا الآن لا أملك غير راتب العمل الجديد، وأحمد الله عليه كثيراً، ولم أتزوج إلى الآن رغم هذا السن، وأعلم أن هذا عقاب ربي وأنا راضية به تماماً، ولكن أريد أن أعلم هل ما حدث لي وهو ضياع نقودي كلها، ولا يوجد معي أي شيء أستعين به على الحياة، وأيضاً تأخري في الزواج هل هو العقاب فعلاً؟ وهل يغفر لي الله تعالى، أم يوجد عقاب ينتظرني يوم الحساب؟ لقد فعلت أشياء مخزية جداً في كل شيء أيام حياتي السابقة أتمنى ألا تعود، أرجو منك إرشادي، وأبلغني بأي حديث أدعو الله به صباحاً ومساء؛ ليغفر لي ما اقترفت من ذنوب، وهل سوف يغفر لي ما فعلت، أم ماذا؟ بالله أرجو أن تطمئنني، هل أنا مازلت عاصية إلى يوم الحساب، أم ماذا؟. * أبارك لك توبتك ورجوعك إلى الله، وهنيئاً لك فرح الله بك وبعودتك إليه، ونرجو الله أن يقبلنا جميعاً عنده، ويغفر لنا، ويعفو عنا، ويثبتنا جميعاً على الإيمان والطاعة؛ حتى نلقاه وهو راض عنا. - ولا شك أن الذي قمت به مع الرجل المذكور كبيرة من كبائر الذنوب التي تغضب الله ولا ترضيه، ولكن من تاب -بصدق وإخلاص- تاب الله عليه وغفر له، وأصبح كمن لا ذنب له، وفي البخاري (2661) من حديث عائشة الطويل قالت: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه). - تفاءلي وأحسني الظن بالله؛ فإنه القائل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[سورة الزمر 39/53]. فكوني أكثر ثقة بمغفرة الله ورضوانه وقربه من عباده التوابين المستغفرين. - لا تكثري من التفكير بالماضي إلا بالقدر الذي يدفعك للإكثار من العمل الصالح، وفي نفس الوقت اجعلي ذلك الماضي دافعاً لخلق حياة جديدة ملؤها النشاط في فعل الخير والدعوة إليه والانخراط في العمل المفيد، والذي يجعلك تشعرين بسعادة الدنيا والآخرة. - لا ريب أن للذنوب عقوبة ولها حسرات وتبعات، وفي هذا يقول المولى جل وعز: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [سورة الشورى:30]، فالذنوب تورث المصائب والبلايا والرزايا، ومن ذلك حرمان الرزق، وفي الحديث: (لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها) أخرجه ابن ماجة (90)، وغيره من حديث ثوبان رضي الله عنه، فلا يبعد أن ما ذهب عليك من مال يكون بسبب الذنب، ولكن هذا لا يعني أنه ليس من حقك المطالبة به، بل يجوز لك أن تطالبي به بالمعروف. - أكثري من الدعاء واللجوء إلى الله أن يثبتك على الحق، ويشرح صدرك للإيمان، ويحبب لك الطاعة ويربط قلبك عليها، وليس هناك دعاءٌ محدَّد، بل كل دعاء فيه افتقار وذل بين يدي الله مع طلب المغفرة والعفو فهو مطلوب ومحبوب إلى الله، وهو سبحانه يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وإن شئت فأكثري من سيد الاستغفار، وهو (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة) أخرجه البخاري ح (6306) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه، ومن الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو: (أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: (قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) أخرجه البخاري (799) . - اصبري على تأخر مجيء الرجل الصالح، وسيجعل الله لك مخرجا، وتذكري قول الحق سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) [البقرة: 153]، وقوله سبحانه: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)[الروم: 60] . - املئي قلبك بمحبة الله -عز وجل- من خلال تذكر نعمه عليك، وستره لك على ما فعلت، ومع ذلك يقبلك إذا عدت إليه ويحبك ويقربك، ولا يخفى عليك أن في القلب فقراً ذاتياً وجوعة وشعثاً وتفرقاً لا يلمه ولا يسده إلا محبة الله والتوجه إليه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة) ا. ه. فإذا خلا القلب من محبة الله تناوشته الأخطار، وتسلطت عليه سائر المحبوبات فشتتته وفرقته وذهبت به كل مذهب. - اشتغلي بما ينفعك، وتجنبي الوحدة والفراغ ما استطعت. - احرصي على الصحبة الصالحة فإنها مفتاح كل خير، وتجنبي صحبة الأشرار فإنها مفتاح لكل شر وبلاء. - انغمسي في عمل صالح للمسلمين يدخل به السرور عليهم، فإن من شأن ذلك أن يدخل السرور عليك. والله معك، وهو المسؤول أن يأخذ بأيدينا جميعا لما فيه الخير والصلاح والاستقامة والرشاد، وأن يقبلنا في عباده الصالحين إنه جواد كريم. * عن (الإسلام اليوم) * املئي قلبك بمحبة الله -عز وجل- من خلال تذكر نعمه عليك، وستره لك على ما فعلت، ومع ذلك يقبلك إذا عدت إليه ويحبك ويقربك، ولا يخفى عليك أن في القلب فقراً ذاتياً وجوعة وشعثاً وتفرقاً لا يلمه ولا يسده إلا محبة الله والتوجه إليه.