دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من أسماهم (المصريين المخلصين لوطنهم) إلى الوحدة وإبعاد خطر عودة الفلول وطالبهم جميعا مسلمين وأقباط بالحفاظ على مقاصد ثورتهم الرّائدة واختيار من يحقق ذلك. وفيما يلي نص البيان الذي وقّعه رئيس الاتحاد الشيخ القرة داغي ونائبه الشيخ يوسف القرضاوي: (الحمد للّه والصلاة والسلام على محمد رسول اللّه وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد: فقد أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قبل الانتخابات الأخيرة بيانا وفتوى دعا فيهما إلى أن المشاركة في الانتخابات فريضة شرعية للأدلّة المعتبرة المذكورة فيهما، وأنها كذلك ضرورة مدنية لتحقيق مقاصد الثورة واستقرار مصر وأمنها لتبدأ بالنّهضة والعودة إلى أدوارها العظيمة في خدمة أمتها. وشاء اللّه تعالى أن يُختبر الشعب المصري مرّة أخرى بأن يضعه في مفترق الطرق، شقّين: أحدهما يمثّل الثورة والتضحية التي نهض بها الشعب المصري كلّه بتكوينه في ضمائرهم، والثاني: يمثّل النّظام البائد الفاسد الظالم الذي أفسد البلاد وأذلّ العباد وسفك دماء الشعب ونهب أمواله وهرب البلايين منها إلى الخارج. والعالم العربي والإسلامي، بل والإنساني لا يشكّ أبدا في أن الشعب المصري شعب حضاري ورائد في اختياراته، وأنه يربأ بأن يختار أحد أزلام النّظام السابق الفريق الذي اختاره مبارك ليكون رئيسا لآخر وزارة يأمر بتكوينها، وقد وقعت في عهده موقعة الجمال والخيول والبغال التي قُتل فيها من قُتل من المصريين. ومن باب التذكير والتأكيد والإحساس بالمسؤولية والنّصيحة الواجبة يدعو الاتحاد إلى ما يلي: أوّلاً: لم يعد النّزاع الآن بين إسلاميين وغيرهم، بل أصبح النّزاع واضحا تماما بين أنصار الثورة ودعاة التغيير، وبين أعداء الثورة الذين يحاربونها ويستعينون عليها من الخارج. فعلى كلّ أنصار الثورة التحريرية الكبرى -وهم كلّ أبناء مصر مسلمين وأقباطا ودينيين ومدنيين وفئات وعمّالا وفلاّحين ورجالا ونساء وشبابا وشيوخا- أن يقفوا صفّا واحدا، ضد من يتربّصون بثورتهم ويضمرون لها كلّ شرّ، فعليهم أن يبذلوا كلّ جهودهم لردّ المتردّدين إلى الصفّ الوطني والعودة إلى مصرهم الأمّ. ثانيا: يدعو الاتحاد المرشّحين الآخرين الذين لم يكتب لهم التوفيق في الجولة الأولى وبقّية القوى الوطنية إلى الالتفاف حول مشروع الثورة المصرية الذي لا لبس فيه ولا غموض، فالشعب المصري أمام خطر داهم إمّا الاستمرار على الثورة وتحقيق مقاصدها أو العودة إلى الوراء، إلى عهد النّظام الظالم الذي ثار عليه الشعب لما رأى فيه من دماء سُفكت وأعراض هُتكتْ وحرمات انتهكت وأموال سُلبتْ وكرامة ضُيّعت. فنحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين نناشدكم جميعا بأن تبذلوا كلّ الجهود لتوحيد المواقف وإعطاء القدوة والوقوف صفّا واحدا، والمساهمة في مشاركة الجميع من أجل مصر، ولمستقبل راق لمصر الجديدة، ولأجل الثورة وشهدائها وجرحاها وضحاياها. ثالثا: يدعو الاتحاد الشعب المصري إلى الالتفاف حول ثورته ورموزه الوطنية الغيورة على مصالح مصر، ومنح صوته لمن يحقّق لها الاستقرار والتنمية والكرامة الإنسانية، ولتعود مصر للقيام بدورها الريادي بين دول العالم. رابعا: يدعو الاتحاد الإخوة الأقباط في مصر للوقوف مع الثورة حتى تحقّق كامل مقاصدها في الوصول إلى حكم وطني لا يمكن أن تهضم فيه حقوقهم. وهنا يشيد الاتحاد بمواقف الأقباط دائما في وقوفهم مع المشروع الوطني في السابق وخلال الثورة. خامسا: يرى الاتحاد أن مشاركة الجميع في هذه الانتخابات واجب شرعي ووطني، وأنه لا يجوز أن يقف المسلم هنا موقف الحياد لأن الحياد سيكون لمصلحة الطرف الآخر فالحياد هنا حرام حرام حرام. سادسا: ينادي الاتحاد المصريين الذين أيّدوا المرشّح المحسوب على النّظام السابق في الانتخابات السابقة أن يتّقوا اللّه ويراجعوا أنفسهم في هذا الأمر، فإن حراما عليهم أن يؤيّدوا أهل الظلم ضد أهل العدل، وأن يرجّحوا النّظام البائد الفاسد على أهل الثورة من المؤمنين الصادقين المضحّين من أجل شعوبهم، فقد أرسل الخليفة الرّاشد على بن أيّ طالب رسالة إلى وإليه الأشتر النّخعي على مصر قال فيها: ... شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، ومن تركهم في الآثام، فلا يكونن لك بطانة، فإنهم أعوان الأئمة وإخوان الظلمة.. هذا ما قاله علي في الوزراء، فما ظنّكم بمن كان وزيرا تسع سنوات ورئيسا للوزراء لنظام مبارك فكيف يجوز أن يصبح رئيساً للدولة؟ سابعا: يذكّر الاتحاد الجميع بأن الشهادة أمانة فلا يجوز كتمانها ولا يجوز منحها لمن لا يستحقها فقال سبحانه وتعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}، وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون} التوبة / 105).