** ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب لا يعلمها إلا الله، ثم زوجي، وبسبب هذا الذنب أصبحت حياتي سيئة جداً، وأرى عذاب الله في وجه زوجي ووجوه الناس، أشعر أن ستر الله كشف، وقلبي أصبح قاسياً، وإيماني ضعيفٌ جداً، والأيام تمر ولا أدري أين ستكون نهايتي؟ الأمة تُبتلى وحالتي مخجلة جداً، في كثير من الأوقات أشعر بأنني يائسة، وفي كثير من الأوقات بأنني إنسانة سيئة، لكن في نفس الوقت أشعر أنني يجب أن أغير شعوري (اليأس)، لأن الله غفور رحيم، لا أدري ماذا أفعل؟ أعتقد أن زواجي سينهار قريباً، وعندها تبدأ محنتي الحقيقية، لا أدري إن كان يجب عليَّ طلب الطلاق ولا أحرج زوجي، لأنني أعرف كم يكرهني الآن، مع أنه لا يتصرف كذلك بسبب علوِّ أخلاقه، إن شؤم هذه المعصية كان عظيماً، ولا أدري هل لي من توبة عند الله أم لا؟ أدعو لي، أثابكم الله. * الأخت الكريمة: وفقها الله. ما ذكرتيه في سؤالك عن فعلك كبيرة من كبائر الذنوب وزوجك يعلمها، فاعلمي أيتها الأخت أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، وأن الله غفور رحيم، وأن الله يقبل توبة من تاب لو كانت الذنوب أمثال الجبال، ولو كانت ملء الأرض، وأن الله يقبل التوبة من المشركين واليهود والنصارى والمنافقين، فضلاً عمن عمل كبيرة، قال الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) [طه: 82]، فاصدقي مع ربك، وتوبي إليه، واعلمي أن من أصلح ما بينه وبين الله فإن الله يصلح ما بينه وبين الناس، وثقي أن زوجك متى ما رأى منك الصدق والاستقامة والنصح له والمحافظة فإنه سيزول ما بنفسه تدريجياً، واعلمي أن العثرة لا يلزم أن يُعيَّر بها صاحبها إذا أذنب، وكل بن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. واحذري من اليأس والنظر إلى هذه الحياة بمنظار الشؤم واليأس، وهفوات الماضي، وندب الحظ على الزلات الماضية، فإن هذا مما يفرح الشيطان، الذي يحبط الإنسان بكمٍّ من المخاوف، وعدم الانطلاق في سلم التفاؤل، وإحسان الظن بالله تعالى، املئي حياتك بالفأل الحسن، وازرعي في طريقك الثقة بالله، واليقين بقبول الله ورضاه، وتوفيقه ورحمته، عظمي الله تهون عليك الحياة، واجعلي همك في الآخرة تهون عليك الحياة، ولا تفكري في طلب الطلاق، وما من إنسان إلا وقد أخطأ، ولكن حكم الله أوسع من ذنوب المخلوقين، أكثري من الاستغفار وقراءة القرآن والذكر والإحسان، ولا تكوني حبيسة الماضي المظلم، وتطلعي إلى إشراقة المستقبل الزاهر المحفوف بالرضا والصدق والتفاؤل، وأبشري بالحياة الطيبة ورضا الله إذا عملت صالحاً، لأن الله يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97]، ويقول النبي _صلى الله عليه وسلم- (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس) أخرجه الترمذي (2514) من حديث عائشة _رضي الله عنه- والله يحفظك ويقبل توبتك، ويهبك الحياة الطيبة في هذه الحياة والجنة بعد الممات.